التخطي إلى المحتوى الرئيسي

خادم الحرمين في خطابه بـ«جامعة القاهرة» .. لإعلان «مبدأ سلمان»



يترقب العالم العربي اليوم كلمة الملك سلمان بن عبدالعزيز من على منبر جامعة القاهرة، ضمن فعاليات زيارته التاريخية إلى مصر في يومها الخامس والأخير، بعد أن زار عدداً من المؤسسات الرسمية والدينية المصرية في سابقة من نوعها، تؤكد عمق العلاقات بين البلدين، والدور الجديد الذي تلعبه السعودية في المنطقة مع حليفها العربي الأكبر ثقلاً، في ظل ما تعيشه العلاقة من متانة وتوافق غير مسبوقين، لا سيما وأن المنطقة والعالم تلفهما ظروف سياسية، تطلبت نوعاً من التحرك الاستراتيجي المؤثر من أكبر دولتين عربيتين، تمثلان الاعتدال ومنطق الدولة الراسخة.
وفي 4 حزيران (يونيو) 2009، ألقى الرئيس باراك أوباما خطبة سُمّيت «بداية جديدة» في قاعة الاستقبال الكبرى بجامعة القاهرة، وكانت الخطبة وفاء بوعد من أوباما أثناء حملته الانتخابية، بأن يوجه رسالة إلى المسلمين من عاصمة إسلامية في أشهره الرئاسية الأولى.
افتتح أوباما خطبته بتحية الإسلام «السلام عليكم» (نطقها باللغة العربية)، تلتها آيات من القرآن الكريم أول الخطاب وفي أثنائه، وحوت خطبته مجموعة مواضيع، منها التطرف العنفي، والصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، والأسلحة النووية (وأشار فيها إلى إيران)، والديموقراطية وحرية المعتقد وحقوق المرأة والتطور الاقتصادي، ودعت إلى الفهم المتبادل بين العالمين الإسلامي والغربي، قائلاً إنه يجب على الطرفين أن يبذلا وسعهما لمواجهة التطرف العنفي.
لكن الجزء الأطول في الخطبة كان حديثه عن السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إذ أكد أوباما العلاقة القوية بين أميركا وإسرائيل، واصفًا إياها بقوله: «لا يمكن قطع الأواصر أبدًا»، لكنه وصف أيضاً حال الفلسطينيين بأنها «لا تطاق»، ووصف تطلعاتهم لبناء الدولة بأنها «مشروعة تماماً مثل طموح إسرائيل في وطن يهودي».
ومع أن الديموقراطية كانت الموضوع الخامس من بين سبعة مواضيع في خطاب أوباما القاهري، ظهر غير مهتم باحتجاجات المعارضة في إيران التي جرت بعد بضعة أيام فقط من خطابه.
وزاد من سلبية الدور الأميركي مكافأته لإيران باتفاق دولي يضخ في جسدها بلايين الدولارات، لمضاعفة دورها التخريبي في المنطقة، وزيادة توحشها في دعم الميليشيات وإثخان الواقع العربي، على رغم الدور الذي تلعبه طهران ضد مصالح المنطقة وانحيازها لآيديولوجيتها الضيقة.
وبانسحاب أميركا من العراق ومن جملة تعهداتها التاريخية للمنطقة، أصبح الشرق الأوسط مكشوفاً للاختراقات الإقليمية والدولية، زاد من ذلك انكفاء العواصم التقليدية للوطن العربي على انشغالاتها المحلية بعد عاصفة الربيع العربي.
وتطلب ذلك جهداً سعودياً مضاعفاً على كاهلها، وزاد تولي الملك سلمان لزمام القيادة من عزم السعودية وحزمها على تبني مشروع سد الفراغ وترميم الفوضى التي أحدثتها عوامل سياسية متضافرة في المنطقة.
«عاصفة الحزم» التي جاءت مثل إعلان صارخ عن الدور السعودي الجديد، كان «الفعل» برهاناً ساطعاً على تحمل جاد لمسؤوليات المهمة التاريخية للسعودية، وزيارة الملك السعودي لمصر وما فيها من بيانات في مجلس النواب ويوم تسلم القيادة وخطابه المرتقب في جامعة القاهرة هي «القول» في هذه المعادلة المكتملة.
وكان السكرتير الصحافي للبيت الأبيض روبوت جيبس برر اختيار أوباما لمصر عند إلقاء خطابه بأنها «الدولة التي تمثل قلب العالم العربي من مختلف الجوانب».
وكذا الحال بالنسبة لزيارة الملك سلمان إلى مصر، لأنها كانت ولا تزال قلب التأثير العربي الأظهر. وفي 11 نيسان (أبريل) 2016، يأتي خطاب خادم الحرمين في جامعة القاهرة إعلاناً عن وجهة السياسة في المنطقة، ولكن هذه المرة «بلسان عربي».
يذكر أن مجلس جامعة القاهرة، قرر في اجتماعه الأخير، منح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الدكتوراه الفخرية، تقديراً لدوره المتفرد، وبوصفه شخصية عالمية محورية لها تأثير بالغ ومشهود في محيطها العربي والدولي.
وأكد رئيس جامعة القاهرة الدكتور جابر نصار في تصريح صحافي أن قرار منح الدكتوراه لخادم الحرمين الشريفين يأتي تقديراً لإسهاماته البارزة في خدمة العروبة والإسلام والمسلمين، ومساندته لمصر وشعبها، ولدوره البارز في دعم جامعة القاهرة، وإطلاقه مشروعاً تاريخياً لتطوير مستشفيات جامعة القاهرة؛ بما يؤدى إلى تمكينها من أداء رسالتها نحو مجتمعها المصري ومحيطها العربي.



الرابط :

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...