التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الجدل يتصاعد حول مستقبل الصحافة الورقية وجاهزية الإلكترونية


{ جدة - عمر البدوي 

< ما زال المستقبل ضبابياً في شأن الصحافة الورقية في ما تعانيه اليوم من صعوبات مالية اضطرتها لفرض عدد من القرارات الحادة في مسيرتها، ما اضطر رئيس هيئة الصحافيين السعوديين المنتخب حديثاً إلى فتح النقاش حول الهموم الصحافية في سلسلة مقالات أثارت ردود فعل مختلفة، وكذلك الحال في شأن الصحافة الإلكترونية وجاهزيتها الكاملة لاستقبال المهاجرين إليها من الورق.
رئيس هيئة الصحافيين السعوديين رئيس تحرير صحيفة «الجزيرة» خالد المالك بمقالاته أثار مخاوف من ترك البلاد بلا صحافة، في حال لم تعالج الأزمة القائمة، أو تجتمع المؤسسات الصحافية على همها المشترك في شأن مستقبلها.
وأكد المالك في حديثه لـ«الحياة» أن «هيئة الصحافيين» للتو انتخبت، ولن تتبنى أي مبادرة قريباً، ولكن كل الاحتمالات واردة، لأن القرار يعود لمجلس الإدارة وإجماعه وليس لشخص، ولكن المهم في هذا الموضوع هو المؤسسات الصحافية التي يفترض بها المبادرة في هذا الخصوص.
وفي شأن من يرى موت الصحافة الورقية، قال المالك: «لا بأس إذا كان هذا رأيه، ولكن ماذا عن البديل؟ وهل الصحافة الإلكترونية جاهزة حتى لا نجد أنفسنا غداً بلداً بلا صحافة؟ وإلا فإن التجديد مطلوب للاستمرار ولا خلاف عليه، وهو جزء من عمل الصحافيين والصحافة، ولكن السؤال حتى في ظل التجديد هل الصحافة ستستمر أم تتوقف؟ لأن المؤسسات بلا استثناء تعاني من شح الموارد الآن، وهي تغطي المصاريف بصعوبة على رغم خطط الترشيد».
وعند سؤاله عن «المحتوى»، أكد أنه يعاني الآن وهو في نزول، بدءاً من خفض عدد الصفحات ثم الكمية، بعد ذلك ستقل جودة الورق لتوفير المصروفات، ثم تقلّص ذوي الرواتب العالية على رغم كفاءتهم، وبالتالي لن تخدم المحتوى إذا كانت الموارد ضعيفة.
وقال: «إن كانت الصحافة الإلكترونية جاهزة للتحول فهذا ممتاز، ولكن هذا غير صحيح، لأن الصحف الإلكترونية تعتمد على طواقم عمل صغيرة وحجم موازنات قليلة لا تشبه إمبراطوريات المؤسسات الصحافية، وهي لن تتأثر بالأزمة الحالية، بعكس الخطورة التي تواجهها المؤسسات الصحافية ومنتجاتها، التي يفرض عليها الواقع مراجعة ظروفها».
وتمنى المالك أن تكون الصحافة الإلكترونية جاهزة، وأن تحقق أرباحاً، وأن يكون التوجه لها بهذه الروح المتفائلة، ولكنها ليست جاهزة خلال هذه المرحلة على رغم أنها البديل ولا تتوافر فيها مواصفات الصحافة الحقيقية، والمطلوب العمل من وزارة الإعلام والمؤسسات الصحافية لبحث المشكلة.
بدوره، قال رئيس تحرير صحيفة «الشرق» خالد بوعلي لـ«الحياة»: «المشكلة في المحتوى وعدم الاهتمام به بشكل جيد أكثر من أي شيء آخر، الصحافة الورقية في أوروبا وأميركا مثلاً متفوقة، وفي الدنمارك تشهد نمواً وازدهاراً، وبالتالي المشكلة هي في المحتوى، إضافة إلى (السوشال ميديا)، وكذلك الظروف الاقتصادية، ولكن ليس بالشكل الذي يجعل الورقية منقرضة ومهددة، والمطلوب هو التوازن ووجود الطرفين، لأن تحول الورقية بشكل كامل إلى إلكترونية غير ممكن».
وأضاف: «ربما لم تتنبه المؤسسات الصحافية السعودية من وقت مبكر لهذا التأثير، أو جاء مبكراً أكثر من اللازم، ولا تنسَ أن الصحف لها مواقع على الإنترنت ومميزة، ولها حضور على (السوشال ميديا) وتنافس بقوة، وبالتالي لا داعي لإلغاء الورقية، بل هي باقية وستظل، إلا أنها تعاني أزمة في المحتوى، ولكنها تتفوق على سرعة (السوشال ميديا) بالصدقية التي لا تتوافر في الصحافة الإلكترونية، كما أن الصحف الورقية القليلة العدد تعتبر السوق الأبرز للإعلان، ولكن الأزمة الاقتصادية العالمية تركت أثراً كبيراً». واستطرد بالقول: «أتفق مع كلام خالد المالك، ومن الطبيعي للمؤسسات الصحافية أن تواجه مشكلة، ولذلك أسباب كثيرة، يأتي على رأسها المحتوى، إضافة إلى تأثير الصحافة الإلكترونية والسوشال ميديا والوضع الاقتصادي، وهناك دول مجاورة لنا تدعم الصحافة، لأن لها دوراً اجتماعياً وتخدم البلد، والأزمة لم تنشأ من فراغ، ومرتبطة بكمية إنفاق المبالغ فيه الذي كانت تعتمده الصحف قديماً وكلفها الكثير من الإرهاق المالي، واستنزاف موازناتها في المكاتب وتضخم المحررين والمطابع».
وبيّن بوعلي أنه لصناعة محتوى جيد يجب التركيز على اعتماد الصحافي الشامل، الذي يحترف المهنة ويخدم المحتوى بشكل جيد، والحد من المصاريف غير المنطقية، وخلق تكامل مع الصحافة الإلكترونية بحيث يبقى الجميع.
من جانبه، تحدث لـ«الحياة» رئيس تحرير صحيفة «مال» الإلكترونية مطلق البقمي قائلاً إن الصحف الإلكترونية التي تعمل بشكل مؤسساتي وتسوّق نفسها بشكل جيد لا تواجه أي مشكلة، مثل صحيفتَي «سبق و«مال»، «ونحن في مال، التي تعتبر الصحيفة الاقتصادية السعودية الإلكترونية الأولى التي تتخصص في الشأن الاقتصادي، وتنقل عنها وكالات إعلامية دولية، سنغلق عام 2016 على نتائج جيدة، ونستعد للعام المقبل على رغم كل أزماته، وكل ذلك تحقق بإمكانات صحافة إلكترونية أسهمت في صنع نقطة تحول وحازت ثقة النقل عنها».
وأضاف أن الصحافة الإلكترونية جاهزة الآن لتتربع مكان الورقية، ولكنها تحتاج إلى إجراءات من المشرّع نحو تفعيل حفظ الحقوق، خصوصاً صحافة الأفراد، إذ تواجه معاناة لأنها محدودة ولا تقارن بعمل المؤسسات.
وقال البقمي: «نحن بحاجة إلى قرار تاريخي يشبه ما حصل قبل 50 عاماً وكان علامة فارقة وما زلنا نجني ثماره حتى الآن، وهو صدور قرار بتحويل صحافة الأفراد إلى صحافة مؤسسات، وهذا ساعد في تطوير الصحافة بشكل مؤسساتي وكبير جداً وأصبحت هناك فرص واعدة للاستثمار، وبالتالي تحتاج الصحافة الإلكترونية إلى محفز تشريعي لتحويلها إلى عمل مؤسساتي وليست صحافة أفراد تتحكم فيها الدوافع والأهواء، ويخدم التوزيع العادل لكعكة الإعلان».
وأوضح رئيس تحرير صحيفة «مال» الإلكترونية أن الصحافة الإلكترونية ليست إعلاماً جديداً، ولكنها تطور للإعلام القائم، مثل ما حدث في الحواسيب والإذاعة والتلفزيون، وبالتالي هو تطور وسيلة يحافظ على القوالب الصحافية الراسخة نفسها، ولكن عبر الشاشة وبتقنيات جديدة، وكثير من القائمين على الصحافة الإلكترونية ذوو خبرة إعلامية كبيرة وأبناء وسط صحافي ورقي.
وأكد أن هناك صحفاً إلكترونية تعتمد أسلوب الإثارة ونقل الأخبار من مصادر هشة، ولكن بتدخل وزارة الإعلام سيحجم دورها ويرفضها السوق بكل الأحوال يوماً ما.
من ناحيته، قال الإعلامي والديبلوماسي سعود كاتب لـ«الحياة»: «كنت أقول بأفول الصحافة الورقية قبل 18 سنة، وكان الجميع يجدني مبالغاً، وكانت المقاومة شرسة من المسؤولين في الصحف الورقية، على رغم تقديم أرقام تثبت انخفاض التوزيع والإعلانات والمقروئية، بل تدهور الصحافة الورقية، ولكننا واجهنا حالة إنكار مستمر».
ولفت إلى أنه ألَّف كتاباً عام 2002 عنوانه «الصحافة المطبوعة في طريقها للانقراض»، وأضاف: «صحيح هناك من يقرأ الصحف اليوم، ولكنهم آخر جيل، لذلك بمغادرتهم ستختفي الصحافة الورقية، لأن الجيل الجديد منكب على الهواتف». وأكد كاتب أن المالك في سلسلة مقالاته مازال متمسكاً بالأسلوب القديم إلى الرمق الأخير، وهو تدخل الحكومة لإنقاذ الصحف، وهو حل قد يطيل عمرها إلى خمس سنوات كحد أقصى، ولكنه ليس طريق النجاة، وهو التحول إلى التكنولوجيا الرقمية ولا حل آخر.
وأشار إلى أن المقالات لم تشجع على تطوير المحتوى المميز واستثمار التكنولوجيا، ولا توحي برؤية المستقبل أمامه، مؤكداً أن «المالك قامة إعلامية لا جدال فيها، ولكن لا يملك أدوات الجيل الجديد، وهيئة الصحافيين لا تبشّر بخير لمستقبل الصحافة والمؤسسات الصحافية لدينا وأنها تسير في الطريق الصحيح».
ولفت كاتب إلى أن مواقع الصحف لا تحقق دخلاً، لأنها تقليدية، ولا تقدم محتوى مختلفاً ولا تقنية مميزة، فالـ«نييورك تايمز» مثلاً لديها تقريباً 600 ألف اشتراك للدخول إلى موقعها الإلكتروني، والسبب هو تقديم محتوى مختلف ومميز، يدفعهم لذلك عن طريق الانفوغرافيك والفيديو والرسوم والنصوص وتوظيف كل إمكانات التكنولوجيا.
وقال: «لا مستقبل للصحافة المطبوعة سوى الموت، والحقيقة أنها لن تستمر، ويجب أن نكون واقعيين».



الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائياً ع

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم، ومن

ماذا يخطر في بالك ( 5 ) ؟

هنا أنقل بعضاً من منشوراتي على صفحتي في ( الفيس بوك ) . راجياً لكم النفع والفائدة  . ضعف التقدير يقود إلى سوء التقرير . .................. كلما كان واقعك ثرياً وغنياً ، بارت بضاعة خيالك الواهم . …………… إذا أحببت شيئاً ثم التقيت به بعد غياب فكأن الروح ردت إليك بعد غيبة الموت ، أو العقل عاد بعد جنون ، أو الذاكرة استفاقت بعد غيبة . كل الأشياء الرمادية تسترجع ألوانها الزاهية ، والروائح الزاكية تستجرّ عنفوانها ، والمشاعر اللذيذة تستعيد عافيتها . ما يفعله الشوق بك من ذهاب العقل وغيبة الذاكرة وموات الروح ، يفعل بك الوصل أضعافه من الفرح والطرب والنشوة . لقد جُبل هذا القلب على الإلف بما يحبه والتعلق به حتى يكون بمثابة الطاقة الموصولة بألياف الكهرباء ، أو الزيت الذي يقدح النور ، والجمر الذي يستفز أعواد البخور . وإذا غاب المحبوب واستبد بك الشوق انطفأ نور الوجه وضاقت النفس وذهب الفرح حتى يعرف ذلك في حدة طبعك وانغلاق عقلك وعبوس وجهك ، فإذا التقى المحبوبان والتأم القلب عادت المياه لمجاريها وشعشع الوجه واتسع الثغر وانفرجت الأسارير . سبحان من خلق . ……………… إذا كنت تسم