التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إيران إذ تخطط للبقاء طويلاً



إذا نويت مرة أن تتوجه إلى مطار بيروت، أو مغادرته إلى حيث تقصد ، ستُطالعك لوحة عملاقة تحمل اسم " جادة الإمام الخميني"  عند مدخل المطار.
تسببت هذه اللوحة بتسميتها الجديدة في جدل ونقاش طويل ، سرعان ما انطفأ وذهب مع الريح ، وبقي واقع أن بلداً مثل لبنان أصبحت ملامحه مسلوبة لصالح المتنفذ الإيراني ، وقد أحكم قبضته وأخذ يشوه وجدان هذا البلد العربي الذي طالما كان منارة حرية ودوحة انفتاح وقبلة للفرح والسياحة وراحة البال.
ما إن غرزت طهران مخالبها الشرسة ، ودفعت بوكيلها " ميليشيا حزب الله " إلى أقصى ما يطيق من توسيع نفوذه وبسط قوته ، حتى شلّ هذا البلد الوادع ، انصرف عنه الناس ، عجز عن تشكيل حكومة تخدم مواطنيها شهوراً طويلة ، ذهب شبابه صرعى دفاعاً عن الرايات الأيديلوجية العمياء ، أزكمت روائح القمامة شوارعه ، دخلت البلد في سبات تنموي طويل ، وذهب صوت المنطق وسط ضجيج الخلافات السياسية المزعجة ، إنها نتيجة طبيعية لكل بلد تدخل إليه إيران وتعيث فيه فساداً وتنكل بأهله وتعبث بمستقبله وتفسد فيه الهواء والماء والأرض والسماء.
كانت لبنان نافذة العرب إلى الحرية ، بلد التعدد ، مصنع الأفكار والفن والجمال ، الكثير من ذلك انحسر ، وأخذ يخبو ، لا تنقص لبنان أسبابه الداخلية التي جففت ينابيع الحياة لديه ، لكن ما تفعله إيران وقد أطبقت على أنفاس لبنان وأهله ، هو نهاية طريق الأمل بعودة بلد الأرز إلى وداعتها وسلامها ، وحيويتها ، شحبت ملامحه ، وانطفأت الحياة في عروقه ، واستسلم لحالته الجنائزية اليوم.
يجلس البلد الآن على كف عفريت ، يحبس أنفاسه مع كل احتكاك تتورط فيه طهران مع المجتمع الدولي ، يستنفر أهله ، لأنهم ولحيلتهم الضعيفة ، سيصبحون وقود حرب كبرى لا ناقة لهم فيها ولا جمل ، وحطباً لجبهة مواجهة مفتوحة مع العالم ، يدفعون ثمن ارتباطهم القسري بالمرشد الإيراني ، والارتباط به يكلف فاتورة باهظة المتاعب ومرشحة للنزيف الدائم حتى الموت الأبدي بلا أمل للنجاة.
لم يعد هذا واقع يقاسيه لبنان وأهله فقط ، بل يحدث في أماكن أخرى من الجسم العربي المثخن بالجراح ، في الجارة سوريا ، التي طال التغيير ديمغرافيتها ، واستعيض أهلها بالمستقدمين من إيران والعراق وأفغانستان ، استطونوا بيوتهم واستملكوا ضيعاتهم ، وطردوا أهلها غير آبهين بمصائرهم المجهولة.
فعلت إيران بسوريا الكثير ، مسخت هويتها ، وانتزعت منها روحها العربية الأصيلة، حتى أصبح بقاء سوريا بلداً وأرضاً وحكومة ، مرتبطاً ببقاء النظام في طهران ، وعندما استقبل روحاني وخامنئي مؤخراً رئيس النظام السوري بشار الأسد ، لم يجدوا غضاضة أو حاجة لوضع العلم السوري ، كان يكفي علم إيران ، فقد أضحى بشار ومن بعده سوريا دمية في عهدة ملالي طهران.
عندما سقط صدام حسين نتيجة الغزو الأمريكي ، وأصبحت أبواب بغداد مفتوحة للوافد الإيراني ، سعت طهران لتنتقم من كل ما هو عراقي ، من عروبته ، تاريخه ، رموزه ، لوثت مياهه ، فتكت بنسيجه ، فككت سلامه الداخلي ، بثت في أحشائه ميليشياتها المتحفزة للدمار ، وزعت صور الخميني وخامنئي في شوارع العاصمة بغداد ، تماماً كما هو الحال في ضاحية لبنان الجنوبية ، أو شوارع صنعاء ذات مظاهرة حوثية تتعالى منها صور الخميني بلا حياء.
تفعل إيران هذا ، لأنها تخطط للبقاء طويلاً في مستعمراتها العربية ، يبدأ ذلك بالفوز برجدان المجتمع ، ترهيباً أو ترغيباً ، فعندما استعصت عليها بيروت في ٢٠٠٨ ، أرسلت عناصر حزب الله للنزول إلى شوارعها التي تحولت لمدينة أشباح ، وبدأت تستسلم كلياً لهوى طهران ، وتبخس من رصيدها العربي.
كان لسوريا بقية من سيادة وعروبة ووقار ، يمكن أن تحميها في وجه نوايا إيران لالتهامها بالكلية ، لكن الحرب التي فتكت بها بعد الثورة الشعبية ، كانت بوابة الدخول الواسع لمنهج قاسم سليماني في بسط سيطرته وبث سمومه ومدّ نفوذه ، وتمت أكبر عملية تجريف لبلد قائم ، وشيدت إيران على خرائبه سلطانها المقيم.
تتبع إيران سياسة البناء خارج الدولة ، تعتمد على الميليشيات لبث نفوذها في البلد الذي تنتوي السيطرة عليه ، أكبر خصومها هو منطق الدولة ، ولذا كان مزعجاً بالنسبة لها وجود رفيق الحريري منافساً وحاملاً لواء دولة ذات سيادة ، وكان القتل البشع هو لغتها في التعامل معه.
الآن لا شيء ثقيل على نفس رعاة المليشيا في طهران أو وكلاؤهم في البلدان العربية ، مثل ذكر اسم الدولة أو منطقها ، أو أي شيء متصل بها ولو كان اسم شخص يرقد في قبره ولا يملك من أمره شيء مثل الحريري ، وقد غرد أحد عناصر ميليشيات حزب الله قائلاً إن حل أزمة مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت يبدأ بتغيير اسمه.


الرابط :

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائياً ع

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم، ومن

ماذا يخطر في بالك ( 5 ) ؟

هنا أنقل بعضاً من منشوراتي على صفحتي في ( الفيس بوك ) . راجياً لكم النفع والفائدة  . ضعف التقدير يقود إلى سوء التقرير . .................. كلما كان واقعك ثرياً وغنياً ، بارت بضاعة خيالك الواهم . …………… إذا أحببت شيئاً ثم التقيت به بعد غياب فكأن الروح ردت إليك بعد غيبة الموت ، أو العقل عاد بعد جنون ، أو الذاكرة استفاقت بعد غيبة . كل الأشياء الرمادية تسترجع ألوانها الزاهية ، والروائح الزاكية تستجرّ عنفوانها ، والمشاعر اللذيذة تستعيد عافيتها . ما يفعله الشوق بك من ذهاب العقل وغيبة الذاكرة وموات الروح ، يفعل بك الوصل أضعافه من الفرح والطرب والنشوة . لقد جُبل هذا القلب على الإلف بما يحبه والتعلق به حتى يكون بمثابة الطاقة الموصولة بألياف الكهرباء ، أو الزيت الذي يقدح النور ، والجمر الذي يستفز أعواد البخور . وإذا غاب المحبوب واستبد بك الشوق انطفأ نور الوجه وضاقت النفس وذهب الفرح حتى يعرف ذلك في حدة طبعك وانغلاق عقلك وعبوس وجهك ، فإذا التقى المحبوبان والتأم القلب عادت المياه لمجاريها وشعشع الوجه واتسع الثغر وانفرجت الأسارير . سبحان من خلق . ……………… إذا كنت تسم