التخطي إلى المحتوى الرئيسي

«شلل الأطراف» يُلهم «المعشي» حماسة دعوية


القنفذة - عمر البدوي
الخميس ٢٥ يوليو ٢٠١٣

قدّم الشيخ محمد الحسن المعشي الدرس الشهري في مسجده، وكان بعنوان «إن مع العسر يسراً»، وشهد الدرس حضور عدد من الأهالي، وبعد الدرس قدمت جوائز مسابقة «الواتساب» الشهرية، وهي مسابقة جديدة ضمن برامج المسجد لصيف هذا العام، وقدمت جوائز نقدية للمراكز الأولى وجوائز عينية متنوعة لبقية المشاركين، وخصص قسم خاص بالنساء.
كان يمكن لحادث مروري مروّع انتهى بشلل في الأطراف أن يطبع حياة الشيخ محمد الحسن المعشي باليأس والعطالة الاجتماعية، لكنه ألهب لديه الرغبة المشتعلة للدعوة إلى الله، وأذكى إحساسه بالمجتمع وإرادة الخير لأهله وسكان بلدته، إذ زاده المصاب جلادة في الإيمان وقوة في العمل ودافعاً إلى المزيد.
وقع ذلك قبل عقد من الزمان عندما كان المعشي عائداً من «لقاء دعوي» شارك فيه، لتعترضه دابة سائبة في منتصف الطريق، وكاد الحادث يودي بحياته.
تعافى المعشي تقريباً إلا من توقف أطرافه عن العمل، استنجد بمخزون إيمانه ويقينه لمواجهة هذا الوضع الجديد، وأبعد من ذلك استطاع أن يتلاءم معه ويتوافق مع ظروفه الصحية الصعبة، اليوم يقف المعشي على درجة متقدمة من العلم والعمل إذ يغالب إمكاناته الجسدية القاصرة للوفاء بالتزاماته الوظيفية والدعوية والخيرية.
يشهد مسجد باعجاج في بلدة السلامة إحدى ضواحي وادي حلي جنوب محافظة القنفذة نشاطاً غير مسبوق، إذ يتبنى إمام المسجد الشيخ شايع الغبيشي إلى جانب الشيخ محمد الحسن المعشي برنامجاً مكثفاً من المسابقات الأسرية واللقاءات الدعوية والوعظية والملتقيات الاجتماعية وحلقة متميزة لتحفيظ القرآن الكريم، فضلاً عن استغلال المواسم الدينية والرسمية بحزمة من الأنشطة والبرامج المبتكرة والفريدة، وخلال شهر رمضان يقوم على مدارسة القرآن مع شباب الحي في مسجد باعجاج .
يتنقل المعشي يومياً على ظهر دراجته من بيته إلى مسجد باعجاج للتدريس في حلقة التحفيظ التي يشرف على أنشطتها الشهرية، وهناك يلقى حفاوة اجتماعية منقطعة النظير لما أوتي من أدب اجتماعي وقدرة فطرية على استمالة القلوب والتحبب إليها، وكثيراً ما يقضي المعشي حاجاته الشخصية بنفسه دون أن يثقل على غيره، إلا ما اضطر فيه إلى معونة الآخرين ويكاد يطلبها على مضض.
يعمل الشيخ المعشي معلماً نظامياً للمواد الدينية، ويذكر عنه زملاء مهنته حرصه الشديد على طلابه، وإتقانه للشروح التي يبذلها تزكية لعمله وإيماناً بدوره، وهو يتواصل بعناية وحرص مع الآخرين، ولا ينقطع عن السؤال عنهم والحرص على أدق حاجاتهم، وقد يرفع سماعة الهاتف متصلاً بأحدهم لحفزه على الخير وشدّ أزره على عمل البر والإحسان، بنى الشيخ المعشي بيته في زاوية القرية، ويعيش فيه مبتهجاً بحياته رغم كل الظروف التي يعانيها، وحرص على أن يكون الدور الأرضي من منزله قبلة للزوار، ومكاناً لإلقاء الدروس واستقبال الضيوف ممن يرغب في درس وعظي أو كلمة توجيهية. وكثيراً ما تقصده المجاميع الشبابية والتطوعية للاستفادة من مخزون علمه ومكنوز تجربته.
الشيخ المعشي مواكب للتقنية الحديثة، إذ يملك جهاز آيباد خاص، يطلب من خلاله العلم والبحث ويتابع دروس العلماء ويتواصل مع الآخرين، ويصطحبه في دروسه وكلماته بعد تضمينه فكرة الكلمة وأهدافها ونقاطها المرحلية، إلى جانب نشاطه المكثف في المنتديات الإلكترونية وعبر حساباته في الشبكات الاجتماعية التي يستخدمها منبراً آخر للدعوة إلى الله ونشر الخير بين الناس.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...