التخطي إلى المحتوى الرئيسي

«الجنادرية»... عقود من صيانة التراث ورعاية الفنون وتعميم الثقافة


آخر تحديث: الأربعاء، ١ فبراير/ شباط ٢٠١٧ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش){ جدة – عمر البدوي 

< يعتبر المهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية»، الذي ينظمه الحرس الوطني كل عام مناسبة تاريخية في مجال الثقافة والتراث الشعبي، واكتسب في كل مرة جماهيرية جديدة بفضل قدرته المستمرة على التجدد والتنوع في اهتماماته ومجالاته، إذ أصبح ملتقى لكل الفئات المجتمعية والاهتمامات الإنسانية، بدءاً بالتراث والثقافة التي تتوج اسمه الرسمي إلى سوى ذلك من الفنون والفكر والصناعات.
كما تعد مناسبة وطنية تمتزج في نشاطاتها عبق التاريخ المجيد بنتاج الحاضر الزاهر، إذ كان التأكيد على «هويتنا العربية الإسلامية وتأصيل موروثنا الوطني بشتى جوانبه ومحاولة الإبقاء والمحافظة عليه ليبقى ماثلاً للأجيال القادمة» واحداً من أبرز وأوثق أهداف المهرجان.
وخلال حفلات الافتتاح السنوية التي يحضرها ملك البلاد، ويتابع باهتمام تفاصيلها، تتأكد الأهمية القصوى التي توليها قيادة المملكة لعملية ربط التكوين الثقافي المعاصر للإنسان السعودي، بالميراث الإنساني الكبير الذي يشكّل جزءاً كبيراً من تاريخ البلاد. وقد انبثقت فكرة المهرجان الذي يضم قرية متكاملة للتراث والحلي القديمة، والأدوات التي كان يستخدمها الإنسان السعودي في بيئته قبل أكثر من 50 عاماً، ومعارض للفنون التشكيلية من الرغبة في تطوير سباق الهجن السنوي الذي اكتسب ذيوعاً على المستوى الوطني والإقليمي.
ومن أولويات الجانب التراثي في المهرجان، إبراز أوجه التراث الشعبي المختلفة متمثلة في الصناعات اليدوية والحرف التقليدية، بهدف ربطها بواقع حاضرنا المعاصر والمحافظة عليها كهدف من أهداف المهرجان الأساسية وإبرازها لما تمثله من إبداع إنساني تراثي عريق لأبناء هذا الوطن على مدار أجيال سابقة، إضافة إلى أنها تعتبر عنصر جذب جماهيري للزائرين.
وبدأت فعاليات هذا المهرجان منذ العام 1405هـ - 1985م، وكانت أولى فعاليات الدورة الأولى من المهرجان في اليوم الرابع والعشرين من آذار (مارس) 1985، وهو مهرجان غالباً ما يقام في الربيع في شباط (فبراير) أو آذار (مارس)، ويجتذب هذا المهرجان السياحي العديد من الزوار من داخل السعودية أو من خارجها. ونفذت اللجنة الثقافية في هذا المهرجان، عدداً من الندوات والمحاضرات والأمسيات الشعرية شارك فيها عدد من الأدباء العرب، وحضرها حشد من المفكرين والكتاب العرب الذين دعاهم الحرس الوطني وبلغ عددهم من داخل المملكة وخارجها أكثر من 100 كاتب ومفكر.
كما نفذت اللجنة الفنية برنامجاً مكثفاً في العروض الشعبية، شاركت فيه 13 فرقة شعبية مثلت مختلف مناطق المملكة، في حين نفذت لجنة الأدب الشعبي برنامجاً يومياً مسائياً شارك فيه أكثر من 200 شاعر، وقامت لجنة التراث الشعبي بالتنسيق مع أصحاب الحرف القديمة وأصحاب المقتنيات، والجامعات والهيئات والمؤسسات الحكومية بعرض المهن القديمة والمقتنيات التراثية في 57 دكاناً، إضافة إلى 12 معرضاً.
وفي المهرجان الوطني الثالث للتراث والثقافة الذي افتتح في 18-7-1407هـ واختتم في 2-8-1407هـ تقرر أن تنظم فيه وعلى مدى السنوات اللاحقة ندوة ثقافية كبرى، يشارك فيها كبار المثقفين والمفكرين العرب، وتهتم بالتراث الشعبي العربي وجميع تفرعاته وعلاقته بالفنون الأخرى. وتخصص الندوة كل عام موضوعاً معيناً، يقدم فيه الباحثون والمفكرون أوراق عمل ودراسات علمية متخصصة.

«الجنادرية» تحافظ على دورها الريادي والوطني منذ ثلاثة عقود



آخر تحديث: السبت، ٤ فبراير/ شباط ٢٠١٧ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش)جدة - عمر البدوي 



< تحل جنبات مهرجان الجنادرية على «شبكات التواصل الاجتماعي» يتناقلها المغردون والناشطون عبر صورهم التي يلتقطونها في أروقته، ويتنافس أبناء 13 منطقة في السعودية يتمتعون بمساحات متساوية من أرض الجنادرية يعرضون من خلالها موروثهم التاريخي وفلكلورهم ووجباتهم الشعبية، وجانباً من إرث الآباء والأجداد الذين رحلوا عن الواقع وبقي أرثهم محفوراً في تقاليد رمزية تبث روح الاتصال بين الأجيال.
ويتذكر الناس في كل مرة من عمر هذه المناسبة التي تمتد لأسبوعين مؤسس الفعالية الوطنية والتراثية ذات الشعبية الواسعة في كل عام الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز الذي سقى الفكرة من ماء اهتمامه وعطائه قبل ثلاثة عقود وأينعت هذا النضج والاستواء الذي تتمتع به الآن، حتى أصبحت الفعالية تحظى باهتمام محلي وإقليمي ودولي، ويتحرّاه الملايين في المملكة والمنطقة العربية.
وفي زاوية مخصصة من أرض الفعاليات يتصفح الزوار جانباً من تاريخ الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز تحت مسمى «الملك عبدالله.. قيم وحكمة»، ويلتقط الأطفال الصور في أركان مخصصة لذلك، يتوج ذلك الدعاء له بالرحمة والمغفرة والسيرة الحسنة.
وعلى رغم الأجواء الباردة والطقس المتقلب لمدينة الرياض، ولكن الزوار يتوافدون على أجنحة المهرجان وأروقته وقد تدثروا بما يقيهم لسعات البرد، وربما اعتصموا إلى القاعات والمسارح المفتوحة التي تحتضن بالتزامن مع المعروضات الشعبية والتراثية، جملة من المناسبات الثقافية والفكرية، بين أمسيات شعرية وندوات فكرية وحوارات مفتوحة، تضفي دفئاً يبدد قسوة البرد ويزيح عنهم جفوته، ونفّذت خلال عمر المهرجان 306 ندوات فكرية متخصصة، و69 محاضرة و63 أمسية أدبية وشعرية إلى جانب كم لا بأس به من ورش العمل التي تنظم بموازاة دورات المهرجان في مختلف جامعات مناطق المملكة.



الروابط :



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...