التخطي إلى المحتوى الرئيسي

«المهرجانات الموسمية» تتحول إلى تظاهرة اقتصادية.. وتنطلق إلى العالمية


جدة – عمر البدوي 

< تحول «مهرجان بريدة للتمور» إلى تظاهرة سياحية واقتصادية كبيرة، بعد أن كان مجرد ملتقى لبيع التمور، واكتظ بفعاليات ونشاطات متعددة أسست لثقافة اقتصادية وسياحية واعدة، وهي سوق موسمية تقام كل عام عندما تنضج التمور، وتبدأ مع آب (أغسطس) وتستمر ثلاثة أشهر، وهي الأكبر عالمياً من حيث العرض، وتقدر مبيعاتها اليومية بـ18 مليون ريال، كما تتجاوز أنواع التمور 30 صنفاً.
وبفضل المهرجان تحولت التمور في منطقة القصيم من منتج زراعي شعبي إلى منتج اقتصادي يقف في الصف الأول عالمياً، ويُعد المهرجان الذي انطلق قبل 15 عاماً أحد أهم المهرجانات التي تقام في المملكة، ويستقطب متسوقين من جميع دول الخليج العربي، كما يتواصل التجار من مختلف دول العالم، عبر النوافذ الإلكترونية التي يقدمها المهرجان للشراء.
ويشهد المهرجان تطوراً من عام إلى آخر من نواحٍ عدة، وكان التنظيم والإحصاء من أهمها، إذ شهدت الأعوام الأخيرة إحصاء وتحديد جميع أنواع التمور التي تدخل إلى السوق عبر أجهزة يستخدمها طاقم سعودي، إضافة إلى فرز المتوسط والممتاز والفاخر، قبل دخول السيارات إلى السوق.
ويأتي ضمن سلسلة المهرجانات التي تنظمها مدن ومناطق المملكة على أساس ما تشتهر به من صناعات ومنتجات طبيعية، وأصبحت استثماراً موسعاً يعود بالنفع كثيراً على قطاعي الاقتصاد والسياحة بفضل ما تضخه هيئة السياحة والتراث الوطني من جهد.
وحقق مهرجان «الأحساء للنخيل والتمور» في نسخته الأخيرة 60 صفقة، بلغ إجمالي قيمتها نحو 226 ألف ريال، وكشفت أمانة الأحساء عن نيتها تحويله إلى «مهرجان دولي» خلال السنوات المقبلة، مشيرة إلى قرب الانتهاء من إجراء استحداث مختبر جودة متقدم، ما يسهل اعتماد المواصفات الدولية، من أجل التصدير. وأختتم مهرجان «الورد الطائفي» فعاليات دورته الـ12 قبل أشهر، إذ تشمل مدينة الطائف على أكثر من 700 مزرعة في منطقتي الهدا والشفا، وتزامناً مع موعد حصاد الورد في أواخر آذار (مارس) وحتى نيسان (أبريل) 2016، وذلك بهدف التعريف بالورد ومراحل قطفه وتقطيره، وبذلك يسهم في تنشيط الحركة السياحية الداخلية. وتوقع مزارعون في الطائف أن يصل إنتاج مزارعهم العام الحالي إلى أكثر من 250 مليون وردة في ظل الأجواء الزراعية الملائمة لعملية القطاف، وسط توقعات ببلوغ كمية الإنتاج أكثر من 20 ألف تولة من دهن الورد العطري.
ويشهد المهرجان مشاركة دولية للمرة الأولى من خلال شركات متخصصة في الورود، كما عززت أمانة الطائف مشاركتها بست مبادرات أسهمت في جذب آلاف الزوار. وأنطلق مهرجان «الزهور» في ينبع - التي تشتهر بهيئتها الصناعية - محققاً نجاحات اقتصادية كانت رافداً أساسياً للمهرجان، وذلك بفضل الحركة التجارية النشطة في المدينة، واستقطاب الشركات الزراعية المتخصصة، إضافة إلى تنشيط حركة البيع والشراء والإقبال الكبير الذي تشهده الوحدات السكنية كالفنادق والشقق المفروشة، التي أسهمت في زيادة الحركة السياحية أيام المهرجان.
وأشارت التقديرات إلى تجاوز قيمة الاستثمارات حاجز 1800 مليون ريال، بفضل فرص الاستثمار التجاري، جنباً إلى جنب مع فرص الاستثمار الصناعي الذي تتميز به المدينة.
وفي منطقة جازان يقام مهرجان «المانغو والفواكه الاستوائية»، ويختص بعرض أنواع مختلفة من المانغو إلى جانب عدد من الفواكه الاستوائية وأبرزها التين والبابايا والجوافة والموز التي تنبت في المنطقة، كما تخلل المهرجان فعاليات متنوعة.
وبدأت أول نسخة في عام 2005، إذ بدأت المنطقة بزراعة المانغو بشكل رسمي منذ العام 1982، عندما أدخلت وزارة الزراعة ممثلة بمركز الأبحاث الزراعية بالمنطقة بعض أنواع المانغو من الدول التي اشتهرت بزراعته ومن أبرزها مصر والسودان والهند وكينيا وأمريكا وأستراليا، وأثبتت التجربة نجاحها.
واختتم المهرجان في نسخته العاشرة بدخوله موسوعة غينيس للأرقام القياسية «بأكبر كوب مانغو في العالم»، بسعة 6 آلاف لتر، إذ كشفت الإحصاءات الأولية عن توافد أكثر من مليون زائر خلال انعقاده.
وإلى جانب هذه المهرجانات التي أصبحت على مستوى عال من النضج والشهرة والمردود الاقتصادي، ما زالت مهرجانات لمنتجات أخرى تحاول البحث عن آفاق التطور والتحسن بما يزيد من فعاليتها وتأثيرها على اقتصاد وسياحة البلاد، كما أنها توطن المنتجات وتساعد في تنويع مصادر الدخل وتنشيط السياحة والسوق المحليتان.
ومن ذلك مهرجان «البُنْ السياحي» في محافظة الداير بني مالك شرق منطقة جازان، وهو يختص بعرض محاصيل نبات البُن، التي تنبت في معظم أراضي القطاع الجبلي من المنطقة، إضافة إلى المناطق المجاورة وأبرزها عسير والباحة، ويشمل المهرجان معرضاً خاصاً بالبُن، إضافة إلى فعاليات ثقافية وشعبية وترفيهية وتسوّق.



الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...