التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بعد لندن وباريس.. «الباص السياحي» يحط رحاله في الرياض


الرياض – عمر البدوي 
< بعد أن كانت شهرته غربية مثل باريس وروما، دشن نائب رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني للمناطق الدكتور وليد الحميدي أمس مبادرة «الباص السياحي»، التي أطلقتها الهيئة، ممثلة في فرعها بمنطقة الرياض، وذلك ضمن برنامج المسارات السياحية الذي تنفذه الهيئة بالتعاون مع عدد من شركائها في القطاعين العام والخاص. ويرسم «الباص السياحي» مساراً سياحياً خاصاً للزوار والسياح في منطقة الرياض، من خلال برنامج لرحلات الحافلة السياحية للتعريف بالعديد من المواقع السياحية والتراثية في الرياض، بهدف تأسيس وجهات سياحية على مستوى المملكة مترابطة ومتكاملة، مكتملة الخدمات والمنتجات السياحية. وأوضح المدير العام للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بمنطقة الرياض المهندس عبدالعزيز آل الحسن، أن المشروع يهدف إلى التسويق والتعريف بأهم مواقع الجذب السياحي بمدينة الرياض للمواطنين والمقيمين والزوار، وإبراز الرياض وجهة رئيسة للسياحة وبناء التصور الإيجابي لها بوصفها مدينة سياحية، إضافة إلى تسهيل مهمة السياح في البحث عن المواقع السياحية بالمدينة. ولفت إلى أن خدمة «الباص السياحي» تربط ماضي الرياض بحاضره من خلال زيارات المعالم والتاريخية والتراثية والتجارية والمرافق العامة بالمنطقة، ومن أبرزها مركز الملك عبدالعزيز التاريخي وقصر المصمك وسوق الزل ومحافظة الدرعية ووادي حنيفة والمتحف الوطني، مبيناً أن الفترة المقبلة تشمل مسارات عدة للباص السياحي بمدينة الرياض ومحافظاتها، مؤكداً أن جولات الباص ستدعم التوجه نحو السياحة ضمن مجموعات سياحية، وهي الثقافة الغائبة عن السائح السعودي، إلى جانب ربطه بين العديد من الجهات العاملة في قطاع السياحة مثل الفنادق ومنشآت الإيواء السياحي ومواقع وعناصر الجذب بالعاصمة من متاحف حكومية وخاصة ومعالم وتراث عمراني وأيضاً خدمات الإرشاد السياحي فضلاً عن منظمي الرحلات السياحية من خلال ما تقدمه من برامج للسياح. والباص السياحي فكرة تقليدية، درجت معظم الوجهات والعواصم السياحية على اعتماده وسيلة نقل مفضلة للتعريف بمناطقها واستيعاب زوارها، فباص باريس مثلاً يتكون من طابقين، يكون العلوي منهما مكشوفاً لتمكين السياح من رؤية المناطق السياحية بسهولة.
وعادة ما يكون الطابق العلوي مزدحماً أيام الصيف لجمال ودفء الجو، وخاوياً أيام الشتاء لبرودة الجو، ولا يعرف ما إذا كانت باصات الرياض ستتمتع بهذه المزايا في ظل الأجواء الصعبة التي تمر بها وقت الصيف.
ساعتان ونصف الساعة فقط يحتاجها باص باريس السياحي للمرور على أهم المعالم السياحية في العاصمة الفرنسية مع متحدثين يزودونك بالمعلومات المهمة وبلغات عدة، وهو الوقت الذي تحتاج الرياض مع زحامه إلى ضعفه أحياناً. كما يمكنك النزول عند أي نقطة من النقاط التسع المتوزعة في أرجاء باريس للتجول ثم الرجوع باستخدام أي باص سياحي يعود للشركة نفسها، وهو ما يأمل المهتمون بحدوثه في الرياض كذلك.
الفكرة ليست جديدة تماماً على السعودية، إذ دشن العام الماضي في عسير باص سياحي، ولكن الفكرة الجميلة اجهضت بعد أن رصده مواطن وهو يصدر من عادمه أدخنة كثيفة ملأت الطريق وربما حجبته في أحد شوارع أبها. وزادت خيبتهم أكثر عندما انتشرت صورة له وهو متوقف بجوار إحدى الورش مستسلماً لأعطاله وكأنه إعلان نهاية الحلم الجميل.
ولعل الفكرة الأقدم من ذلك بكثير، «الكدادين» حول الحرم المدني الشريف، إذ ينادي قائدو الباصات الصغيرة هناك عن عروضهم في رحلة كاملة حول معالم المدينة التاريخية والأثرية بسعر مخفض ومناسب، ولا يجد زوار مدينة المصطفى حرجاً أو تردداً في اختيار هذه الخدمة التي بقيت شامخة لسنوات من دون أن تجد من يتبناها أو يرعاها من الجهات السياحية الرسمية.



الرابط :

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...