التخطي إلى المحتوى الرئيسي

«الهايكنج» تدخل السعودية أخيراً.. فريق ينمو سريعاً


آخر تحديث: الإثنين، ٩ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٧ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش)جدة - عمر البدوي 

< رويداً رويداً، تنضم عادات جديدة إلى ثقافة المجتمع السعودي، ومحاولاته التماثل لنظام حياتي أكثر صحة ونشاطاً وإيجابية، ولا سيما عبر شبابه المتماسّ مع الثقافات المختلفة خارج حدود البلاد والشغوف بالاطلاع والتجربة، يساعده في ذلك الإمكانات والفرص التي تتيحها تضاريس البلاد وإمكاناتها المادية والتحتية، بما يسجل حضوراً سعودياً في كل المجالات والصعد.
تلك هي الحال مع رياضة «الهايكنج» أو المشي الجبلي، وهي رياضة ممتعة، وتتطلب لياقة بدنية جيدة، كما أن لها الكثير من الأبعاد التاريخية والتراثية والاجتماعية، وهي رياضة مليئة بالتأمل، تأمل يستوحي من البيئة والطبيعة ومن غرابة المكان، وظروف الطريق، وتحدي الصعود، بعض المغامرة؛ لذا فإن التأمل فيها أعمق، والمشاعر التي تنتاب الإنسان فيها مشاعر جديدة تتأثر بالمكان وظروفه؛ ما يجعلها رياضة فريدة وتبقى ذكرياتها زمناً طويلاً، وهي رياضة تجعل الإنسان محباً للطبيعة، وصديقاً للبيئة، فمن أسس ممارستها عدم رمي النفايات، أو الإضرار بالبيئة، كما يقول صالح الأنصاري المؤسس والمدير العام التنفيذي لمركز تعزيز الصحة. كانت هذه الرياضة تأتي بشكل مبادرات فردية واجتهادات شخصية، مثل أن يجمع فريق واحد على ممارسة الرياضة، في إجازة ما أو وقت فراغ واسع، ولكنها لم تنتظم في فريق متماسك يتبنى الرياضة بتقاليدها العالمية، قبل أن يبادر علي القحطاني ومجموعة من رفاقه إلى تأسيس «هايكنج السعودية».
وينشط الآن هذا الفريق المحلي لأحد أشهر الرياضات وأحدثها على منطقة الخليج العربي، في قطع مسافات المشي الجبلي مع مجموعة تتضاعف من المشاركين يسيرون وفق خريطة أو دليل عارف بالطريق، في مناطق بعيدة عن المدن وتتميز بالوعورة وجمال الطبيعة.
يضم فريق المملكة حالياً المئات من الأعضاء، إذ تجد الفكرة والتجربة المزيد من الاستحسان والرغبة بالانضمام إلى رحلات التسلق والسير منذ انطلاق المجموعة في 2015، إذ شارك خمسة أشخاص في بادئ الأمر، قبل أن يتزايد بصورة ملحوظة وبالتزامن في أطراف المملكة المتباعدة.
تحدثت «الحياة» إلى مكتب هايكنج السعودية للسياحة في الرياض، إذ توجد فروع للمكتب في أنحاء المملكة، كمكة ومحايل ونجران وفروع أخرى، وتتضمن أنشطة وزيارة معالم وآثار وطبيعة المملكة الجغرافية، وأنشطة رياضية في سبيل تفعيل ونشر ثقافة رياضة المشي.
واللعبة تتبع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، باعتبارها نشاطاً سياحياً وتتضمن صعود الجبال والتسلق، مع الاستمتاع بالأماكن السياحية والتاريخية، ويتم اختيار الأماكن بالاعتماد على المشاركين ومدى خبرتهم وقدراتهم.
يهدف الفريق في المقام الأول، بحسب حديث مؤسسيه، إلى أهداف وطنية وصحية وتسليط الضوء على السياحة الداخلية في جميع مناطق المملكة، في ظل الغنى السياحي والجمالي والتنوع الذي تزخر به السعودية، إضافة إلى بث روح التنافس للمحافظة على البيئة وعدم ترك أثر للمخلفات ووضعها في الأماكن المخصصة، وهي التوصيات التي تكتب على لافتات يحملها أعضاء الفريق في رحلاتهم المتعددة.
قبل كل رحلة يقوم الفريق بوضع خطة متكاملة لتنشيط فعاليات متفرقة، ويصطحب الفريق كميات كافية من الماء والطعام بحسب الحاجة، مع ضرورة التخطيط الجيد للوصول إلى المكان المناسب قبل حلول الظلام أو نفاد الماء.
وتبنى فريق هايكنج السعودية مبادرة وطنية وسياحية في رحلة سير طويلة لرفع العلم السعودي على أعلى قمة على مستوى السعودية في سودة عسير جنوب المملكة.
ووصل الفريق إلى مدينة أبها من جميع مناطق المملكة بقيادة مؤسس الفريق المهندس علي مبارك القحطاني، وبمشاركة 38 مشاركاً من جميع مناطق المملكة، وكان علي ذو السبع سنوات أصغر المشاركين، بينما بلغ عمر أكبر مشارك «ابن حريد» 62 عاماً، وسلك فريق «الهايكنج» مساراً جبلياً يبلغ طوله نحو 7 كيلومترات متنوعة التضاريس والأشجار.
ولعل الرياضة التي استقطبها القحطاني ورفاقه من خارج السعودية، حافظت عليها الجنسيات الغربية القاطنة في البلاد، إذ تعتبر واحدة من الأنشطة التي تقوم بها الجاليات الأجنبية أسبوعياً، والمشي لمسافات طويلة على الجبال خارج حدود الرياض.
فرق «الرحالة» الذين ينتمون لجنسيات مختلفة، معظمهم من البريطانيين والأميركيين والألمان، وبعض الكنديين وقليل من العرب، يجدون في المشي لمسافات طويلة فوق الجبال متنفساً لهم. فمنذ 20 عاماً مضت، بدأ غير السعوديين الذين يعملون في سفارات بلدانهم أو في الشركات التجارية المختلفة، بتأسيس مجموعات الـ«هايكنج» التي تلتقي وتتفق داخل «الكمباوندات السكنية» لإعداد جداول رحلاتهم ومهمات أعضاء الفرق في فترة ما بعد الظهيرة من يوم (الجمعة) متوجهين بسياراتهم ذات الدفع الرباعي إلى خارج مدينة الرياض (نحو ساعة من السير) ليستقروا بعدها في منطقة تكون حول الأرياف أو القرى القريبة من مدينة الرياض المشاركة، حيث تبدأ رحلة الانطلاق غالباً.



الرابط :



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...