التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر, ٢٠١١

لماذا نموت ؟

نموت من أجل الحساب ، فلا يعقل أن تحدث هذه المظالم في أرض الدنيا فيموت الجلادون ولا ينتهون إلى عدالة الله المطلقة ويعرضون على مقصلة الحساب ، نموت ليأخذ كل عامل جزاءه ، لأجل أن ترتهن كل يد بما كسبت وتزر كل وازرة وزرها . نموت لأن فرصتنا انتهت ، ولأجل أننا نعيش هذه الحياة مرة واحدة ، فإما كيس أخذها بحقها وسار فيها خير سيرة فيجزاه الجزاء الأوفى ، أو خامل فاشل غير موفق فيلقى شر فعاله وسوء أعماله ونهاية مكره وشره . نموت لأن مقعدنا من الحياة اضطر له شخص آخر ، فالأرزاق مقسومة والله غني لا يحتاج معيناً ولا نصيراً قادر لا يضطر ولا يعنته شيء ، ولكنه - سبحانه - أجرى هذه الحياة الواسعة على الضيق والإبدال والترتيب والتناوب . نموت لأن القدرة الحياتية فينا قد انطفت ، لقد أعطبها المرض أو فتك بها القدر أو لطف بها الله ، المهم أن الجسد تداعى وانهار وخسر مخزون طاقته وانعدم تماماً عن القدرة على الحياة ، فتوقف القلب وانشلت الأعضاء وتجمد الدم وسرت البرودة في الأطراف وشخص البصر للسماء وأرسلت الروح إلى بارئها فإما سعيدة فتنعم وإما شقية فتندم . لقد أدرك الشيطان تعلق الإنسان بالحياة وكراهيته للموت

السميط .. درس المبادرة

أفضل مقالة راقت لي عند وفاة العبقري التكنولوجي ستيف جوبز كانت للصحفي علي الموسى من جريدة الوطن ، واختار قيمة " الفرد " عندما يكون إضافة للإنسانية جمعاء مدخلاً لحديثه . وفي ظل الفردية المسحوقة في عالمنا العربي إلا شخوص الحكّام الذين يختصرون كل معاني العظمة والبراعة في ذواتهم العظيمة - والله المستعان - . في ظل هذا الطحن السياسي يبزغ نجم الفردية من ثنايا سيرة الدكتور عبد الرحمن السميط ، رجل المبادرة الفذ ، الذي يوزن جهده في خدمة الإسلام بمجموع الأمم العربية والإسلامية . شعرنا بهول وفاة ستيف جوبز لأنه في أمة تقدر عظماءها ، الآن يمرض واحد من عظماء أمتنا " السميط " ويبقى الخبر طيّ تويتر ، ولا تحرّك امبراطوريات الإعلام أي ساكن ذلك لأن مشروعه لا يتوافق مع شخصيتها المتحضرة ورسالتها الإنسانية الراقية . ولعمري أن السميط قام بأعظم منجز في حق البشرية ، عندما يقدم للملايين هداية السماء ويأخذ بيدها إلى عتبات الله ويضيء للنفوس طريقها وللقلوب نشديها وللحياة بريقها . أعظم الوفاء للسميط ، أن نكمل المشوار الذي كاد يتمه ، لولا أن الأعمار أقصر من الآمال ، بئست الأمة إذاً إن لم

في معنى " أن تكتب " ؟

عندما تكتب فأنت تمارس فعلاً حضارياً ، وتقوم بوظيفة إنسانية راقية ، تحول أفكارك إلى نصوص فاعلة ومشاعرك إلى نهر جاري من الكلمات ، إنك لا تجمد مشاعرك ولا تصب أفكارك صباً ولكنك تبعث فيها الروح وترسلها إلى عالم الحياة والوجود . إنك تصنع تاريخك بحبر قلمك ، وتحيل حياتك إلى ملحمة تختصر الجيل الذي تعيشه ، تحول مواقفك البسيطة إلى دروس عظيمة للإنسان إذا ما تحولت إلى أساطير أدبية بفعل الزمن والتقادم . ستكون واثقاً حال وفاتك أنك تركت مجموع وصيتك الأبدية فيما تفرق من نثار كتاباتك وشذرات قلمك ، إنك اخترت البقاء على الفناء عندما امتد حبر قلمك على سطور الخلود الثقافي . إنك حالما تكتب تطوي الكون قرطاساً بين يديك وقلمك الذي لا ينكسر وكأنه حبر من إرادة ومداد من صنائع قدر لا يتراجع ، بينما هذه العقول التي تستلهم كلماتك تغترف من معينك الذي لا ينضب ونبعك الذي لا يجف ولا يكف . " أن تجيد الكتابة " شيء آخر ، فهي إخضاع قسري لقلمك أن يلتزم شروط البلاغة ومستلزمات الفن الكتابي والإملائي وذلك واجب في شرع النحاة القساة الغلاظ . ولكن أن تكتب حراً مطلقاً غير مقيد فذلك أن تخرج عن نصك ولا تكبله

تداعي الفناء

" الغياب الصامت " صبيحة عيد الأضحى المبارك وكالعادة أتلقى رسائل التهنئة القصيرة على هاتفي الجوال ، ولكن اسم واحد من أفضل الأصدقاء يغيب هذه المرة ، منذ خمس سنوات كان المبادر إلى هذا الفعل الحسن . وللحظة تذكرت أنه لم يعد من عداد المشّائين على الأرض حيث وافته المنية وغادر إلى ملاقاة ملائكة السؤال البدهي ، وشعرت حينها أنه في حاجة إلى رسالة نصها " رحمك الله وتغمدك بواسع رحمته " ولكن المستقبل هذه المرة عند من نرجو رحمته ونخاف عقابه . كان اتصالاً غريباً في منتصف الليل ... المتصل : عمر ، والله إني أحبك وكم يؤلمني افتراقنا بسبب ظروف الدراسة . عمر : ..... ( لم يحر جواباً والتزم الصمت ) . بعدها بشهور قليلة كان يتصل كثيراً ويلحّ في مقابلتي ولكن تواجدي الدائم في جدة كان يحول دون ذلك . وفجأة وصلني خبر وفاة عبده سنان الخالدي ، ودفن معه السر الذي كان يخفيه اللقاء المرتقب ، ولكنني على يقين أنك وفيّ بوعدك يا عبده ولو بعد حين . " انقباض القلب " انحباس في التنفس وشرود في الذهن وعينان تغرورقان في دمعها وانقباض في القلب ، بفعل الخوف الذي يساورني . إذ بدى و

بأعضاء مشلولة !

لا يكفي لنبشر بديننا أن فيه أفراحاً للأرواح !! إن العقول تحب أن تصدق الواقع وهي رسل الايمان ، وتريد أن تجد مادة ملموسة تبين بوضوح وتجرد أن مبادئ هذا الدين مجدية وليست عبثية ، تتحول إلى واقع عملي وأثر فعلي في صفحة الحياة وعلى وجه الأرض . علينا أن نبني دنيا مميزة وماكينات متطورة وتقنيات حديثة وصناعات ثقيلة وتكنولوجيا مبهرة ، ولا نظلم الروح ولا نشقي القلب باللهث وراء المادة ، ولكن الحضارة طائر جناحاه من روح ومادة . وماذا ينفع إذا كانت الروح تسلم من الشقاء ، والنفس تغنم حياة سعيدة وهانئة بينما يتعذب الجسد بالجوع والكد والنكد ؟! لا تؤمن النفوس بالأديان التي لا تدفع أصحابها الى بناء الدنيا وعمارتها ، ولا تحب أن تتبع شريعة لا توظفهم في تصنيع الرفاه وتشبع نهمتهم المادية وشهوتهم في تسخير المادة وتملّكها . إننا نسيء إلى الاسلام عندما ندعو الغرب المكتفي بصناعاته والباذخ برفاهه ، ندعوه إلى اعتناق دين يعيش أغلب أهله في حياة دنيوية تعيسة .. ثم نقول لهم أن الله يدخر لنا حياة آخرة أفضل - ونعم بالله - . وماذا أصنع في هذه الدنيا ؟ أريد أن أعيشها باستمتاع ؟ أو على الأقل بكرامة بل أدنى حظ منها ؟ أ

لماذا تأخرت سوريا ؟

كعادة السياسيين يبقى الشعب العربي هو الأهمية ذات الترتيب المنخفض ، إذ يموت الشعب ويتعرض لأبشع أنواع الإبادة والتعذيب بانتظار الحسم السياسي للقضية السورية في مطابخ دولية وإقليمية . أهم مشكلة تواجهها الثورة السورية أن الحسم مرتهن بما هو خارج حدود الوطن ولا يمكن حسم الثورة من الداخل كما هو حادث في تونس ومصر وليبيا ، في ظل وجود معارضة هشة تواجه تحديات الاختلاف والتباينات الفجة . الشعب لا يملك سوى المظاهرات السلمية التي لا تصل إلى القدرة التغييرية اللازمة بفعل التشديد العسكري في أنحاء البلاد ، وفرصة التسليح ضيقة وصعبة والجيش السوري الحر لا يملك إمكانية كسب الموقف على الأرض بالنظر إلى الإمكانيات . إيران انحازت لمصالحها هذه المرة وشعرت بالخطر على نطاقها الإقليمي وهي تستجدي كل الأساليب المشروعة واللاأخلاقية لإيجاد خيار ينافس إزاحة نظام بشار لأنه خسارة عظيمة في حسابات الملالي الفارسية . إسرائيل ومن بعدها أمريكا وأوروبا يختلف عندها الأمر عندما يتعلق بسوريا إذ تقع على تخومها المباشرة ، وبالتالي تحتاج اسرائيل لتطمينات مقنعة تتعلق بالبديل لتحريك الغرب ضد سوريا ، لأن بشار رغم بروبغاندا المقاومة

صفحة من العمر

الذي يقول أن العام الماضي الذي لفظ أنفاسه قبل ساعات كان كمثل غيره فهو مخطئ تماماً ، إذ لا يغيب عن بال مخلوق أن هذا العام اعتبر مرحلة مفصلية من تاريخ هذه الأمة ذلك لأنها تنشقت بعض هواء الحرية بعد طول غياب . هذا على الصعيد الأوسع ويبقى السؤال الوجودي يطن في أذن كل شخص : كيف كان حاله في العام الماضي ؟ وهل يعتبر إضافة في رصيد معارفه وإنجازاته ؟ أو مرحلة مفصلية في تاريخ حياته الخاصة ؟ أم أنه انقضى كسائر أعوامه لم يتقدم ولم يتأخر ولا يلوي أن يعقد العزم على التغيير . أكثر ما يميز الأيام أنها تجري وتتصرم سراعاً دشون أن يشعر بها الإنسان ، وفي المقابل يعتبر التغيير ممارسة شديدة البطؤ ، وهذا يعني معادلة صعبة في سبيل تحقيق الذات إذ تجمع طرفين متناقضين تماماً إلا على النفوس العظيمة التي تعبت في مرادها الأجسام . اشتغل الناس بالتهاني مطلع هذا العام الهجري وتناسوا عن كسل المسؤولية الأعظم لمثل هذه المناسبات وهي " المحاسبة " التي تضمن للفرد أن يضبط سير حياته ويأخذ بها إلى الرشد والإنجاز والمعالي كمطالب نبيلة تتساوق مع ما ينبغي أن يكون عليه الإنسان وما أراده الله له كخليفة ومكلف كريم . إن