التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من أبريل, ٢٠١٢

قلب متثلج

لماذا أصبحت جلساتنا ثلجية ؟ يقسو علينا فيها البرد فيجمد المشاعر والأحاديث ولمحات العيون ، لم تعد أحاديثنا بذات الحرارة التي أعرف ، وجداناتنا أصبحت فاترة لا تثيرها كلمة حب ولا تبعث فيها أنفاس المساءات الجميلة أي حياة . كل القصص التي تحدثني عنها لا تثير لي أي شعور ، من قبل كانت حتى قصصنا التافهة ممتعة ومضحكة ومبهجة ، أما اليوم فلا يعود منها يثير اهتماماً ولا يلفت انتباهاً . هل هو " الملل " شيطان الحب المتربص ؟ أم " الإلف " عدو الحب اللدود ؟ أم الوصل وفوات الشوق ؟ هو المسؤول عن كل هذا ، والجاني على قلوبنا المتشبعة ، المتسمنة ، المترعة بالليالي الفائتة . لم يكن أبداً الشك ، لقد كان ملح علاقتنا ، لقد كان يغسل قلوبنا ويجددها كل حين ، لا يمكن أن أتهم من كان له الفضل في سماعي تلك الكلمات الصادقة من فمك العذب " لم أكن أعرف أنك تخاف عليّ إلى هذا الحد " . حضنك الدافئ أصبح بارداً مملولاً ، يدك الحانية غدت متخشبة ، بريق عينيك المجلوتين جف ، لسانك الرطب بالكلمات العفوية استل عن عبارات غير محسوبة ، شفتيك الورديتين التي تنافس قبلات جولي أصبحت شاحبة وكادت ت

ماذا تريدون منا أيها الأوباش ؟

أشعر بالقلق تجاه الأشخاص الذي يوزعون الأحقاد في كل مكان ، إنهم يجعلون الحياة مكاناً لا يطاق ، يجعلونها جنة بلا ناس ولا تداس ، لقد حولوا الحقد إلى صناعة ، يبدو أن الشيطان الأكبر قدم إجازة بدون مرتب ، وبدون أجل كذلك ! وبالمعيّة أصبح شياطين الجن يعانون من ارتفاع معدلات البطالة ، أما أزمة السكن فقد انتهت بشكل عبقري ، أصبحوا يسكنون في قلوب البشر ، آه .. إنهم أبالسة وليسوا بشراً ، أشرار جهنميون يحملون قلوباً أغلظ من أتباع هولاكو ومكراً فاسداً أقدر من مخاتلات الثعالب ومراوغاتها . مساكين أولئك الذين يواجهون معركة التصحيح ، شتات الضعفاء الذين يحاولون تجميل مداخل هذا الكون وإضاءة أزقته البائسة ، المتدينون والمغنون والصالحون والمعلمون وحتى عمال البلدية الذين يعملون على تنظيف الشوارع وقد انتشرت فيها رائحة الحقد مثل رائحة فرج بغيّ متعفن .

طفل عاقل بما يكفي !

اسمع يا هذا ، أنا معجب بشخصك ، كيف تتحملني إلى هذه الدرجة ، كيف تتقبل تصرفاتي الصبيانية الغبية . كل الناس تعرف أنك لن تزعل مني أبداً ، لن ( تحمل في خاطرك ) ولو فعلت بك الأفاعيل ، أسمعهم يتحدثون دائماً أنك ربما تقاطع كل خلق الله الذين يدبون على الأرض إلا رجل واحد ولو تدخّل المستحيل بعينه ، ذلك الشخص هو " أنا " . يا للسعادة الغامرة التي تحاصرني ، بل تقفز بي إلى حيث لا يرى مخلوق ذلك ، كيف يرون مثل هذا ؟ يحتاجون إلى طاقة قلبية ومضخة عاطفية مهيبة حتى يصلون إلى سماء النشوة الألف والانطلاق من أرضه الواحدة . حتى تعرف ! أنا أشعر بهذا التقدير ، بهذا التبجيل ، بهذا الاهتمام ، ولكن ليس إلى الدرجة التي يتحدثون عنها.  إنهم يبالغون بالتأكيد ،،، لأنهم بلهاء ، عقولهم تقف عند قامة أنوفهم الفطساء ، التي لا يصل مداها عادة بنانة طفل رضيع ، يبدو أن شغفهم ، عطشهم ، حاجتهم المقدعة ، تخيّل إليهم شيئاً من ذلك . إنهم لا يعرفون أن الإنسان لا يدوم له حال ، وأفراح الروح لا تعيش طويلاً عمرها أقصر من ذاكرة ذبابة ، أو عمر فقاعة صابونية ما تلبث أن تفارق الحياة عند أول انفجار سخيف . ل

إهمال العقل

يبلى أو يخلق أو يضمر هذا العقل إذا أنت أهملته ، يتعطل ولا يعود يعمل إذا ما شغّلته ، مثل ماء إذا ركد أسِن وآلة إذا تركتها لحقها الصدأ ، مثل جرح إذا تركته تجرثم ومثل بئر إذا تجاهلته انردم وبيت خرِب إذا لم ترممه انهدم . مثل أي شيء يضيق ذرعاً إذا أسلمته للتجاهل ، بل أبعد من ذلك وأنكى ، أعظم من هذا وأشقى .  من الذي لا يستفيد من ثمرات عقله إلا خائب ؟ ومن الذي لا ينتفع من فيوض آلة ذكائه إلا محروم ؟ أنت إنسان أبرع من أن تكون تابعاً لمخلوق ، أو خاضعاً لأغيار يتاجرون بالحقائق ويبتاعون الزيف ، وأنت رجل مؤمن مشدود بحبل اليقين باتجاه ملكوت السماء ، لا تسجد جبهتك الطاهرة لغير إلهك الفرد الأوحد ، الذي منحك الحرية والاستقلال ، ومكّنك في الأرض ، وجعلك خليفته الفذّة ، معبوديتك حرية ، واستسلامك انعتاق من قبضة أهوائك وأصنامك وضلالاتك ، وانسياب في هذا الكون المتجه بكليّته إلى الفضاء والسماء والفناء . حقيق بك ألا تبيع عقلك لزيف النخبة ، وألا تؤجر ممتلكاتك بثمن بخس ، ولا تقتطع من فضاءاتك لمستثمر نصّاب . اختر من الحق ما يشهد لنفسه بالصدقية ، وانغمس في اليقين الذي يلهمك ، وانبعث مع الحقيقة المظلومة و

ليلة مطر

هذه الأرض تتلوى من شدة الفقد ، عاشت ملايين السنوات وهي تنتظر كل موعد سانح للالتقاء مع السماء ، كل عمرها قضته وهي ترقب زوايا هذه السجادة الزرقاء عسى أن يحين موعد للوصال . تبدد الشمس المكتظة بالحقد الأصفر كل أمل في موعد ، تأتي السحب مثل سراب لتحيي الأرض الموات شوقاً ثم ما تلبث تكشف عن هويتها الصيفية وتنقشع بكل استخفاف . تستنجد الأرض اليباس بصديقها البحر لترسل أشواقه المبخرة إلى عنان السماء  ، يتبنى البحر الطيب المشفق مهمة التحفيز ، يخاطب جبروت عليائها باستعطاف ، ويتحين فرصة للشفقة ، ثم يعرب الرعد عن نيته في اللقاء وتبرق عيني السماء بالموافقة والإيجاب . تشتعل شهوة الأرض الجاذبية ، تتشوف لهذا الموعد المرتقب ، تتعطش دوابها وترابها وإنسانها لقطرة مطرها المنثال بغزارة . تلك القفار المجدبة لم تعد سيرتها الأولى متجهمة متلظية ، تبللت مثل فستان عروس في ليلة دخلتها الأولى ، النفوس العطاش ارتوت بمعين دافق ولانت أصلابها المتعبة . سكن هياج الأرض المغتسلة بالطهر ، وتبدت خضرة الأرض في وجنتيها الخجلتين ، وسالت أودية بقدرها من مآقيها المبتهجة وعيونها المنفرجة . وأبدت الشمس عن اعتذارها ، وغفت بعض

طفولة لا تشيخ !

أعيش أغلب أوقاتي " كطفل " ، تجدني أجري ، ألعب ، أقفز ، أشاغب ، أستطلع ، أستملح . يهمني كثيراً أن أزيد من مدة الطفولة ، وإذا أجبرني موقف على صنيعة الكبار فعلت ، ثم أرتد إلى طفولتي المتصنعة مسرعاً فرحاً . أختفي عن أنظار هذا المجتمع القاسي ، لأنه لا يعرف بعقل العرف ولا العلم تفسيراً لحالي سوى " تافه ، سخيف ، مخروم المروءة ، فاسد ، وربما شاذ منحرف " . وسوى هذه التعبيرات البذيئة لا يعرف مخرجاً باتجاه البساطة والعفوية وحب الدنيا بأكثر معانيها براءة وسذاجة وحلاوة . ألا ترى جحافل الرجال المزيفين ، خطوط الشعر اليابس تقفز أدنى الأنوف ، وأسفل منه لا تجد سوى ذلك الفاه المتدلي إلى أسفل - مغضباً - بينما تعبيرات الجدية والانهماك في عظائم الأمور تشد بقايا الملامح بقسوة . إذا صافحته يكاد يقضم أصابعك أو يحرف مفاصلك عن مواضعها ، ويغمرك بمقطوعات مكرورة ثقيلة من التراحيب التي يقولها أكثر من أوراد الصلاة ، بينما تضطرم في صدره عشرات التناقضات من المشاعر . مرة حلف اثنان على أمر ما ، وطفق أحدهما يكرر ( تراني طلقت ) بينما تقف زوجته باضطراب خلفه ، وابنه بين يديها يشعر لوهلة أن