التخطي إلى المحتوى الرئيسي

«خبراء» ينتقدون «تسليع التراث» ويزهّدون في مبالغات ترميم المباني الأثرية


جدة – عمر البدوي 
نبه بعض المتخصصين من التزييف الذي أصاب بعض المباني الأثرية بفعل التحسينات والترميمات بالمواد التي لم تكن موجودة سابقاً، مما أفقدها قدراً كبيرا من أصالتها، والاتجاه نحو «تسليع التراث» ودور ذلك في فقدان الهوية الحقيقة للتراث العمراني والاتجاه نحو السياحة التراثية المزيفة.
في كل بقعة من السعودية يولد مشروع لترميم أماكن تراثية وقرى أثرية، غالباً تكون مهجورة بعد أن رحل عنها أهلها لتبدل ظروف المعيشة وتغير أنماط الحياة.

يجري تجديد تلك القرى والأسواق الأثرية بجهود فردية وتطوعية، أو بتوجيه رسمي ترعاه وتتبناه هيئة السياحة والتراث الوطني في المملكة، كثير من تلك الأماكن الأثرية أصبح مزاراً سياحياً مهماً، يحتفظ بتاريخ المكان وطرائق أهله الأوائل في مكابدة الحياة وابتكار سبلهم وأنماطهم المخصوصة والمتعددة لمواجهة متطلبات المعيشة في الزمن القديم.
ثمة أماكن حازت عناية دولية، كان آخرها تسجيل واحة الأحساء كموقع تراثي عالمي خامس منطقة تسجل في منظمة اليونسكو نتيجة عمل دؤوب ومنهجية واضحة تبذلها الجهات الرسمية والأهلية. يزيد هذا من حماس الكثير من مناطق وجهات المملكة لمسارعة الخطى نحو هذا التوجه، لاسيما وأنها زاخرة بهذا النوع من المواقع، إذ لا تخلو مدينة سعودية من نسختين لطبيعتها المدنية والحياتية، وجاءت رؤية ٢٠٣٠ كدفعة إضافية في هذا المسار لضمان تحقيق أقصى استثمار واستكناه لباطن أرض السعودية التي اختزنت الكثير من تراث الإنسان القديم وتاريخه العريق.

مؤخراً أقر وزير التجارة والاستثمار رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة الدكتور ماجد القصبي اللائحة التنفيذية لنظام كود البناء السعودي، التي تهدف إلى وضع الحد الأدنى من المتطلبات والاشتراطات التي تحقق السلامة والصحة العامة في المباني والمنشآت.
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها «الحياة» فان اللائحة التنفيذية لكود البناء السعودي استثنت المباني التاريخية المصنفة من جهة الاختصاص من تطبيق اشتراطات الكود، في حال إذا لم تشكل خطراً يهدد الأرواح أو الممتلكات عدا اشتراطات الحماية من الحريق، ومع الاستثناء لم تشر إلى تفاصيل موسعة بخصوص حفظ هوية المكان عن المضافات غير الاصيلة فيه.

وأكدت اللائحة التنفيذية لكود البناء السعودي حظر تطبيق أي كود آخر يتعارض معه على جميع أعمال البناء والتشييد في القطاعين العام والخاص حسب تصنيف المباني، بما في ذلك تصميم البناء وتنفيذه وتشغيله وصيانته وتعديله، وعلى المباني القائمة في حالة ترميمها، أو تغيير استخدامها، أو توسعتها، أو تعديلها، أو إزالتها. ونصح عدد من الخبراء والمعلقين إلى ضرورة طرق الأفكار الجديدة في هذا المجال، وإظهار ما تزخر به تراث المملكة وتاريخها الاجتماعي والجغرافي من تنوع وثراء، والزهد في المبالغات التي تنطوي على حب المنافسة أكثر من جعل هذه المناطق تعبيراً حقيقياً لنمط الحياة القديمة ومقاربة موضوعية لظروف المعيشة وحجم فجوة التحولات التي طرأت لضمان تسجيل قياس لمسافة التغيير والتأثير التي أحدثتها معطيات الحاضر.
مشددين على أن المكسب من مثل هذه الفرص هو إذكاء الوعي، وتمويل الدراسات الميدانية في حقول الاجتماع والجغرافيا والانثروبولوجيا بشواهد حقيقية لا تغالي في إضافة ما لا ينتمي إلى التكوين الأصيل في العمران أو الإنسان.

وقال الباحث الجغرافي سعد عبدالله عمير لـ «الحياة» تعد السياحة ظاهرة جغرافية بامتياز ولهذا فإن جغرافية السياحة تهتم بالسائح وموارد السياحة بين العرض والطلب السياحي والاثار المترتبة عليها وتفاعل الانسان مع المكان.
ولعل السياحة التراثية نالها من التأثيرات الثقافية والاجتماعية ما نالها وخصوصاً أن التراث من أهم الموارد السياحة التي تستقطب العديد من السياح للحصول على الخبرة السياحية.

وحيث إن التراث العمراني من أكبر الشواهد على التحضر بأشكاله والذي يعد أهم موارد الأصالة السياحية للمكان والانسان، إلا أن الأصالة للتراث العمراني أصابها التزييف بفعل الممارسات من المستضيفين اذ قاموا بعمل ترميمات وتعديلات في المباني بقصد تسليع هذا التراث بما يناسب رغبة السياح من جهة وتوفير موارد مالية تعود بالنفع لمالكي المكان من جهة ثانية. يذكر أن هذا السلوك بالتزييف انما هو نتيجة تشارك بين المضيف والمستضيف اذ ان الكثير من السياح يعلمون أن أصالة المكان ليست كما كان عليه في السابق ويرحب بعملية التغيير لتوفير الجهد والاستمتاع بالمكان في اجواء آمنة ويعلم أنه من المستحيل أن تبقى مقنيات المكان دون تغيير أو إضافة أو استبعاد.
كما يعلم كثير من السواح أن ما تملكه الساحات الخلفية التي يعيش فيها السكان الأصليون أكثر أصالة قد يتعذر وصولهم إليها إما لعدم الترحيب بهم أو أنها تمثل خصوصية لا يمكن الوصول إليها لذا تجد السياح يقبلون بما يتم عرضه في الساحات الأمامية كالمعارض والمتاحف والقرى التراثية والتي تعبر بشكل ضمني عن الساحات الخلفية وبذلك يتم تسليع هذا التراث العمراني والخبرة السياحة بتزييفها والحصول على خبرة سياحية تفقد جزءاً كبيرا من أصالتها.
وبذلك فإن هذه العلاقة الاجتماعية والثقافية بين السائح والمستضيف تعاني من أسلوب المواجهة والتي قد لا تعني الكثير من السياح.
ويقتصر ذلك على المستفيدين والمهتمين بالتثاقف لذلك تجدهم يعملون بكل جد من أجل إظهار الثقافة المحلية كما يجب ولو كان على حساب الأصالة واللجوء للتزييف المتفق عليه بتسليع الموارد السياحية التراثية والعمرانية على وجه الخصوص بغض النظر عما يتركه من أثر سلبي بيئي أو اجتماعي او ثقافي.

ويضيف: ليس الأمر بهذا السوء وخصوصًا في السعودية لتقارب الثقافات والخلفية الثقافية لسكانها، والأمر لا يعدو كونه جدالا من زاوية فيها الملاحظة واستطلاع الرأي هو الفيصل لكل من يخالف هذا الرأي والحكم ليس على إطلاقه.
فالعلاقة والتثاقف والمواجهة والتسليع والأصالة عبارة عن علاقات معقدة يقودها توجه بشري يأثر فيها الاعلام وتبادل الخبرات وسرد الذكريات والتجارب الفردية والجماعية.
ومع هذا وذاك فإن المردود الاقتصادي لمثل هذا المورد وخصوصا مع تزايد الطلب يجعل من أثر العلاقة الثقافية والاجتماعية السلبي أمرًا يمكن تجاوزه والتعود عليه مع مرور الزمن لما له من دور في انعاش اقتصاد المكان والدولة بشكل عام.

الرابط :
http://www.alhayat.com/article/4594565


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائياً ع

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم، ومن

ماذا يخطر في بالك ( 5 ) ؟

هنا أنقل بعضاً من منشوراتي على صفحتي في ( الفيس بوك ) . راجياً لكم النفع والفائدة  . ضعف التقدير يقود إلى سوء التقرير . .................. كلما كان واقعك ثرياً وغنياً ، بارت بضاعة خيالك الواهم . …………… إذا أحببت شيئاً ثم التقيت به بعد غياب فكأن الروح ردت إليك بعد غيبة الموت ، أو العقل عاد بعد جنون ، أو الذاكرة استفاقت بعد غيبة . كل الأشياء الرمادية تسترجع ألوانها الزاهية ، والروائح الزاكية تستجرّ عنفوانها ، والمشاعر اللذيذة تستعيد عافيتها . ما يفعله الشوق بك من ذهاب العقل وغيبة الذاكرة وموات الروح ، يفعل بك الوصل أضعافه من الفرح والطرب والنشوة . لقد جُبل هذا القلب على الإلف بما يحبه والتعلق به حتى يكون بمثابة الطاقة الموصولة بألياف الكهرباء ، أو الزيت الذي يقدح النور ، والجمر الذي يستفز أعواد البخور . وإذا غاب المحبوب واستبد بك الشوق انطفأ نور الوجه وضاقت النفس وذهب الفرح حتى يعرف ذلك في حدة طبعك وانغلاق عقلك وعبوس وجهك ، فإذا التقى المحبوبان والتأم القلب عادت المياه لمجاريها وشعشع الوجه واتسع الثغر وانفرجت الأسارير . سبحان من خلق . ……………… إذا كنت تسم