التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من فبراير, ٢٠١٥

الكاسيت: الشفاهية الضحلة

الخطاب المنبري الوعظي الذي كثفت الصحوة من استخدامه يتحرك في الأرض منزوعا من واقعيته، يستفز النموذج المثالي المنشود ويحفز الجماهير على ملاحقته ومطابقته. العرب عمر علي البدوي [نُشر في 27/02/2015، العدد: 9841، ص(9)] كانت “الصحوة” أيام ذروتها في السعودية تستخدم كل الوسائط المتاحة لتصل رسالتها إلى قطاعات شعبية أوسع، وكانت المحاضرات الجماهيرية المفتوحة وأشرطة الكاسيت تغزو المحلات والبيوت والمركبات، تحمل في طيّاتها رسالة الصحوة المكتنزة بكل أنواع الإثارة والتشجيع والتحريض على “التقوى”. اليوم أصبح واضحا انحسار الفعاليات الدعوية الجماهيرية، انخفض حماس الناس لحضور المحاضرات، كما أن منصات التواصل الافتراضي وتسارع المنتجات التقنية سحبا البساط من تأثير الكاسيتات، بل لحق التطور خطاب الصحوة نفسه الذي اشتغل على توظيف الشبكات العنكبوتية لتجديد قبضته على قطاعاته الشعبية. حتى قنوات الفضاء جاءت فتحا على الصحوة بعد عقود من الهجوم، وسارعت إلى إطلاق محطة فضائية ملتزمة بالحدود الدينية للعمل الإعلامي، وما زالت القناة منذ أكثر من عشر سنوات تحافظ على نمطها التقليدي، رغم تراجع شعبيتها وتسامح المجتمع

طقطقة

يبدو شائعاً ومع الأسف الشديد معادلة أن تشجع فريقك انطلاقاً من بغضك لفريق آخر ، ذلك التشجيع الذي يعنى بالخصومة أكثر من الانتماء ، ويركز على المنافس ويبعد عن الكيان الأصيل ، وقتئذ يكون تفسير كل شيء مقلوباً ، والمشاعر معكوسة تماماً . وهذا لا يعني ثنائية التشجيع الشهيرة والتي تأتي في شكل ( كلاسيكو ) يجمع أقطاب الفرق الكبار أو ( ديربي ) يجمع فريقي المدينة الواحدة ، ولكنه تشجيع يكون فيه هزيمة الآخر ألذ عند صاحبه من فوز فريقه ، والشماتة بالآخر و " الطقطقة " على نتائجه تغلب على عنايتك حال الفريق الذي تواليه فائزاً كان أو خاسراً . شكل من انحياز المعاني إلى خاناتها الخاطئة ، حالة من التشجيع التي تخصم من رصيد انتمائك الأصيل لناديك ، وتضيفه إلى ركام العبث وراء سقطات الخصم وعيوبه الفنية والإدارية ، تزيد حدة هذا التوتر فتخرج من حرم التنافس الرياضي إلى حرمة الخصومة الشخصية . ذابت شخصية المشجع الوفي الذي كان جزءاً من معادلة الفريق الناجح ، وانتهى دوره في تحفيز لاعبيه أو معاتبة إدارته ، مثل مدرجات العالم الأول الذي يزيد فيها منسوب التصفيق عند الخسارة على التصفيق عند الفوز ، في صورة م

كل حزب بما لديهم فرحون

بعض المدارس الفكرية التجزيئية، سواء كانت حركات إسلام سياسي أو توجها ليبراليا، تحمل طموحات لا تطيقها القاعدة الشعبية، ولا تنتويها الخطط الحكومية. العرب عمر علي البدوي [نُشر في 14/02/2015، العدد: 9828، ص(9)] تدفقت مظاهر الاحتفال بإعفاء رئيس الهيئات السعودية عبداللطيف آل الشيخ، واتخذت أشكالا مختلفة بين توزيع مشروبات مجانية في مقهى محلي وتقطيع كعك في مقار الهيئة أو نحر الأنعام لإظهار الفرح والاستبشار بمغادرة الرئيس الأكثر جدلا في تاريخ هذا الجهاز الديني. منذ عقود وهذا الجهاز يحتل صدارة معركة بين قيم وتوجهات متباينة في المشهد السعودي، وباعتلاء آل الشيخ المعفى مقعد الرئيس انتقلت هذه المعركة من الخارج إلى الداخل، وتحولت من خلاف فكري وتياراتي بين الكيان ومنتقديه ممن يشتغل غالبا في إطار الصحافة، إلى خلاف مدارس داخل الكيان ذاته، وكأن حالة الانشقاق تجذرت إلى حد يهدد تماسك الجهاز وانسجامه، في صورة كاشفة عن تعمق الخلاف حول هوية الجهاز ودوره في ظل حراك محموم وموجة تمور بالتحولات الجذرية والطفيفة على المستوى المحلي والدولي. جاءت مظاهر الاحتفال بإعفاء الرئيس تعبيرا عن اعتقاد منفعل

الاستقرار كمشروع عربي

لم تكن وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - رحمه الله - مجرد حدث محلي أو موجة حزن اجتماعي عصف بالسعوديين وحدهم ، بل كانت حدثاً عالمياً بأوجه متعددة ، ألقت بظلالها على الواقع السياسي بحدة أكبر . زاد من وقع آثاره السياسية حجم التأثير الذي يتركه التغيير داخل السعودية على الأوضاع الدولية والإقليمية ، سيما في ظل مرحلة صعبة تعيشها منطقة الشرق الأوسط بعد انتفاضات الربيع العربي وتبعاتها الضخمة ، إذ كانت السعودية في القلب منها . يمكن حشد مجموعة من الدلائل المتظافرة على قوة مشهد وفاة الملك السعودي ، في مقدمتها حجم الوفود الرسمية التي تدفقت لحضور مراسم الدفن أو تقديم العزاء للأسرة السعودية المالكة ، انتهاء بالنشاط الإعلامي والسياسي الذي تناول الحدث من زوايا التحليل المختلفة . ولكن مشهد انتقال الحكم بسلاسة من الملك الراحل إلى الملك الجديد سلمان بن عبد العزيز اختطف الأضواء ونقل مجرى الكلام والاهتمام إلى فعالية السياسة السعودية المحكمة للحفاظ على مكتسب " الاستقرار " في عمق البلاد . خارت كل التكهنات التي كانت تستبق المخاوف وتستبطن نوايا رغبوية للإخلال والانتقام

لماذا تضخّم الاهتمام بالرياضة ؟

الأندية – عمر البدوي اختمر لدي هذا السؤال منذ فترة ليست بالوجيزة ، ولكنه انفجر إلى ملأ ذهني في لحظة خسارة المنتخب السعودي لكرة القدم في بطولة الخليج ، تحول ذلك المساء إلى وطن من عزاء ، تكاد شاشات التلفزيون تقطر دمع الأسى وتعصر قلوب المواطنين فتهطل فيضاناً من دماء الغيظ تجرف البنيان والإنسان إلى هاوية الحسرة السحيقة . ولأن فيضان الأسى وقف عند بابنا وكاد يهلكنا غردت في تويتر هكذا ” مساء نلملم فيه خيباتنا الوطنية ، ثرثراتنا التي انتثرت في الإعلام خنقها الميدان الأخضر ، كل المنتخبات تناقش كيف تفوز ؟ ونحن لماذا نخسر ؟ ” لعل الطائر الأزرق اللطيف يطير بي إلى موقع آمن وأكون بمفازة من هذا الكرنفال الدامع . في كل الملاعب التي تستضيف مباريات المنتخب السعودي يشعر عاملوا النظافة فيها بالضيق ، لأنهم يكنسون المشاغبات والمهاترات التي ينحدر مستواها أحياناً إلى دركات مسفّة ، ملاحم كلامية تنتهي بالمنتخب إلى نتائج مؤسفة تغذي مسارح الشغب الإعلامي بمادة جديدة للكلام وطاقة للعمل الشفاهي الذي لا يسمن فوزاً ولا يغني بطولة . انسحبت الأضواء في السعودية من الملاعب وسلطت على طاولات الحوار التلفزيوني ، استع