التخطي إلى المحتوى الرئيسي

«افهمني» تثير الاستياء.. و «جمعية» تعتذر


{ جدة - عمر البدوي 

< أثارت لوحة توجيهية نشرتها جمعية خيرية للتنمية الأسرية امتعاض متابعين، لتضمينها لغة تمتهن المرأة.
اللوحة التعبيرية تصوّر اعتذاراً مفترضاً من الزوجة إلى زوجها نتيجة التقصير، لكنها حملت مستوى مبالغاً به مثل كلمات «أطفئ سعير غضبك بهدوء حلمك، وتجاوز عن عظيم خطئي بجميل عفوك». وتسببت اللوحة، التي نشرت على الحساب الرسمي للجمعية على «تويتر» في سيل من التغريدات الناقدة للأسلوب، الذي اعتبر انتقاصاً لمكانة الزوجة، ومغالاة غير محسوبة في لغة الاعتذار، الأمر الذي دفع الجمعية للاعتذار عبر الحساب نفسه، وأن اللوحة جاءت ضمن حملة بعنوان «افهمني»، وهدفت الجمعية من خلالها إلى بث الوعي الأسري، غير أنها «لم توفق في إخراج بعض الرسومات والعبارات». وأكد ممثل مجلس إدارة الجمعية محمد العبدالقادر أن الجمعية قدمت عشرات البرامج والحملات والأنشطة الإثرائية والتدريبية والتوعوية، التي انعكست على استقرار الأسرة في المنطقة الشرقية، «من خلال متابعة عينة ممن انضموا إلى برنامج المقبلين على الزواج بلغت نسبة الاستقرار ٩٦ في المئة، وتمكن ثلاثة آلاف شاب وفتاة من الاقتران بالزواج». وأضاف: «حملة افهمني هدفها تصحيح بعض المفاهيم والممارسات الخاطئة المؤثرة في استقرار الأسرة، ونحن نبدأ بالزوجة ثم الأبناء ثم الزوج، وفي الحقيقة لم نوفق في إخراج الحملة بما يحقق الأهداف، وحصل بعض اللبس في عبارات ورسومات لم نقصد منها ما ذهب إليه ناشطو تويتر». وأضاف العبدالقادر: «نشكر من علّق ونصح، والنقد ظاهرة صحية حين يكون هادفاً بنّاءً مؤدباً، ونعد المتابعين بحملة أفضل وأكثر تأثيراً». وألقت تعليقات متابعين في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» باللائمة على الجهات الحكومية المسؤولة عن مراجعة مضامين بعض الحملات الاجتماعية، وتساءلوا عما إذا كان ما يطرح للمقبلين على الزواج في كثير من الدورات المنتشرة مثل هذه المضامين، التي قد تؤسس لعلاقة زوجية مختلة. يذكر أنه سبق لدورة تدريبية في مدينة الرياض أن أثارت لغطاً، بسبب حملها شعار: «همس الجواري»، وحملت في طياتها محاور معقدة عن «رمانية الشكل» و«شخصية الفراشة»، و«التمرحل بين الشخصيات الأنثوية»، وسواها من العبارات التي أثارت استياء المتابعين. وانتقدت مقالات صحافية سماح الجهات الرسمية بمثل هذه الدورات، وموافقتها على بعض العناوين التي تنتهك حرية وكرامة المرأة. إلى ذلك، ثار نقاش ساخن منذ مدة حول بعض الدورات التدريبية، التي تحمل إساءة إلى طبيعة العلاقة الزوجية، فضلاً عن تنميط بعض الانطباعات الثقافية السلبية، مثل إحدى الدورات التطويرية التي حملت عنوان «زوجة المعدد»، التي منعت المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني من إتمام إقامتها. كما احتدم الجدال بسبب دورة في أكاديمية سعودية للتدريب والاستشارات بعنوان «هل المرأة إنسان»؟ وجلب ردود فعل غاضبة، دفعت بالأكاديمية إلى إصدار توضيح، بعد أن أثار الإعلان جدلاً واسعاً، واعتبر إساءة علنية إلى المرأة. وأكد المدرب والمستشار الأسري خالد الكناني أن الدورات عن العلاقات الزوجية يجب أن «تعتمد على النصوص الشرعية من الكتاب والسنة، وأن تركز على الهدي النبوي في الحياة الزوجية النبوية الراقية، وأن تعرّف بالحقوق الزوجية لكل واحد منهما، والحقوق المشتركة، والتدريب العملي والتطبيقي للحوارات الزوجية الناجحة، ومراعاة الشمولية لجميع الجوانب الشرعية والاقتصادية والنفسية والاجتماعية والصحية، والتأكيد على أن الزواج مسؤولية وتضحية وقبول للاختلاف». وشدد الكناني على ضرورة تجنب المبالغة في العبارات، التي يوصف بها أحد الزوجين، والحذر من العبارات التي تخالف الآداب الإسلامية، وحضَّ على الاستفادة الحكيمة من الدراسات النفسية والاجتماعية والصحية الحديثة، بما لا يتعارض مع الكتاب والسنة.



الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...