التخطي إلى المحتوى الرئيسي

شابة سعودية تحوّل المهملات إلى قطع حياة


آخر تحديث: الإثنين، ٢٨ أغسطس/ آب ٢٠١٧ (٠١:٠٠ - بتوقيت غرينتش)جدة - عمر البدوي 

لا يمكن توقع الفكرة المقبلة بالنسبة إلى الفنانة السعودية ريم التويم، وهي تحضّر منتجها الجديد، إذ إنها وفي كل مرة تذهل أفكارها متابعيها ومتذوقي فنها المختلف، لكونها تحول الأشياء البسيطة العابرة إلى لوحة تستغرقك وقتاً طويلاً لتتأملها وقد أصبحت قطعة من جمال وخيال.
و «الخيال» كلمة السر بالنسبة إلى ريم، وهو يمدّها بالأفكار بلا توقف، أو بالأحرى تصوغ أفكارها هناك، إذ لا حدود ولا قيود، ولا فضاء أو سقف للممكنات، وذلك ما ينسكب فناً في لوحاتها غير التقليدية.
أعمال بسيطة، أو أدوات مهملة ومستعملة في يومياتنا الرتيبة تتحول بفضل أفكارها قطعة فنية ساحرة وربما ساخرة، ولكنه شيء ما يستحق التوقف عنده، وكأنها تخاطب نزعاتنا للاستهلاك، أو تراجع ثقتنا بإهمال كل ما نظن انعدام قيمته وفوات دوره وانتهاء صلاحيته، كل شيء قابل للحياة من جديد، الأمر يبدأ من الخيال ولا ينتهي عند حدود يمكن السيطرة عليها.
وتجد ريم التويم نفسها وموهبتها في الفن التشكيلي، عبر رسومات مبتكرة تنفذها باستخدام المستهلك والملقى من العلب والكراتين وبقايا القهوة، ولكن بطريقة مختلفة ولا يمكن توقع نتائجها.
طوّعت مهارتها وأفكارها الابداعية لتبدع من كراتين مهملة رسومات تميزت بالبساطة والبراعة في الوقت نفسه، وحظيت تغريداتها التي نشرتها في حسابها على «تويتر»، بتداول كبير وإشادات واسعة، وقبل ذلك حسابها في «انستغرام» الذي تحول معرضاً مفتوحاً لكل ما يذهل الناظر ويلفت عنايته.
تقول التويم لـ «الحياة»: «منذ طفولتي وأنا أهوى الرسم والفن بجميع أنواعه، مع الممارسة وتشجيع الأهل والمعلمات والأصدقاء كبرت هذه الموهبة شيئاً فشيئاً، أحببت التصوير والتصميم كذلك، وشاركت في بعض المنتديات والمواقع، وذلك كان في بداية دخولي عالم الإنترنت، ثم ظهرت مواقع التواصل الاجتماعي التي تعتبر منصة جيدة وسريعة وفعالة لعرض الأعمال للعامة». وتتابع ريم قولها: «بدأت عرض الأعمال على برنامج انستغرام، والآن يبلغ عدد المتابعين أكثر من ٣٠٠ ألف متابع، تعليقات المتابعين على أعمالي وتشجيعهم كانا دافعاً لي لأن أقدم مزيداً من الفن، وأحببت أن أجعل الخيال الذي يدور في ذهني مرئياً، وأن تكون أعمالي مُختلفة عن غيرها، وأن تقدم أفكاراً جديدة وغير تقليدية تجذب المشاهد، وأن تكون لها وقفة تأمل، وليست صورة عابرة».
وتضيف: «التغذية البصرية هي مصدر إلهامي، أُخصص وقتاً في تأمل أعمال الفنانين، وفي تأمل الأشياء من حولي، كيف أستطيع أن أجعل من الشيء العادي شيئاً مُميزاً، كيف أحول الأدوات التي نستخدمها في حياتنا اليومية إلى عمل فني جديد، كيف أصنع عملاً فنياً بسيطاً وعميقاً في الوقت نفسه؟ أحب التجديد والتنويع في عرض الأعمال، وألا تكون على نمط واحد».

وعن الفن تقول: «في النهاية أؤمن بأن الفن ليس له قاعدة أو قانون، ولا يقتصر على ورقة وفرشاة، فهو عالم واسع مليء بالحياة، ورسالتي كفنانة هي أن أكون مبتكرة ومميزة ومصدر إلهام لمن يشاهد أعمالي، وأتمنى أن يكون مستقبل الفن في السعودية مميزاً عبر دعم وتشجيع الأعمال الفنية الجديدة والمبتكرة».



الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...