التخطي إلى المحتوى الرئيسي

«الأضاحي».. مشروع عملاق يطعم 30 مليون فقير في 27 دولة


آخر تحديث: الثلاثاء، ٥ سبتمبر/ أيلول ٢٠١٧ (٠١:٠٠ - بتوقيت غرينتش)مكة المكرمة - عمر البدوي 

< في أيام الحج عبر التاريخ كان اللحم يفيض عن حاجة الناس بسبب محدودية الإمكانات واكتفاء الناس من اللحوم، فكانوا يلجأون إلى تشريق اللحوم في أيام التشريق وتجفيفها لحملها معهم إلى بلدانهم.
ولكن مع مرور الزمن تحول توزيع لحوم الهدي والأضاحي والاستفادة منها عبئاً كبيراً ينوء به الحاج، وأيضاً سكان مكة، فلذلك كان كثير من الحجاج يقومون بالذبح في الطرقات ثم يترك ذبيحته كما هي لتلوث المكان، وتكون مواقع لانتشار الأمراض والروائح الكريهة، ونتيجة لذلك كانت آلاف من الهدي والأضاحي تترك ومخلفاتها في العراء، فتقوم الجهات المسؤولة في أمانة العاصمة المقدسة بدفنها في مواقع جماعية يتم حفرها من طريق الــجرافات مــن دون الاستفـــادة منهــا.
وقال الباحث السعودي في المدن الإبداعية الدكتور سعيد العمودي، والمهتم بتحويل مكة لمدينة إبداعية في حديث لـ«الحياة»، مع تزايد المأساة والتلوث البصري والبيئي للهدي والأضاحي التي يعاني أصحابها من توزيعها أو حتى تخزينها، لذا تم إنشاء أول مبادرة لذلك بمشروع المملكة العربية السعودية للإفادة من الهدي والأضاحي عام 1403هـ الموافق 1983، وأسندت مهمة إدارته إلى البنك الإسلامي للتنمية، بمشاركة عدد من الجهات الحكومية السعودية، وكان الهدف هو الاستفادة من لحوم الهدي والأضاحي الفائضة ونقلها لفقراء العالم.
وفي 1420هـ تطور هذا المشروع، حيث تم إنشاء أكبر مجزرة آلية في العالم في المعيصم بهدف الاستفادة القصــوى من لحوم الهدي والأضاحي.
هذا المشروع المميز والفريد في العالم لخدمة الفقراء والمحتاجين، يعمل فيه 40 ألف موظف في تفاصيله كافة من الإدارة والإشراف والذبح والشحن والتوزيع، ويتم في المشروع ذبح مليون رأس من الغنم سنوياً والآلاف من الجمال والأبقار، وتوزع على 30 مليون إنسان من الفقراء واللاجئين في 27 دولة في آسيا وأفريقيا. ليس هذا فحسب، ولكن أيضاً تم إنشاء محطة معالجة مخلفات الذبح وفق نظام متطور للتخلص من هذه المخلفات بطاقة نحو (500 طن يومياً) وتحويلها إلى أسمدة طبيعية مع تصفية الدهون واستخدامها صناعياً بحيث يمكن التخلص من جميع مخلفات الذبح خلال ثمانية أيام بعد انتهاء موسم الحج.

هذا المشروع الفريد من نوعه على مستوى العالم الذي يخدم الغني الذي يقدم اللحم تقرباً لله ويساعده في نقله للفقير المحتاج، يؤكد بوضوح أثر التفكير الإبداعي وأثره الكبير في تحويل المشكلات التي تعاني منها المجتمعات إلى حلول إبداعية مستدامة، وهذا المشروع واحد من الحلول الإبداعية التي تؤكد أن مكة المكرمة بجهود ملوكها خدام الحرمين الشريفين هي مدينة إبداعية تبحث دوماً عن الحلول التي تحسن حياة الناس من حجاج وسكان.


الرابط : 




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...