التخطي إلى المحتوى الرئيسي

السعودية تنسج علاقتها الجديدة بهدوء ووعي

يلمح المتأمل في سير العلاقة التي تجمع الرياض ببكين، رهان السعودية على فرص التطوير وإنماء المشتركات بين البلدين.


الثلاثاء 2019/02/26


أنهى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان زياراته المثمرة والمؤثرة إلى باكستان والهند والصين، والتي يقود من خلالها بلاده إلى مرحلة جديدة، تكون فيها الرياض قطبا لسياق مختلف يغيّر وجهة المنطقة ويحكم آليات العمل في سياساتها ويضبط معادلات الحراك الاجتماعي والاقتصادي فيها.
يسافر الأمير محمد، محمّلا بالمشاريع التي تنطوي عليها رؤية السعودية 2030. ويفتح خرائط العمل الدؤوب على كل الطاولات التي يجلس حولها متطلعا للعب دور ما في صيغة العمل التي تنتظم فيها مجموعة من عواصم الجغرافيا.
وفي باكستان التي يقودها عمران خان القادم من أوساط غير سياسية تقليدية، كثيرا ما روّج خصوم السعودية أن رئيسا بهذه الخلفية لن يكون بردا وسلاما على الرياض، لكن الحقيقة جهرت بخلاف ذلك.
ولقي الأمير محمد بن سلمان منذ وصوله إسلام أباد حفاوة غير مسبوقة. وأضفت حرارة الاستقبال والترحيب الكثير من الألق على برنامج الزيارة الزاخر بالوعود والنوايا الصافية. ولم تكن النوايا الطيبة والحفاوة الصافية وحدها عنوان زيارة الأمير محمد لباكستان، بل كانت دلالات الزيارة في ظل تداعيات الانفجار الذي أدى إلى مقتل 27 عنصرا من الحرس الثوري. وافتعلت طهران اتهامات ملفقة لباكستان والسعودية والإمارات بالوقوف وراء التفجير بالتزامن مع الزيارة.
وهو تشويش تعودت إيران ممارسته ضد كل تحرك يوسّع من نفوذ السعودية، وكذلك فعلت قطر بإشاعة أخبار مهلهلة عن مظاهرات شعبية ضد زيارة ولي العهد السعودي إلى باكستان. وعادة ما تذهب تلك الصيحات المغرضة سدى وبلا طائل، كتلك التصريحات المتشنجة التي لا يكف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن إطلاقها ضد الأمير محمد بن سلمان التي تذروها الرياح ولا تسمع لها ركزا.
ومن باكستان إلى الهند، انتقل الأمير محمد بن سلمان. وهناك استقبل بنفس الحفاوة، إذ استمرت ظاهرة كسر البروتوكولات في استقبال الضيف الخليجي المهم. وتواترت الأخبار عن دور سعودي قد تلعبه الرياض لإصلاح شقوق أزمة تاريخية بين البلدين. وستضع السعودية ثقلها الاقتصادي والديني والدبلوماسي لدعم فكرة المصالحة الحرجة التي قد ترفع عنهما كاهل العداوة وتدفعهما إلى بحث مستقبل أقل تورط في متوالية الضغينة واستنزافاتها.
ويزور الأمير محمد في محطته الثانية بلدا نهض من وحل مشكلاته المعقدة وارتقى إلى علياء طموحه الكبير. راهن على الإنسان في محيط واسع من الإحباطات. الهند التي عانت مرارات الاستعمار وضعف الموارد وجروح السياسة والوهن الاجتماعي، تجاوزت كل ذلك لتصبح بلدا منافسا، وبمقدور هذه القصة أن تلهم طموح الرياض لزيادة فعاليتها وشحن رؤيتها نحو المستقبل المختلف.
وبعد سلة زاخرة من الاتفاقيات والمذكرات التي جمعت البلدين، واللقاءات التي عقدها الأمير محمد في بلد البحوث التقنية والتكنولوجية، وهي أكثر ما تبحث عنه السعودية في رؤيتها الجديدة، غادرت طائرته إلى الصين محققا خطوة في سلم علاقة تنمو بهدوء ووعي. في بكين العاصمة التي تزحف دون عوائق لتحتل صدارة المشهد، بسياسة النأي إلا من الرهان على أدوات الاقتصاد والاستثمارات، وهي المفردات التي تشكل وعي المستقبل السعودي.
يلمح المتأمل في سير العلاقة التي تجمع الرياض ببكين، رهان السعودية على فرص التطوير وإنماء المشتركات بين البلدين. ولذا فقد ضمّت مخرجات الزيارة أكثر مما تحتمله جولة عابرة. فتحت الرياض أهم نافذة للتواصل بين الشعوب ذاهبة بالتنسيق والتفاهم إلى مرحلة بعيدة.

Looking back at Saudi crown prince's Asia tour

Riyadh stands to be a major pole for a different regional context with different objectives and working mechanisms.
Thursday 28/02/2019
Saudi Crown Prince Mohammed bin Salman bin Abdulaziz has concluded his fruitful and influential visits to Pakistan, India and China, leading Saudi Arabia towards a new phase in which Riyadh stands to be a major pole for a different regional context with different objectives and working mechanisms.
Crown Prince Mohammed carried with him a basket of development and cooperation projects that were part of Saudi Arabia’s Vision 2030. At each stop, he opened new vistas for hard work, looking forward to a leading role in vitalising the economic dynamics in the capitals.
Saudi rivals have claimed that a person such as Pakistani Prime Minister Imran Khan, who comes from non-political circles, would not be cooperative with Riyadh but they were proven wrong. In Islamabad, Crown Prince Mohammed enjoyed unprecedented welcome and warmth. A great deal of lustre was lavished on his visit, which was full of promises and good intentions.
His visit carried more than good intentions and had other significance considering the repercussions of the attack in Iran that killed 27 members of the Islamic Revolutionary Guard Corps.
Tehran did not miss the chance to make up false claims, accusing Pakistan, Saudi Arabia and the United Arab Emirates of being behind the bombing. It was nothing new on the part of Iran, which is always wary of any Saudi move in the region.
Qatar broadcast flimsy rumours about popular demonstrations against the Saudi crown prince's visit to Pakistan but these futile and trite attempts to hurt Saudi Arabia have nowhere to go but in the wind, just like Turkish President Recep Tayyip Erdogan’s constant gripes against Crown Prince Mohammed.
From Pakistan, he travelled to India where he was welcomed with the same hospitality. On many occasions, rigid protocol rules were bypassed to welcome the Gulf guest.
There was news of a possible Saudi role to address the historic crisis between Pakistan and India. Saudi Arabia is willing to put its economic, religious and diplomatic weight behind the idea of a critical reconciliation that could ease the hostility between the two countries and help them look for a better future, free of resentment and its heavy price.
India, Crown Prince Mohammed’s second stop, is a country that has bypassed the quagmire of complex problems and is soaring at the heights of great ambitions.
India has left its frustrations behind and has invested in its human capital. Gone were the bitterness of colonialism, the limitations of resource scarcity and the pains of political wounds and social weakness. India is becoming a regional rival and a world player. India’s story can inspire Riyadh's ambition to increase its effectiveness and look forward to a different future.
After a series of agreements that brought together the two countries and meetings attended by Crown Prince Mohammed concerning technical and technological research, something that Saudi Arabia is looking forward to achieving in its new vision, he landed in China to mark another important milestone in the growing ties between the kingdom and the host country.
Beijing has been quietly inching its way, unimpeded, to becoming a major world focus by remaining politically aloof and neutral while betting on the tools of economic development and investment. These elements are the same ones making up Saudi Arabia’s consciousness of its future.
Any observer of Saudi-Chinese relations can notice progress achieved, in addition to Saudi Arabia’s betting on more and improved development opportunities between the two countries.
The outcomes of Crown Prince Mohammed’s tour were more than passing and haphazard. Riyadh has opened a major window of opportunity and communication between peoples of the region, taking coordination and cooperation between them to a higher level.


الروابط :



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائياً ع

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم، ومن

ماذا يخطر في بالك ( 5 ) ؟

هنا أنقل بعضاً من منشوراتي على صفحتي في ( الفيس بوك ) . راجياً لكم النفع والفائدة  . ضعف التقدير يقود إلى سوء التقرير . .................. كلما كان واقعك ثرياً وغنياً ، بارت بضاعة خيالك الواهم . …………… إذا أحببت شيئاً ثم التقيت به بعد غياب فكأن الروح ردت إليك بعد غيبة الموت ، أو العقل عاد بعد جنون ، أو الذاكرة استفاقت بعد غيبة . كل الأشياء الرمادية تسترجع ألوانها الزاهية ، والروائح الزاكية تستجرّ عنفوانها ، والمشاعر اللذيذة تستعيد عافيتها . ما يفعله الشوق بك من ذهاب العقل وغيبة الذاكرة وموات الروح ، يفعل بك الوصل أضعافه من الفرح والطرب والنشوة . لقد جُبل هذا القلب على الإلف بما يحبه والتعلق به حتى يكون بمثابة الطاقة الموصولة بألياف الكهرباء ، أو الزيت الذي يقدح النور ، والجمر الذي يستفز أعواد البخور . وإذا غاب المحبوب واستبد بك الشوق انطفأ نور الوجه وضاقت النفس وذهب الفرح حتى يعرف ذلك في حدة طبعك وانغلاق عقلك وعبوس وجهك ، فإذا التقى المحبوبان والتأم القلب عادت المياه لمجاريها وشعشع الوجه واتسع الثغر وانفرجت الأسارير . سبحان من خلق . ……………… إذا كنت تسم