التخطي إلى المحتوى الرئيسي

سعوديون يتذكّرون رموزهم ...وينقّبون في سيَرهم


آخر تحديث: الخميس، ٢٧ يوليو/ تموز ٢٠١٧ (٠١:٠٠ - بتوقيت غرينتش)جدة - عمر البدوي 

يستذكر السعوديون في كل مرة رموزهم الوطنية، يستعرضون جزءاً من تاريخهم وجهودهم، قصصهم وطرفهم ومواقفهم المختلفة، سواء في المناسبات الدورية أم عفو الخاطر بناء على ما يجول ويدور من أحداث.
تتنوّع المجالات التي يختارون منها المبرّزين والمميزين فيها، من الرياضة، إذ تبدأ اللائحة بالمدرب الوطني لكرة القدم خليل الزياني، ولا تنتهي عند حدود منظورة، أو السياسة والديبلوماسية من عميدها العربي سعود الفيصل أو فنون الإدارة وقيادة المؤسسات الضخمة التي يبرز فيها غازي القصيبي وعلي النعيمي وعبدالله الطريقي، وسوى ذلك من الفنون والإهتمامات المختلفة في الأدب والثقافة والإعلام ومضامير الأقلام، لا يبخل تاريخ السعودية بالنجوم والرموز، إذ تستجيب التجربة لكل طلب يستحثها ببذل نماذجها ورموزها.
تعاني شخصيات وطنية من ضعف تسجيل السير الذاتية لتجاربها وتحدياتها، لا سيما أن كثيراً منها كان يتقلد مناصب كبرى وواجه تحديات مختلفة، يمكن أن تجود الأيام بأضعافها، حينها يكون استحضار التجارب واستمطار المتشابهات ضرورة حل وتعامل ذكي أمام التحديات المتجددة، لكن ثقافة تسجيل التجارب متواضعة، ومثل هذه المواقف تذكر بهذا الضعف.
غير أن محاولات جادة بدأت منذ مدة لملاحقة ما تبقى، واحتفظ بها الرواة وشهود العيان وأساطين التاريخ الشفاهي، ونقلها إلى مؤلفات محققة ومدققة تحتفظ بجزء من تاريخ الرموز السعودية، في محاولة لتقديمها مجدداً إلى الأجيال الشابة والمتطلّعة للاتصال بتاريخها القريب أو البعيد.
يمتلك رئيس مركز الملك فهد الثقافي الكاتب الناشر الباحث في التاريخ المحلي وكتابة السيرة الذاتية محمد السيف، تجربة ثرية في هذا الإطار. يترأس السيف تحرير المجلة «العربية»، وساهم في عام 2010 بتأسيس «دار جداول للنشر والترجمة» في بيروت، وله مؤلفات مميزة عدة، مثل كتاب «عبدالله الطريقي: صخور النفط ورمال السياسة»، الذي كانت له أصداء واسعة بعد صدوره وأثار حراكاً مهماً في المجتمع الثقافي، وكذلك كتابه الصادر حديثاً: «ناصر المنقور: أشواك السياسة وغربة السفارة».
وتساعد الحملات التي تحتفي بالرموز الوطنية في شبكات التواصل الإجتماعي أو المناسبات الثقافية والفنية في وصل الأجيال ببعضها بعضاً، إذ تكتشف تلك الناشئة من سبقها إلى تولي المناصب الإدارية وإثراء الحراك المحلي بتجاربه المميزة وتتعرّف إليه، ما يخلق رواية محلية متماسكة للتاريخ السعودي بجوانبه الثقافية والعلمية والفنية.
خلال حملات الاحتفال الافتراضي في الشبكات الاجتماعية، الجميع يشارك، إذ تنشط الوسوم وتتوارد التغريدات وتُجمع على ريادة شخصية ما وتميّز طرحها وتجربتها، وتقدّم الأجيال الشابة قراءتها المختلفة والمميزة عبر مفاهيم الزمن الراهن وأدواته، ويسعفهم في ذلك بعض ما يُروى أو ما تحتفظ به مؤلفات رموز أو أشتات حواراتهم الصحافية والتلفزيونية.
الكاتب والصحافي فاضل العماني له تجربة شهيرة في «تويتر»، وقد التقته «الحياة» للحديث عن مبادرته. يقول إن مبادرة «رموز سعودية ملهمة» لم تكن إلا صرخة عالية في وجه النسيان والإهمال لشخصيات ورموز وأيقونات وطنية، «ساهمت في تنمية وطننا في مختلف الصعد والمستويات».
مبادرة رقمية بنكهة مشروع وطني يهدف الى ضم ١٠٠ شخصية سعودية من مختلف القطاعات والمجالات والإنجازات، وفي «تويتر» مجرد حصر لها لتكون بمثابة استفتاء وترحيب ومشاركة من سكان هذا العالم الافتراضي، لتبدأ بعد ذلك المرحلة الثانية والأهم، وهي الانتقال إلى الواقع الحقيقي الذي يستحقه هؤلاء الرموز الوطنيون الرائعون، من خلال برنامج تلفزيوني أو بين دفتي كتاب.
ولم يكن العماني يتوقّع كل هذا الاهتمام والتعاطف والمشاركة والاحتفاء «بهذه الأيقونات التي شكلت حياتنا من مكوّنات الوطن وتعبيراته». المبادرة في مراحلها الأولى، لكنها تحقق نجاحات رائعة، والرموز التي تنتظر دورها في طريقها للظهور تباعاً.
يقول العماني إن الاقتراحات الكثيرة باختيار رموز سعودية ضمن هذا الوسم محل تقدير واهتمام منه، وستكون غالبيتها ضمن هذا الوسم، ولكنه يحاول قدر الإمكان مراعاة التنوّع والتعدد.

ويضيف: «رموز سعودية ملهمة مبادرة وطنية من أجل ترسيخ ثقافة التكريم والتقدير والاهتمام بطاقات هذا الوطن وثرواته، التي ساهمت بتنميته في شتى المجالات، وأقل ما يمكن أن يعمل من أجلهم، هو تذكّرهم، وما أقوم به مجرّد جهد شخصي يمليه عليّ عشقي لهذا الوطن الرائع بتفاصيله الملهمة، خصوصاً رموزه الوطنية الفريدة. وكم أتمنى لو أن هناك من يتبنّى مثل هذه المبادرات الوطنية للوصول بها إلى المستويات التي تستحق».



الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...