التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حديقة «ملهمتي» جهد شبابي سعودي يتحول مهرجاناً تطوعياً لحماية البيئة


آخر تحديث: الإثنين، ٢٤ يوليو/ تموز ٢٠١٧ (٠١:٠٠ - بتوقيت غرينتش)جدة - عمر البدوي 


قبل أشهر، كانت فكرته إضاءة عبوات الماء وتعليقها في مدينته الأثيرة أبها مثاراً للجدل والسخرية، ما دفع إمارة عسير لإلغاء الفكرة وإزالتها من الممشى. حينها دافع صاحب الفكرة ومنفذها الفنان التشكيلي محمد اليوسي عنها وأوضح أن الهدف هو الارتقاء بسلوك المجتمع وتشجيعه على إعادة تدوير النفايات واستخدامها في أعمال مفيدة.
الفنان الشاب لم يستسلم لحملة التشويه والسخرية التي طاولته نتيجة فكرته السابقة، وأدت إلى وأدها في حينها، مشيراً إلى أنه والمجموعة التي يعمل من ضمنها ماضيان في تطبيق المزيد من الأعمال المشابهة، واثقاً بأن أعمالهم في النهاية ستُحقق أهدافها بالانتشار، والمساهمة في تغيير سلوك المجتمع، من سلوك هادم للبيئة والمرافق العامة إلى سلوكيات بناءة.
وأكد الشاب المتحمس أن المجموعة كانت حريصة على أن تكون البداية من منطقة عسير، على أمل الانتقال إلى بقية مدن المملكة.
لم يتوقف اليوسي عند حدود الكلام، بل شرع ومجموعته «ملهمتي»، التي تضم شباباً سعوديين متطوعين في ممارسة الفنون وتقديمها للجمهور، في تنفيذ مشروعهم المبتكر، الذي أصبح قبلة المصطافين في مدينة أبها، والتي غالباً ما تفوز بالسبق الفني في كل صيف إلى جانب عشاق مناخها وطقسها البارد والمطير.
«الحياة» التقت اليوسي الذي يطرب هذه الأيام للصدى الذي حققه المشروع الجديد. إنه لا يجد الوقت لنفسه حتى وهو غارق بالمهمات والواجبات الفنية التي يتطلبها مشروعه اللافت، متجاوزاً العثرات الأولى.
المشروع في فكرته العامة بيئي واجتماعي بامتياز. إنه مهرجان مفتوح لمفهوم إعادة التدوير واستثمار المستعمل وصون البيئة من العبث واللامبالاة، يكسوه طابع فني وإبداعي ملهم. يسرق الأضواء بهدوء، وينافس باقتدار تلك المشاريع الفنية التي تحيط به في مدينة صغيرة مثل أبها، ولكنها تضج بالفن والحياة.
فإذا نويت زيارة منطقة عسير الشاهقة، ومدينة أبها على وجه الخصوص، يجب أن يتضمن جدول زياراتك وسياحتك، حديقة «ملهمتي» التي حوّلها فريق فني من الشبان والفتيات، يصل عددهم إلى ٥٠ فناناً ومعاوناً، قطعة من الجمال.
عمل الفريق التطوعي لمدة شهرين على تحويل المستهلكات اليومية أعمالاً فنية لافتة، تثير إعجاب زائري الأماكن السياحية، وعلى امتداد واسع من إحدى الحدائق العامة التي خصصتها أمانة عسير تصل مساحتها إلى نحو 7 آلاف متر في مقابل سد أبها على الحزام الدائري بالقرب من الممشى، أنجز الفنانون والفنانات المشاركون نحو 100 عمل من الغرافيكس والصوتيات ومختلف أشكال الفنون التي اعتمدت في شكل كامل على تدوير المستهلكات اليومية وتحويلها إلى أعمال تلفت الأنظار.
تم استعمال عدد كبير من المواد والخامات المستهلكة كالأخشاب والأوراق والبلاستيك المرن والمقوى والمعادن وغيرها، لإنتاج أعمال ثابتة وأخرى متحركة وصلت حتى الآن إلى 100 عمل.
حديقة «ملهمتي» ستتحول خلال إجازة الصيف الحالية ورشة لطرح الأعمال في شكل دائم، لتصبح منصة دائمة لكل المبدعين والموهوبين في المنطقة، الذين استفادوا من المكونات الطبيعية لعسير، إضافة إلى الاستفادة من التراث الثري للمكان.

وبيّن الفنان الشاب أن الموقع يهتم بتقديم أعمال الغرافيكس والصوتيات وكل أشكال الفنون، مبيناً أن العمل خلال الفترة الحالية يتركز في الممشى، وسيتم التوسع ليشمل كل أرجاء الحديقة، مشدداً على وجود جيل من المبدعين والمبدعات الذين سيقدمون رسائلهم الفنية في الموقع الذي سيمثل حالة فكرية جديدة ومبتكرة.



الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...