التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر, ٢٠١٤

أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف

أرسل ملك الفرس رسولاً إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلما دخل المدينة سأل أهلها : أين ملككم؟ فأجابوه: ليس لدينا ملك بل لنا أمير ، وقد ذهب إلى ظاهر المدينة . فذهب الرسول في طلب عمر - رضي الله عنه - فرآه نائماً في الشمس على الأرض فوق الرمل وقد وضع عصاه كالوسادة والعرق يتصبب من جبينه . فلما رآه على هذه الحالة وقع الخشوع في قلبه وقال : رجل تهابه جميع الملوك وتكون هذه حاله !! ولكنك عَدَلت فأمِنْت فنِمْت يا عمر .. وقد أسلم رسول ملك الفرس بعد ذلك . يفترض بالمسارات الديمقراطية المدنية تقليص الحضور العسكري وليس مفاقمته لأنها تحقق التوافق والتراضي الذي يحفظ دماء الأطراف، ويضمن مستقبل البلاد، ويحقق الاستقرار . ويمكن أن تزيد حدة التواجد العسكري في بلاد التوافق المدني خلال حالات طارئة مثل الخطر الخارجي الداهم ، أما حالات الاستقطاب الداخلي فلا ترقى إلى مستوى العسكرة القصوى إلا إذا كانت العملية الديمقراطية مختلة بالأساس أو صورية منزوعة من جوهرها . في البلدان السلطوية والشمولية يبدو مألوفاً الاحتشاد العسكري بالبدلات الحربية المموهة ، ستجدهم أرتالاً في الملاعب والمسابقات والشوارع و

تصادم السرعات

«الإمارات مثل (بيضة كندر): كل يوم مفاجأة، واحنا مثل بسكوت (أبو ولد) صامد سنين، حتى الكرتون ما تغير..... التشبيه يقتل» رسالة بلاك بيري. كان يوماً سعيداً لا يتكرر عندما ارتفع رنين الهاتف مجلجلا في منزلنا، كان عمال شركة الاتصالات يعملون بدأب في شوارع قريتي الجنوبية لتمديد أسلاك الهاتف إلى المنازل، كان الأهالي يشعرون بنشوة التحضر، يشكرون هذه الخطوة التنموية المتقدمة، كانوا يحتفلون كثيرا بعمال الاتصالات ويوزعون عليهم أكواب الماء وربما فتحوا لهم الأبواب لتناول الغداء سوية. للمرة الأولى أعرف أن للهاتف (حرارة) تسري في عروقه وكيابله لتمد هذا الجهاز العجيب بالحياة وتغذيه بأسباب العمل، يا الله، إنه بوابتك إلى العالم، وصلتك بالخارج، اليوم أصبح متاحا أن أهاتف أصدقائي في كل وقت، أن أتحدث إلى إخوتي المغتربين لأغراض العمل، أن أتحسس وجودهم بقربي عبر أثير الهاتف. ها هو أخي (محمد) يدخل المنزل وهو يحمل قطع جهاز الكمبيوتر المكتبي، سمعت أنه هدية من صديقه (مشعل) الذي أصبح دكتورا فيما بعد، لا يهم، الآن سنجرب الاحتكاك بالانترنت، وسنتعرف على هذه الشبكة العجيبة، سنمتلك فرصة للتميز على أقراننا، سيتسنى ل

استفزاز الليبرالية في الواقع السعودي

تبدو لفظة " العلمانية " وكذا " الليبرالية " مستفزة للمثقف السعودي المحافظ ، وأكثر استفزازاً للرجل العادي ، إذ تنسدل في ذهنه كل التعبيرات والتفسيرات المزعجة التي تتسبب فيها هاتين اللفظتين . عقود من الترويع والتشنيع على كل ما يمس أو تنطوي عليه العلمانية والليبرالية ما زالت جاثمة على تفكير الفرد السعودي ، سواء من كان على درجة من الوعي أو الآخر الذي يرتاح إلى رأي غيره . مجتمع يعاني غالب أهله من ضعف القدرة على فهم هذه المصطلحات الشائكة وإصدار الحكم عليها ، بفعل تواضع استعداده العلمي أو نتيجة التبعية المطلقة لرموزه الأيديولوجيين والاطمئنان إلى أحكامهم حول المصطلحات ومضامينها ، حتى لو كانت تلك الأحكام عمومية ومتهافتة ، ما يهم حسب عاداته العلمية البسيطة أن يقول بها رجل ملتحي يظهر عليه سمت الصلاح والتقى . في ظل هذا التعامل المنحاز مع المصطلحات تعاني بعض المضامين الناضجة من الاستبعاد رغم صلاحيتها بحجة أن لها اتصالاً بمصطلحات مستفزة ، حتى أنه يمكن رفض الأدوات والآليات المحضة فقط لأن الآخر سبق إليها وكأنها أصبحت ملكاً له وحكراً عليه ، سيطرة الأحكام التعميمية المضللة ي

هل كان (الإسلام السياسي) اختيارًا انفعاليًا؟

بالنظر إلى نتائج الانتخابات التشريعية في تونس وتراجع حظوظ حركة النهضة في صدارة الصندوق الانتخابي، هل يمكن القول إن تيار الإسلام السياسي يتراجع حضوره بالفعل في واقع العرب السياسي؟ تراجع حظوظ حركة النهضة في الانتخابات التونسية الأخيرة هو أول اختبار حر ونزيه يكشف عن تموضع حركات الإسلام السياسي في راهن العرب، إذ عانى الإسلام السياسي قبل وبعد الثورات العربية التي انفجرت في عدد من الدول العربية من حالات الإقصاء والتنكيل، كان آخرها ما حلّ بجماعة الإخوان المسلمين في مصر بعد إسقاط حكومة محمد مرسي واعتلاء قائد الجيش عبد الفتاح السيسي سدة رئاسة مصر بعد انتخابات لم ينافسه فيها سوى الناصري حمدين صباحي الذي كان يحمل معه اعترافًا بخسارته قبل خوضه غمار الانتخابات. هذا الإقصاء تجسد كذلك في حالة الثورة المضادة التي جاءت خصيمًا لحركات الإسلام السياسي أكثر منها نصيرًا للفلول أو رغبة في استعادتهم لمقاليد البلاد التي خسروها بعد عقود من الحكم المرتبك. ثورة مضادة تشتعل حربًا في ليبيا بين قوات اللواء المتقاعد حفتر وبين تشكيلات من الثوار ترتبط غالبًا بتيار الإسلام السياسي، وأخرى في اليمن يديرها حلف

البحث عن العقل السعودي

يتوجب مكاشفة واقع المعطيات والسمات التي تعطي استقلال العقلية السعودية بوصفها شخصية اعتبارية تعبر عن حالة وجودية منفردة لهذا المجتمع. العرب عمر علي البدوي [نُشر في 22/11/2014، العدد: 9746، ص(9)] هل هناك ما يدعو إلى البحث عن “العقل السعودي”، وهل من المنطق الحديث عن عقل سعودي مستقل؟ وهل يرقى استقلاله ومعطياته إلى درجة تحرض على دراسته والتنقيب عن تكويناته وأدوائه؟ وابتكار الأساليب المؤثرة في معالجته وإصلاحه بعد القبض على تفاصيله المتينة وأعماقه الدفينة. العقل المخصص بقوميته السعودية ينتمي إلى “جغرافيا سياسية ناجزة” ويتلقى نمطاً مختلفاً من نظام التنشئة والتوجيه والهوية السياسية، ويتمتع بدرجة “أكثر تسلفاً من الدين”، ويحمل بالاستناد إلى ذلك تصوراته الخاصة حول المعاني السياسية والثقافية التي تنشط في مجاله المحلي والإقليمي والدولي. هذه التصورات تنتجها آلياته الخاضعة لرؤاه الدينية والسياسية وتحكم فضاءه العام وتتصرف في برامج التوجيه والتعليم التي يتعرض لها العقل السعودي منفردا ومجتمعا. السعودي عربي وإسلامي أولا، وهو يحمل نفس الألم والأمل الذي يخامر كل مسلم وعربي، ولكنه لا ينفصل عن مح

أبكر وكعبول

عنوان المقال عبارة عن لقبان يعود كل واحد منهما إلى موهبة كروية غاية في الإبهار ، لا يسعك وأنت تشاهد واحداً منهما إلا أن تنهمر بالتصفيق وتتلو معلقات الإعجاب . محمد أبكر أو محمداني ، وحسن الصحبي أو كعبول ، هما اثنان من أفذ مواهب محافظة القنفذة ، لم يتجاوزا الثامنة عشر من عمرهما ويمتلكان إمكانات لاعب شبه جاهز للنجومية . ستكون ممتناً لكل موهبة منهما بعد كل مباراة يلعبانها ، لأنك ستشعر بالمتعة والإشباع ، فكل واحد منهما يلعب بفكرتين أو قوتين ، واحدة للحسم ومن أجل الفوز ، والأخرى للمتعة والذوق ، وقليلاً ما تجد لاعباً يملك هذه الطريقة الفريدة والمتناغمة في ملامسة الكرة . كل هذا لا يشكل قيمة إذا كانت هذه الموهبة محبوسة في المستطيلات الترابية ، قابعة في كرة الحواري المتواضعة ولا تملك فرصتها للظهور إلى النور . المنطق يقول أنه لا يمكن لأندية دوري المحترفين السعودي أن تستوعب جميع مواهب المملكة ، فالبلد يزخر بالمواهب التي تذبل قبل أن تحصل على فرصتها ، وتحميل الأندية الكبار فوق طاقتها لا يحل المشكلة . ولكن زيادة شعبية منافسات أندية الدرجات والأولمبي تساعد في الاستيعاب المبكر للمو

ليست مؤامرة

عمر علي البدوي «اللي يقول إن الفيبر برنامج يهودي، يعني على أساس أن الواتس اب اخترعوه أهل السنة والجماعة» رسالة بلاك بيري. المؤامرة متلازمة عربية مقيتة، تكاد تجزم أن كل عربي يرضعها مع حليب أمه ثم لا تفطمه عنها حتى يعود إلى أرذل العمر، كل شيء في حياة العربي تقع مسؤوليته على الآخرين، حتى إخفاق ابنه الهامل الخامل الذي يقضي ليله في السهر والمعاكسات المدفونة تحت غطاء النوم، يعود السبب في ذلك إلى دولة إسرائيل الصهيونية الغاصبة التي تؤلبه على والده وتحرضه على إهمال دراسته. كل شيء في هذه البلاد العربية لا بد أن يمر عبر بوابات ونقاط تفتيش تشبه تلك التي تنصبها إسرائيل لتضييق الحياة على الفلسطينيين، وكل تقنية حديثة أو اكتشاف جديد لا بد أن يحصل على حق اللجوء وبراءة استخدام في الوطن العربي، وعليه أن يتحمل بعد ذلك مسؤولية التهم والتورط في مخططات العدو فقط لأنه صنع في غير هذه البلاد التي لا تصنع سوى القنابل الكلامية وعلب الفراغ. هكذا يستنزف العرب مزيدا من الوقت للتشكيك في النوايا الدفينة وراء اختراع هذه المنتجات الحديثة التي تسهم في تسريع عملية إنتاج الأفراد والأمم وتساعد في التخفيف من أعب

الواقعية تهزم الهلال

لم تمر مباراة نهائي كأس أبطال آسيا مرور الكرام ، لم تمر قبل أن تتموضع في صدر الحراك الاجتماعي المحلي بكل تلوناته ، بوصفها حدثاً يتجاوز مجرد مباراة لكرة القدم إلى صورة أخرى ضبابية ولكنها تستفز التفكير العميق والمراجعة الدقيقة ، تدعونا لتحسس تصوراتنا وتناولنا للمناسبات خارج إطارها الطبيعي والعفوي إلى مساحات من التشابك غير المفهوم أحياناً . قبل المباراة بكثير كان الهلال يستخدم كل الوسائل التقليدية وغير التقليدية للحصول على الحلم المستغلق على دولاب إنجازاته ، الدعاء والصدقة والمال والإعلام والوطنية والدين واستمطار الحظ والأيدولوجيا كلها يممت وجهها شطر الآسيوية ، حتى الخصومات الشخصية والحسابات المترمدة استيقظت وسط هذا الصخب الهستيري وانخرطت فيه . سيدني وبكل هدوء ، جاء محملاً بأقل الأسلحة فتكاً ولكنه أكثر عملية من غيره ، جاء متدرعاً بأقل الأدوات ضجيجاً ولكنه أجدى فاعلية ، لعب مباراة الإياب وعلى بعد خطوات من الفوز بطريقة دفاعية بحتة ، سجل أجلى صور الانهزام الشكلاني ، ولكنه قبض على الهدف ، وسيتذكره التاريخ بطلاً لآسيا وسينسى أنه كان خائراً ومتقوقعاً في مرماه . الهلال وظف كل شيء ونسي ال