التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من 2011

لماذا نموت ؟

نموت من أجل الحساب ، فلا يعقل أن تحدث هذه المظالم في أرض الدنيا فيموت الجلادون ولا ينتهون إلى عدالة الله المطلقة ويعرضون على مقصلة الحساب ، نموت ليأخذ كل عامل جزاءه ، لأجل أن ترتهن كل يد بما كسبت وتزر كل وازرة وزرها . نموت لأن فرصتنا انتهت ، ولأجل أننا نعيش هذه الحياة مرة واحدة ، فإما كيس أخذها بحقها وسار فيها خير سيرة فيجزاه الجزاء الأوفى ، أو خامل فاشل غير موفق فيلقى شر فعاله وسوء أعماله ونهاية مكره وشره . نموت لأن مقعدنا من الحياة اضطر له شخص آخر ، فالأرزاق مقسومة والله غني لا يحتاج معيناً ولا نصيراً قادر لا يضطر ولا يعنته شيء ، ولكنه - سبحانه - أجرى هذه الحياة الواسعة على الضيق والإبدال والترتيب والتناوب . نموت لأن القدرة الحياتية فينا قد انطفت ، لقد أعطبها المرض أو فتك بها القدر أو لطف بها الله ، المهم أن الجسد تداعى وانهار وخسر مخزون طاقته وانعدم تماماً عن القدرة على الحياة ، فتوقف القلب وانشلت الأعضاء وتجمد الدم وسرت البرودة في الأطراف وشخص البصر للسماء وأرسلت الروح إلى بارئها فإما سعيدة فتنعم وإما شقية فتندم . لقد أدرك الشيطان تعلق الإنسان بالحياة وكراهيته للموت

السميط .. درس المبادرة

أفضل مقالة راقت لي عند وفاة العبقري التكنولوجي ستيف جوبز كانت للصحفي علي الموسى من جريدة الوطن ، واختار قيمة " الفرد " عندما يكون إضافة للإنسانية جمعاء مدخلاً لحديثه . وفي ظل الفردية المسحوقة في عالمنا العربي إلا شخوص الحكّام الذين يختصرون كل معاني العظمة والبراعة في ذواتهم العظيمة - والله المستعان - . في ظل هذا الطحن السياسي يبزغ نجم الفردية من ثنايا سيرة الدكتور عبد الرحمن السميط ، رجل المبادرة الفذ ، الذي يوزن جهده في خدمة الإسلام بمجموع الأمم العربية والإسلامية . شعرنا بهول وفاة ستيف جوبز لأنه في أمة تقدر عظماءها ، الآن يمرض واحد من عظماء أمتنا " السميط " ويبقى الخبر طيّ تويتر ، ولا تحرّك امبراطوريات الإعلام أي ساكن ذلك لأن مشروعه لا يتوافق مع شخصيتها المتحضرة ورسالتها الإنسانية الراقية . ولعمري أن السميط قام بأعظم منجز في حق البشرية ، عندما يقدم للملايين هداية السماء ويأخذ بيدها إلى عتبات الله ويضيء للنفوس طريقها وللقلوب نشديها وللحياة بريقها . أعظم الوفاء للسميط ، أن نكمل المشوار الذي كاد يتمه ، لولا أن الأعمار أقصر من الآمال ، بئست الأمة إذاً إن لم

في معنى " أن تكتب " ؟

عندما تكتب فأنت تمارس فعلاً حضارياً ، وتقوم بوظيفة إنسانية راقية ، تحول أفكارك إلى نصوص فاعلة ومشاعرك إلى نهر جاري من الكلمات ، إنك لا تجمد مشاعرك ولا تصب أفكارك صباً ولكنك تبعث فيها الروح وترسلها إلى عالم الحياة والوجود . إنك تصنع تاريخك بحبر قلمك ، وتحيل حياتك إلى ملحمة تختصر الجيل الذي تعيشه ، تحول مواقفك البسيطة إلى دروس عظيمة للإنسان إذا ما تحولت إلى أساطير أدبية بفعل الزمن والتقادم . ستكون واثقاً حال وفاتك أنك تركت مجموع وصيتك الأبدية فيما تفرق من نثار كتاباتك وشذرات قلمك ، إنك اخترت البقاء على الفناء عندما امتد حبر قلمك على سطور الخلود الثقافي . إنك حالما تكتب تطوي الكون قرطاساً بين يديك وقلمك الذي لا ينكسر وكأنه حبر من إرادة ومداد من صنائع قدر لا يتراجع ، بينما هذه العقول التي تستلهم كلماتك تغترف من معينك الذي لا ينضب ونبعك الذي لا يجف ولا يكف . " أن تجيد الكتابة " شيء آخر ، فهي إخضاع قسري لقلمك أن يلتزم شروط البلاغة ومستلزمات الفن الكتابي والإملائي وذلك واجب في شرع النحاة القساة الغلاظ . ولكن أن تكتب حراً مطلقاً غير مقيد فذلك أن تخرج عن نصك ولا تكبله

تداعي الفناء

" الغياب الصامت " صبيحة عيد الأضحى المبارك وكالعادة أتلقى رسائل التهنئة القصيرة على هاتفي الجوال ، ولكن اسم واحد من أفضل الأصدقاء يغيب هذه المرة ، منذ خمس سنوات كان المبادر إلى هذا الفعل الحسن . وللحظة تذكرت أنه لم يعد من عداد المشّائين على الأرض حيث وافته المنية وغادر إلى ملاقاة ملائكة السؤال البدهي ، وشعرت حينها أنه في حاجة إلى رسالة نصها " رحمك الله وتغمدك بواسع رحمته " ولكن المستقبل هذه المرة عند من نرجو رحمته ونخاف عقابه . كان اتصالاً غريباً في منتصف الليل ... المتصل : عمر ، والله إني أحبك وكم يؤلمني افتراقنا بسبب ظروف الدراسة . عمر : ..... ( لم يحر جواباً والتزم الصمت ) . بعدها بشهور قليلة كان يتصل كثيراً ويلحّ في مقابلتي ولكن تواجدي الدائم في جدة كان يحول دون ذلك . وفجأة وصلني خبر وفاة عبده سنان الخالدي ، ودفن معه السر الذي كان يخفيه اللقاء المرتقب ، ولكنني على يقين أنك وفيّ بوعدك يا عبده ولو بعد حين . " انقباض القلب " انحباس في التنفس وشرود في الذهن وعينان تغرورقان في دمعها وانقباض في القلب ، بفعل الخوف الذي يساورني . إذ بدى و

بأعضاء مشلولة !

لا يكفي لنبشر بديننا أن فيه أفراحاً للأرواح !! إن العقول تحب أن تصدق الواقع وهي رسل الايمان ، وتريد أن تجد مادة ملموسة تبين بوضوح وتجرد أن مبادئ هذا الدين مجدية وليست عبثية ، تتحول إلى واقع عملي وأثر فعلي في صفحة الحياة وعلى وجه الأرض . علينا أن نبني دنيا مميزة وماكينات متطورة وتقنيات حديثة وصناعات ثقيلة وتكنولوجيا مبهرة ، ولا نظلم الروح ولا نشقي القلب باللهث وراء المادة ، ولكن الحضارة طائر جناحاه من روح ومادة . وماذا ينفع إذا كانت الروح تسلم من الشقاء ، والنفس تغنم حياة سعيدة وهانئة بينما يتعذب الجسد بالجوع والكد والنكد ؟! لا تؤمن النفوس بالأديان التي لا تدفع أصحابها الى بناء الدنيا وعمارتها ، ولا تحب أن تتبع شريعة لا توظفهم في تصنيع الرفاه وتشبع نهمتهم المادية وشهوتهم في تسخير المادة وتملّكها . إننا نسيء إلى الاسلام عندما ندعو الغرب المكتفي بصناعاته والباذخ برفاهه ، ندعوه إلى اعتناق دين يعيش أغلب أهله في حياة دنيوية تعيسة .. ثم نقول لهم أن الله يدخر لنا حياة آخرة أفضل - ونعم بالله - . وماذا أصنع في هذه الدنيا ؟ أريد أن أعيشها باستمتاع ؟ أو على الأقل بكرامة بل أدنى حظ منها ؟ أ

لماذا تأخرت سوريا ؟

كعادة السياسيين يبقى الشعب العربي هو الأهمية ذات الترتيب المنخفض ، إذ يموت الشعب ويتعرض لأبشع أنواع الإبادة والتعذيب بانتظار الحسم السياسي للقضية السورية في مطابخ دولية وإقليمية . أهم مشكلة تواجهها الثورة السورية أن الحسم مرتهن بما هو خارج حدود الوطن ولا يمكن حسم الثورة من الداخل كما هو حادث في تونس ومصر وليبيا ، في ظل وجود معارضة هشة تواجه تحديات الاختلاف والتباينات الفجة . الشعب لا يملك سوى المظاهرات السلمية التي لا تصل إلى القدرة التغييرية اللازمة بفعل التشديد العسكري في أنحاء البلاد ، وفرصة التسليح ضيقة وصعبة والجيش السوري الحر لا يملك إمكانية كسب الموقف على الأرض بالنظر إلى الإمكانيات . إيران انحازت لمصالحها هذه المرة وشعرت بالخطر على نطاقها الإقليمي وهي تستجدي كل الأساليب المشروعة واللاأخلاقية لإيجاد خيار ينافس إزاحة نظام بشار لأنه خسارة عظيمة في حسابات الملالي الفارسية . إسرائيل ومن بعدها أمريكا وأوروبا يختلف عندها الأمر عندما يتعلق بسوريا إذ تقع على تخومها المباشرة ، وبالتالي تحتاج اسرائيل لتطمينات مقنعة تتعلق بالبديل لتحريك الغرب ضد سوريا ، لأن بشار رغم بروبغاندا المقاومة

صفحة من العمر

الذي يقول أن العام الماضي الذي لفظ أنفاسه قبل ساعات كان كمثل غيره فهو مخطئ تماماً ، إذ لا يغيب عن بال مخلوق أن هذا العام اعتبر مرحلة مفصلية من تاريخ هذه الأمة ذلك لأنها تنشقت بعض هواء الحرية بعد طول غياب . هذا على الصعيد الأوسع ويبقى السؤال الوجودي يطن في أذن كل شخص : كيف كان حاله في العام الماضي ؟ وهل يعتبر إضافة في رصيد معارفه وإنجازاته ؟ أو مرحلة مفصلية في تاريخ حياته الخاصة ؟ أم أنه انقضى كسائر أعوامه لم يتقدم ولم يتأخر ولا يلوي أن يعقد العزم على التغيير . أكثر ما يميز الأيام أنها تجري وتتصرم سراعاً دشون أن يشعر بها الإنسان ، وفي المقابل يعتبر التغيير ممارسة شديدة البطؤ ، وهذا يعني معادلة صعبة في سبيل تحقيق الذات إذ تجمع طرفين متناقضين تماماً إلا على النفوس العظيمة التي تعبت في مرادها الأجسام . اشتغل الناس بالتهاني مطلع هذا العام الهجري وتناسوا عن كسل المسؤولية الأعظم لمثل هذه المناسبات وهي " المحاسبة " التي تضمن للفرد أن يضبط سير حياته ويأخذ بها إلى الرشد والإنجاز والمعالي كمطالب نبيلة تتساوق مع ما ينبغي أن يكون عليه الإنسان وما أراده الله له كخليفة ومكلف كريم . إن

فضيلة الحسنيين .. القانون والدين

عندما عطّل الغرب العمل بروح وأحكام الدين ابتدعوا المفهوم الإنساني وشرّعوا الحقوق المدنية وذلك ليحافظوا على الحد الأدنى من التعامل الإنسي بين البشر . أما الدين عندنا فهو الذي ينظم العلاقات المدنية بيننا ويثيب على الفعل الإيجابي ويضاعف المثوبة كلما اقترب من الحالة المثالية في السلوك الإنساني كما أنه يعاقب على الفعل السلبي . الدين يوظف الوعود الغيبية المحضة في غالب الأحكام إلا في الكبائر وما يعتبر تجنياً مباشراً على الآخر ، إذ تتدخل السلطة لتنفيذ عقوبات مشددة في هذا الخصوص . وفي ديننا فضيلة لا يستثمرها المسلمون وهي غاية في الحرية واحترام إرادة الانسان كذلك ، لأنها ليست نصوص قانونية فقط ولكنها دعوة إلهية تُحمل على الندب والتحبيب وقد تذهب الى الوجوب والتأكيد احياناً . إن ما يحمل الآخرين على قصد بلادنا هو سيطرة الدين ولذلك تجد أكثرهم من المتدينين ، وما يحملهم على نشدان بلاد الغرب هو سيطرة القانون ولذلك تجدها تحتضن أهل السياسة والفكر والتحرر . وكم هو رائع لو جمعنا الحسنيين ! لأن القضية العادلة لا تخضع لدين أو مذهب .

الحروب المستأجرة

سنوات طويلة ونحن نخوض الحروب المستأجرة . حراكات ملحمية حول معتقدات وأفكار نستدعيها من العقل الغربي ، نخاف من أشياء لا وجود لها في مرجعيتنا الدينية والثقافية .. فقط لأن المسيرة الغربية طافت بهذه المحطات في طريقها نحو النهضة . الكهنوت والدولة الدينية وتحقير المرأة واليمين واليسار والكثير من القضايا التي كان يكفي معها أن نستخرج الرؤية الراشدة المعتدلة المستنيرة من ثنايا خلفياتنا لنكتشف أنها قطعت بما يعين على النهضة ويؤهلهم للتقدم دون أدنى حاجة لخوض هذه المعارك الفكرية التي ضاع معها الوقت وتشرذم الجمع وانهالت الاتهامات وزادت من الوقت المتبقي لبلوغ هدفنا الوجودي العظيم . وعلى المثقف الذي ما زال ينازل الخصوم القدامى في مضمار الفكر أن يخاف على لغته التي أصبحت قديمة بعض الشيء وعلى هذا الخوف أن يقوده نحو تجديد خطابه ليتساوق مع الحالة الجديدة التي تتسم بشيء من الشراكة بين الأطراف حول مشروع النهضة . لقد أصبح المتدينون أنفسهم أكثر تقدمية في خطابهم وأكثر استجابة لمستلزمات المرحلة القادمة وهذا ما يجعل نفوذهم مبسوطاً على المجتمع حتى اللحظة في ظل خطاب معتدل وتوسطي ينطلق من الإنسان ولا يفرط في اتج

يا هذا ..

يا هذا .. إن كنت مصراً إلا الرحيل فأساؤلك بالأيام التي كانت بيننا أن تترك لي الذكريات حتى تسليني بعد فراقك . يا هذا .. لقد علمتني أن الإنسان لا يحب غير ذاته ، وإذا أحب أشياء أخرى فهو يحب نفسه كذلك ولكن من طريق آخر .. إنها أنانية مفرطة لا أعاتبك عليها .. ولكن أدعوك لترأف بقلبي يا خيار قلبي !  يا هذا .. لا يكفي أن تحبني في قلبك ، ولا يكفي أن تعتبرني ضمن من تثق بهم ، أريد أن أشعر بخصوصيتي ، أريد منك أن تكافئني على حبي لك بمزيد اهتمام وتقدير . يا هذا .. لقد كنت عندي شيئاً عظيماً واليوم رحلت وتركت جروحاً عميقة في داخلي . إنني أجالس عشرات أكثر منك طرافة ولباقة وأنس .. لكن قلبي يشعر بالنقص . يا هذا .. لقد تعلمت الآن أن التعلق بكم شتات وعبث صبياني وتهديد للاستقرار النفسي . لقد كان الناس يحسدنني على معرفتك ، واليوم يفتحون جرحاً جديداً كلما سألوني عنك . يا هذا .. كم كنت وفياً لك ، لقد خسرت من أصحابي من ينتقصك وضيعت في سبيل رضاك كل من ضايقك وأنت لا ترى اليوم حاجة لتسألني : ما الذي آلمك ؟ كيف تسأل ؟! وقد تعودت مني السؤال والعطاء والقلب الواسع لأخطائك وتقصيرك . كنت أفز خوفاً عليك عندما تغ

يا أيها المرض

يا أيها المرض ما بالك تقسو على صاحبي عبد الإله ! لماذا تحبسه عنا وتمنعه تلك الابتسامة الصادقة التي يداوي بها قلوبنا المتعطشة لحنانه وصدق مشاعره ما بالك تسجنه في تلك الغرفة الكريهة وتلزمه ذلك السرير المقيت ولا تدعه ينطلق الى الحياة وقد تعودناه لعوباً طروباً يحب من الحياة ضجيجها وصخبها ما بالك أيها المرض تتحامل على عبد الاله .. فما يعيش بضعة شهور يتمتع بحياته وينسى ان في الحياة هماً يوجعه او الماً يقض مضجعه الا وجئت ترمي بثقلك على جسده المنهك والمتداعي  الا تعرف انه صغير لا يتحمل وخزاتك القاسية ، الا تعرف انه لم يتجاوز الخامسة عشر ربيعاً حتى تختم سعاداته بهذه النهايات المؤلمة يا لقلبك الكبير يا عبده .. يستبد بك المرض ثم لا تتحول نفسك العظيمة عن رشاقتها ، يقسو عليك الهم لكنه لا يستطيع ان يشل لسانك عن الكلمة الحلوة ويبقى رطباً بفكاهاتك . يا رحمن الدنيا والآخرة .. من لنا فنسأل سواك ان ترأف بهذا العبد الضعيف وأن ترفع عنه المرض وتبدله بالعافية والصحة الدائمة . يا عبد الاله .. انك ستخرج من مرضك الصغير الى الوجع الكبير . اننا يا عبد الاله عندما نتعافى نخرج من سجن الوخز الجانبي الى معتقل

قناة العربية .. سقطة الحياد

انطلقت في نفس العام التي نوت فيه الولايات المتحدة غزو العراق ضمن مشروعها " الشرق الأوسط الجديد " وكأنها تولت منذ انطلاقها الترويج لهذا المشروع الكوني الذي يحارب الإرهاب كتحد إنساني ويقسم دول العالم إلى محوري الشر والاعتدال . العربية تقود حرباً  إعلامية شرسة ضد محور الشر وتدعم كل قوى الاعتدال التي أخذت سبيل التفاوض طريقاً لإرساء السلام وإسقاط امبراطوريات الإرهاب والتشدد وتزيح عن طريق السلام كل قوى الممانعة والمقاومة . ولكنها تكف لسان النقد ولا تطول بيدها عروش المال والأيدلوجيات التي تستجيب لشروط المشروع الأمريكي الجديد حتى لو كان هذا يخالف الشعور العروبي والإسلامي للشعوب التي تخاطبها هذه القناة . يخيل إليك وأنت تشاهد هذه القناة أنك تتصفح جريدة سعودية محلية تستخدم لغة سائدة وخطاً تقليدياً ولا تكاد تجد لغة نقد لاذعة للداخل سوى الشجب والاستهزاء بتصرفات جهاز الهيئة الديني بشكل مكرور وممجوج . تأتي الذكرى العاشرة لهجمات الحادي عشر من سبتمر وتبدأ العربية في مهرجان تأبيني وحشد كل ساعات البث لصناعة حالة بكائية لهذه الصدمة العالمية التي تحولت إلى مبرر سياسي وثقافي لتصرفات أمريكا ا

القبلية تفسد التنمية

تثور الشعوب وتموت من أجل أن تتشارك في اتخاذ القرارات التي تبني حياتها وتهيئ لها عيشاً كريماً، ونحن - بفضل من الله - نملك اليوم ما لا يملكه غيرنا من القدرة على اختيار من يمثلنا ويرفع مطالبنا ويتحدث بلسان حالنا عبر الانتخابات البلدية . وسنكون على قدر الذكاء إذا تنزهنا عن الحزازات النفسية والروابط العصبية لنختار عن قناعة وإيمان المرشح الذي نشعر بأهليته ومسؤوليته وأمانته لأنها المقومات الحقيقية لتفعيل دور المجالس المحلية أما ما يباين هذا من السمات التي لا ننتفع بها وتعطل مشروع بلادنا الآخذة في التقدم والتطور فهي ألغام في طريقنا وتعوق مسيرنا .* لقد أصبحنا مجتمعات أقرب إلى التحضر فلا داعي لاجترار مخلفات ماضينا ، إننا أمام اختبار لأنفسنا وجديتها في هذه المرحلة الحاسمة .* إن الله لا يحب أن يوسد الأمر إلى غير أهله ، وقد جعل ذلك أذان قيامة الدنيا ودنو أجلها ، وفي هذا تخويف عظيم ، ها هم المرشحون بين يديك فتش في تاريخهم وحجم جهودهم في خدمة مجتمعهم وتكفي الأعمال وصنائع الرجال أن تزكي أصحابها وتؤهل أهلها وما عليك بانتماءاتهم فإنها لا تسمن ولا تغني . ولأن الإسلام دين حضاري من الطراز الأول نزل على

يوم موتي !

إني أتخيل يوم موتي ، مثل ما أحلم بيوم تخرجي ونجاحي أو يوم زفافي وعرسي . لا يغيب عن بالي ذلك اليوم ، لأنه من أيام الدنيا التي تخصني وترتبط معي في حدث ما حتى لو كان ذلك الحدث هو عناقي الأخير للحياة ، عندما تفلت الدنيا قبضتها من يدي وانفلت في حفرة البرزخ الفاصلة بين هذه الدنيا الجميلة وبين آخرة لا نعرف مصائرنا فيها غير أننا متعلقون برحمة العلي الكبير . في ذلك اليوم الذي لا أعرف إن كان رفقائي يحملون من الوفاء ما يكفي ليرافقوني إلى مثواي ويشيعون القلب الذي طالما أحبهم وصدق في مودتهم . لا أعرف .. هل سيبكون ؟ على رجل ذرفت عيناه يوما من أيام الدنيا على حزن ألم بهم أو ضيق لحقهم ، حتى تمنى لو أنها أصابته ولم تؤذهم في شيء والله شهيد بذلك . لا أطمع كثيراً في هذا بقدر طمعي في رضوان الله ومغفرته ، ولكن الإنسان متشوق لمعرفة مكانه من قلوب أصحابه ، وما أنا إلا ظل إنسان مادة جسده منحنية إلى أولى منازل الآخرة .

" الله يسعدك يا رمضان "

أنسى كل الذكريات إلا هذه الكلمات المشبعة بالإيمان . كانت تقولها بينما هي في وداع أو تحري هذا الشهر الفضيل . حتى هي تتغير كثيراً في رمضان ، وجهها القمحي التي أعملت فيه الندوب كانت تعلوه وضاءة الإيمان ، تصبح أكثر وداعة من ذي قبل ، وكأنها تسلّم روحها العظيمة لملكوت السماء . لم تستطع أن تصوم الرمضان الأخير من عمرها ، فمشيئة الله لم تمنحها الفرصة وأخذ المرض يحبسها عن أداء هذه الشعيرة العظيمة . ولكنها عانقت هذا الشهر الكريم عناق المودع ، وعلى بُعد أشهر منه غادرت الحياة . وكأن روحها لم ترض أن تترك محبوبها الذي تعرفه جيداً في صلاتها ودعائها ودموعها وتسبيحها . لقد تركت وراءها سجادة حمراء تنتصف منزلنا مهجورة تحنّ إلى تلك الجبهة الغالية والدموع الصادقة . لم نكن ندري أنها المرة الأخيرة التي ستكونين معنا في رمضان . وإن نعرف ! ماذا بأيدينا أن نصنع ؟ القضاء يا أمي لا يلتفت لرغباتنا السخيفة وهو أقوى من جسدك الضعيف ، والحمد لله على كل حال . إني أفقدك كثيراً يا أمي ، أشعر بهذا في كل لحظة رمضانية وفي كل زاوية من بيتنا : أمام ذلك التلفاز بعد العصر بينما الشيخ يخاطب قلبك المعلق بالسماء ، عند الإف

على مرمى حجر من الآخرة

بعض اللحظات لا أعيشها على وجه الأرض ، يطير بي الخيال إلى مشهد القيامة وكأنني أقف على مقصلة الحساب . أبدأ في تلمس تفاصيلي وبعض مفاصل الحياة التي نسيت فيها أنني سأقف موقفاً كهذا . أنقطع عن الدنيا تماماً وكأنني على مرمى حجر من الآخرة ، أشعر بحرارة تعلو جسدي ويكاد عقلي يقفز من مكانه والخوف يكاد يلتهم قلبي الضعيف . حتى الدموع لا أشعر بجدواها فتقرر الانحباس دون مغادرة محاجرها . أحاول أن أستجدي بعض أعمالي الصالحات لكني أشعر أنها ذرة تافهة تحجبها أرتال النعم وحجم العفو والصفح الذي استنفذته في حياتي . تساورني أطماع كثيرة : لذة النظر لوجه الله ، ولقاء أعظم إنسان ، والاجتماع بصحابة رسول الله ، أمي وأبي وأخي وكل أصدقائي الذين انقطعت أخبارهم في عالم برزخي غامض . لدي أمل أن هذا الخوف الذي يزلزل أضلاعي سيؤهلني لبلوغ رحمة الله ، لكنني سمعت أن عفو الله أعظم مما أتوقع إلى درجة لا يمكن لعقلي أن يتصورها . أشعر بخجل مفرط ، ما قيمة عملي أمام السابقين الأولين وجموع الأنبياء والصديقين والشهداء ؟! دائماً ما كنت أطلب الله بصدق : المعونة على حسن عبادته ولكنني ما ألبث أن أغرق في تقصيري . يبدو أن نفسي غير

أيها الضيف تمهّل

الناس في رمضان تتبدل إما قارئ للقرآن يرتل أو قائم بالليل يتبتل أو جالس في دورة الفيصل أيها الضيف تمهّل إن هذا القلب صعب أن يتبدل وإلى الإنابة يتحوّل أيها الشهر المبجّل هل تألمت لمن بفضلك يجهل أو بين يدي سفرته يتدلل وإذا قام للصلوات تثاقل ليس كل الناس كما تظن إن فيهم من في لياليك يعمل يستغفر ويسبح ويهلل خده بالدمع تبلل وإذا قام إلى الصلوات تجمّل وتلى دعواته يتأمل أيها الشهر تمهل أين تذهب .. ؟ أجبِ النفس الضعيفة تتساءل ما مصيري .. ؟ هل إلى الجنة أرحل أم في جهنم أتجلجل ما مصير الأعمال القاصرات هل ستقبل ..؟ هل تألمت لمن في ليلك يتبطل وعن الطاعات معطل ومن الواجب يتسلل ومن الخير يقلل وإذا نادته الشهوات أقبل وإذا ما نودي للصلوات أجفل أي ذنب أيها العاصي ستحمل ؟ أيها الشهر المبجل تمهّل .. أين ترحل .. ؟ هل تألمت لمن في المعاصي يتململ .. وفي الطاعة يتعلل إنه في قيد من ذنب تكبل لست تزعل .. ! أو عن العاصين تسأل إنه بذنوب يتسربل وعن الطاعات ترجّل لم يا أيها الإنسان تتعجل إن قولي في مصيرك يتأجل ليقيم الله ساعته ويفصل يوم محشر يندم الظالم ويفشل وإلى الدرك

حنانيك يا رمضان

ما بالك أيها الضيف تتعجّل الرحيل ؟! وقد شرعت تستأذن بالمغادرة ولم يمضي على حلولك عزيزاً على قلوبنا سوى عشرة أيام . وهل تظن أنها تكفي لنستمتع بلحظاتك . تغيب عنا 11 شهراً طويلة ونحن نتقطع في نصفها حسرة عليك ونصفها الآخر نشرئب لعودتك . ارحم قلوبنا الضعيفة التي تعطشت للقائك شهوراً عجاف ، واليوم تطل بجلالك وبهائك وما تلبث أن تغادرنا آسفين على اللحظات التي ضيعناها في حضرتك . نريد أن نبث الشكوى في لياليك ونعلق قلوبنا بباريك ، وأنت لا تفتأ تعلمنا أن الفرص لا تعيش طويلاً ثم تغادر غير آبهة بالكسالى والعابثين . ألم تأتي من لدن رب كريم ؟ فحنانيك بنا ورجائي أن تنتظر ولو لقليل . هل آلمك جموع الشباب الذين أسرفوا في تجاهلك ولم يحسنوا استقبالك ، فإن ثمة قلوب رجال تعلقت بك ودموع سالت لأجلك ، فحنانيك بهذه القلوب المرهفة . هل آلمك إسرافنا في النعم حتى كدنا ننسى معانيك ، هل آلمتك التخمة التي تصيبنا بينما إخواننا يموتون جوعاً في الصومال ؟ هل آلمتك الليالي التي ضاعت في أحاديث العبث واللهو ، بينما كنت تنتظر ألسنة تلهج بالذكر والتسبيح والاستغفار وتلاوة القرآن ؟ إن كان إلا الرحيل يا رمضان .. فأرجوك أخبرني إن

لقاء من نور

بحثت عن أجمل شيء في الحياة فما وجدت سوى الصلاة ، تريح البال وتصلح الأحوال وهي رحلة طويلة بالنفس إلى الرياض الإيمانية النضرة والعوالم الروحية العطرة . وأجمل ما فيها أنه لقاء بالرب مما يبعث إلى نفسك الخوف والهيبة فيدفع بك ذلك إلى التضرع والخشية وطلب عفو الله ورضوانه . هي عبادة فريدة من نوعها وخلوة عن الدنيا ومشاغلها وبضع هنيهات تستشعر فيها أقدس عبادة وأعظم قربان إلى الله ، والدين الذي لا صلاة له لا خير فيه . إن المحرومين من هذا الاتصال النوراني في شقاء دائم وضنك وأضيق عيش ، وما حرموا شيئاً أبرح من هذا الحرمان وأنكى من هذا الفقد ، لقد كتب لهم أن تغلب عليهم شقوتهم ويعيشوا ردهاً من الزمن في دياجير الظلام وجبّ الحرمان حتى يتصالحوا مع نفوسهم وينخرطوا في صف الراكعين السجد من خشية الله . وما علمت رجلاً يعرف الطريق إلى المسجد جيداً إلا وفق في حياته وكتب الله له مستقبلاً مشرقاً يتمناه أهل الدنيا والآخرة وإن كان به شيء من الانحراف استقام ، أو نقص من الأموال والأنفس إلا استوفاها وحصّلها وهذا قيض من فيض التوفيق الذي يناله العبد من الصلاة . وسمعت شيخي / مشعل الفلاحي مرة يقول :  لو رأيت رجلاً حري

دع أعمالك تتحدث

لا يعبأ الناس بنجاحاتك ولا يحفلون إلى أي مستوى صرت إليه فكل مشغول بأمله منكب على عمله ، سرقت طموحاته كل وقته وأتت أحلامه على جل دهره ، يعيش نجاحاته مع نفسه ويحتفل مع ذاته ويأنس بها . فهل لك من عمل لا تنتظر فيه مدح فلان أو ثناء علاّن ، فلا تأمل بشيء من هذا ولا تتمناه ، فهم عن ذلك مشغولون وعن الاهتمام بك مقطوعون ، إن عملاً رجوت به وجه فلان أو القرب من علاّن لن تنتفع به ولن يعود عليك بخير . " إذا كان يوم القيامة جيء بالدنيا فيميّز منها ما كان لله ، وما كان لغير الله رمي به في نار جهنم " البيهقي . كثير من الناس يعمل على أن يحقق ذاته ويكتب اسمه بحبر الخلود على صفحة الحياة التي لا تتسع للقانعين بالدون ، ويحفرون إنجازاتهم على صخر التصميم والإصرار ، لكن البعض الآخر يبقى يحفر ويحفر وإذا به قد أتم حفر قبره ليجهز على نجاحاته في مقبرة النجاح الزائف ويلحد أفكاره التي لم يعمل بها إلا رياء الناس . قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم القيامة ، ليوم لا ريب فيه ، نادى منادٍ : من كان أشرك في عمله لله أحداً ، فليطلب ثوابه من عنده ، فإن الله أغنى ا

طفولة مختطفة

أيقظتها أمها قبيل صلاة الفجر بينما ترفع عينيها بتثاقل لأنها لم تتمكن من استيفاء حاجتها من النوم فلقد عادت متأخرة بعد إغلاق المجمع التجاري . لفّت غطاء الوجه بعد أن غسلته ببعض ماء متعكر في آنية باتت الليل كله فاغرة في طلق الهواء ، ثم سحبت قدميها وقد لبست حذاءها المهترء الذي لم تعرف سواه . انطلقت مع أوائل المبكرين لأداء صلاة الفجر ، وصفّت حذائها إلى جانبها ثم جلست في موضع مهين بالقرب من موضع أقدام الرجال . إنها في مكان عمل ! من بعيد .. جاء رجل مستعجل يهرول ليحلق بالركعة الأولى من صلاة الفجر ، يسرع في التخلص من حذائه ليتمكن من الدخول بسهولة ، فيرسل الحذاء نزراً إلى مجلس الفتاة دون مراعاة لشعورها . انتهت صلاة الفجر وخرج الناس من المسجد جلّهم لا يفقهون ما قرأ به الإمام من الآيات ، ليمر بهذه الطفلة المسكينة التي تردد كلمات الاستجداء حيناً وتغفو حيناً آخر وهي مطأطئة رأسها حتى لا يراها جارهم المتطفل . عادت ببعض المال الذي جاد به كرم المسلمين إلى أمها التي أخذت تغمس بعض الخبز اليابس في الماء . نبهتها أمها أنها ستأخذها بعد العصر إلى حديقة الحي ، لأنه يوم الخميس حيث تزدحم مجالس العشب بالعوا

موهبة مقبورة

إبراهيم صاحب موهبة كتابية واعدة وقلم يمطر بقدرة تعبيرية فائقة وملامح مستقبله المشرق تبدو أكثر وضوحاً من أي ملمح آخر . في كل مرة يستمتع في معانقة أوراقه البيضاء بقلمه الغضّ ليحولها إلى قطع أدبية سبقت سنه واشرأبت إلى مشروع أديب بارع في المستقبل . توجه إلى والديه ليعرض بعضاً من نثار موهبته لعله يلقى شيئاً من كلمات التشجيع التي تبني الثقة في نفسه وتؤكد له جدارته بمستقبل مميز . لكن يبدو أن والدته منهمكة في العناية بعلاقاتها الواسعة وآخذة في رعاية صديقاتها اللاتي يأخذن جلّ وقتها ، كيف لا وهي تستغرق في مهاتفاتها كل الوقت وتلتهم معها أبسط حقوق أبنائها . أما والده الغارق في تسمين جيبه والاهتمام بمظهره أمام أصدقائه الذين يجتمعون حوله في قهوة القرية ويستمعون إلى مغامراته الشقية وانتصاراته العاطفية فلا وقت لديه ليسمع ولو كلمة واحدة من عبث ابنه الأديب . لم يعد أمامه إلا أستاذ اللغة العربية في مدرسته ، ليسابق جرس الطابور ويستقبله في رواق مكتب المعلمين ويفرش أمامه ورقته البيضاء وقد ارتصفت فيها كلماته الأولى التي تنذر بمستقبله القادم . معلم المادة يعبث بجواله الـببي ويراعي ( كشخته ) حتى لا تفسد

مصطلحات من الديرة

العربجي : شخص يميل إلى افتعال المشاكل لأنه يراها فرصة لإثبات وجودة ويحاول أن يظهر دائماً بطريقة بخالف فيها السائد الاجتماعي وكأنه لا يبالي بالعادات المتحفظة ولا يكترث للتقاليد الرتيبة . الوناسة : حالة من الاستمتاع الدائم وممارسة أنشطة تحقق الفرائحية التي لا تنقطع لأصحابها فمن حديث ساخر إلى مشاغبات على الأجانب أو أزياء تستثير الضحك والغرابة وتصرفات من هذا النوع دون الحاجة إلى إيذاء أحد . المهايط : الهياط والمهايطة تعني في لسان العرب ( الجلبة والصياح ) وفي واقعنا تعني الأشخاص الذين يتظاهرون بالقدرة البدنية أو القولية أو الإنجاز للفت أنظار الآخرين وكسب إعجابهم وربما بث الخوف في قلوبهم . الاستهبال : نوع من المزاح غير المقبول وهو يصدر إما من رجل يحاول الخروج من سؤال محرج أو تعرض لموقف يضيق به وأحياناً " يستهبل " الإنسان حتى يتظاهر بالطرافة والفكاهة وهو لا يعدو أن يكون أحمقاً . الخباعة : كلمة يتداولها أهالي وادي حلي وتعني التصرف بحماقة مطلقة وعدم حساب صورة الشخص أمام الآخرين والانطباع الذي تتركه بعض السلوكات الطائشة وأحياناً يحاول الإنسان الاستظراف والتباسط فيقع في فخ " ال

ومات ابن لادن !

أعلنها أوباما صريحة " أمريكا قتلت بن لادن " وكأنها حرب الخير مع الشر وانتصار كبير العدالة وقائد قوى الخير على مارد الشر وشيطان الإنس ليغادر هذه الدنيا المطلوب الأول للعدالة الدولية الصادقة الصريحة المطمئنة ، والناقم الأول على البشرية والمدمر الأول لأحلامها وآمالاها وسلامها وأمنها . وبدأت كل السفارات والحكومات والرؤساء والأمراء والقيادات تغني لأمريكا الراقصة في مشهد يصوّر وكأن السماء آذنت للأرض أن تستريح من ظلم الطاغية الذي طالما أغض مضجعها وانمحاء السر وراء أوجاعها وأحزانها والبقاء للأصلح والأقوى -أمريكا طبعاً - التي تسهر على أمن العالم وتسعى في كل قطر وأرض على استقرار أهله وبث الديمقراطية في كل مكان ليعيش أهل المعمورة في حرية واستقرار وأمان . لله در أمريكا المسكينة التي تموت كمداً على كل دم يقطر من إنسان وتعيش فرحاً بموت كل طاغية يفتك بالبشرية وتلقي القبض على الإرهابيين والظلمة والباغين وتفك أسرى البراءة والمظلومين وتكسو العريان وتشبع الجائع وتمنح الدفء للمقتول برداً وتمسح دمعات اليتامى ولا ترضى أبداً أن يتيتم في سبيل أمنها القومي حتى القطط بله الإنسان . بنو يعرب المسك

الغاية تبرر الوسيلة

جمال عبد الناصر صاحب القومية العربية النبيلة امتلك في حينه ملايين المؤيدين وربما المعجبين به إلى حد الموت من أجله والتضحية في سبيل فكرته وهو من أجل هذا التأييد العارم وفي ظل تصفيق حار ودعوات حارة عليه أن يطير بنفسه إلى حد الإساءة على إخوانه الآخرين والدخول في شؤونهم والتحكم بمصائرهم وعلى كل فرد يناقض فكرته أن يتحمل جريرة عمله هذا حتى لو مات أو حبس سنوات عمره كلها . تعتبر سوريا واحدة من أكبر دول الممانعة والتي تعيش في محور الشر كما تعتبرها قوة " الخير " الكبرى " أمريكا " وهي قلب العروبة النابض وتأخذ [ بخيار المقاومة العربية ] في وجه الاحتلال الإسرائيلي وهي في سبيل ذلك تخاطب أمريكا ومثيلاتها ممن يدعمون الوجود الصهيوني ويباركون نشاطاته الإرهابية ، تخاطبهم بلغة مقاومة وكبرياء شامخ ولا بأس في سبيل ذلك أن يجوع الشعب ويتعرى ويبيع من أجل لقمة العيش عرضه وكرامته وشرفه . أما الرئيس اليمني علي عبد الله صالح فلأنه قدم للبلاد اليمنية وشعبها العظيم [ الوحدة ] بعد سنوات من التشرذم والتفرق والشتات ، ها هو البطل الصالح بعصاه السحرية العظيمة يحقق الحلم اليمني الكبير ويجمع جنوبها

الأدب في مقابل لقمة العيش

قد لا يكون من اللائق أن أسمي الأدب في مقابل لقمة العيش لأنها مطلب البسطاء والمعدمين وسؤل الدهماء القانعين بينما يظل الأدب بغية النابغين والطبقة المثقفة الألمعية التي تتصدر مجتمعاتها وتضيء لهم الطريق نحو التمدن والحضارة والرقي . ومما يؤسف له في عالمنا العربي - ومصر تقودنا في ذلك - أن الأدب لم يعد مهنة لأحد ولا مطلباً لمخلوق - من أي الطبقات انحدر - في ظل لهث الشعوب العربية وراء لقمة العيش في كل زاوية من الحياة حتى في " صكوع الحجران " كما يقول أهالي قريتي البسيطة . في القرن الفائت انتشرت مهنة الصحافة وأصبحت مكاناً حصيناً وأماناً وظيفياً تنيل صاحبها ثروة كبيرة ناهيك عن تموقعه الاجتماعي المرموق والإشارة إليه ببنان التقدير والإعجاب وهذا ما جعل من الصحافة محضناً للأدب الراقي وبياناً للحالة الثقافية والأدبية التي كان يعيشها المجتمع ذانك الحين على خلاف زمننا هذا الذي استخفت فيه الصحافة بالأدب وأصبحت تجري وراء القصص المبتذلة وربما المختلقة حتى ترضي ذائقة الجمهور التي نزلت إلى أسفل سافلين ، وقراءة لعدد واحد من صحيفة الرسالة يثري لغتك ويروي غليلك ويغني ذائقتك عن مئات الصفحات من صحف ا

أمي متوفية .. هل تعرف كم تساوي ؟

أصبحت الآن طالباً جامعياً حيث يوم الجمعة الموعد المعتمد لمغادرة القرية إلى حيث جدة لاستئناف الدراسة مطلع كل أسبوع أو على رأس كل عام دراسي جديد ، واعتدت أن يربو غيابي عن " الديرة " على الشهر وما إن يحين موعد زيارة القرية حتى تبدو أسارير وجهي ويجري هرمون السعادة والانبساط في داخلي . وصلت إلى القرية تلك الوجوه المألوفة التي تتوزع على جنبات الطريق المؤدي إلى بيتنا ، وألئك الثلة التي تتحلق في متجر " بلقاسم " التجاري وسط حارتنا العتيقة . في ميمتني حقيبتي المثقلة وميسرتي جهازي " اللاب توب " وثلاث دقات على صفحة باب بيتنا الذي بدى وكأنه يغني سعادة بمجيئي ، في الداخل ينتظرني أخواتي الوادعات وأنا أوزع القبلات الحارة في كل اتجاه تعبيراً عن شوقي وفرحتي بهذا اللقاء الأسري الذي يتكرر نهاية كل شهر على امتداد العام الدراسي . أحمد صديقي ، عفواً .. أخي يلون هذه اللحظات بترحيبه الحار وكلماته المشبعة بالحب ( حي الله أبو ملاك ) ، ابتسامته الصافية التي تسع كل معاني الجمال والرقة تطيب لها نفسي التي اشتقاقت كثيراً لها . ضناني الشوق وازدادت شجوني *** وكثر الهم حرق لي جفوني ثمة فقد

مشارب الناس

وقد أسدل النهار ستاره ، واستأذن الليل أن يقوم بمهمته وسرى يطبق بظلمته في جنبات قرية الصفة وأرجائها . اقترب الليل من منتصفه ، والنوم لم يزرني بعد !! لكأن موعداً ينتظرني في الخارج ، أرقني انتظار النوم طويلاً وعيناني لا ترتضى أن تغفو ، فالجفن لم تزل فيه بقايا يقظة والفكر يعتمل في نشاط مستمر . وإذا ما يئست من مجيء النوم أخذت بتلابيب ثيابي وارتديت زيّ الخروج ، أطلق لقدماي عنانها وأرفع عن عيني لجامها ، أنتشي بعض هواء وأتنفس الصعداء . حينها أخذت في السير حول قريتنا الوادعة الصغيرة وفي الشارع المضاء خلف حارة القهر ، لم أكن أرغب غير الترويح عن نفسي وارتياض البدن قليلاً ، علّ شيئاً مما كدر النوم أن يزول ويأذن للراحة بالحلول . غير أنني في طريقي بدأت أقلب ناظري في بيوت عامرة قد تطاولت ، وأخرى وضيعة قصرت ، ومنازل بنيت على خير طراز وأحسن عمار ، وأخرى تبدّى البؤس في كل لبنة من لبناتها . فأثار ذلك في نفسي حديثاً ذو شجون في نفسي : هل كانت النفوس التي تسكن هذه المنازل بمثل بيوتها من حسن وجمال أو فاقة وعوار ، أم أن الظواهر قد دثرت الحقيقة وغيبت الواقع . وقتئذ شاقني الحديث عن أناس بمثل هذه المنازل قد عمرت

مجتمع مريض

كل شيء حولي يصيب بالكآبة وينقل لك جرثومة آثمة أنهكت جسد مجتمعنا النحيل الموجع بالوخزات المتتابعة من الأخطاء والانحرافات ، حتى لا يكاد يفيق من سباته الطويل ولا يصح من سقمه الموهن . طموحات أبنائنا لا تتجاوز منابت شعورهم ، لا أعرف ربما كانت هممهم أضعف من ذلك ونفوسهم تقاصرت دون بلوغ المعالي ولا تفتئ ترسف في وحل الرجعية والتخلف والدونية . حتى مستوى تفكيرهم ، لا تكاد تجد رجلاً صاحب عمق وبصر نافذ لرؤية الأشياء فما إن تتثاقف معه شيئاً من القضايا والأمور حتى تصطدم بسطحية في الفهم وجهل مطبق لا تكاد تعرف منه أي وجهة يقصدها أو باب يطرقه . كل شيء يصيب بالإحباط حتى صغارنا أصبحت لغتهم نائية عن الفضائل والرشد وغلبت عليها المحسنات السخيفة والسجع الرخيص الذي أستعظم ذكره في هذا المكان وبدأت تغزوهم كثير من الأفكار الرديئة والبالية أو بالأصح الجنسية وعفواً على ذلك . كل شيء اعتراه التشويه ولحقته الأيدي الآثمة التي تلطخت بالدماء البريئة ورزحت فيها بقايا أنفاس الفضيلة والرفعة والحشمة ، حتى الحب هذا الكائن الجميل الراقي الذي يطير بالحياة ويرنو بها إلى حيث السلام النفسي والتسامح الوجداني ، أصبح مشيناً أن يح