التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مظاهر الفرح التقليدية تحيي أعياد القرى السعودية

الأعياد موسم الهجرة إلى الأرياف ومدن الأطراف

السبت - 10 ذو الحجة 1443 هـ - 09 يوليو 2022 مـ رقم العدد [ 15929]

بين حكايات الجدّات وصدى الذكريات، يشكّل العيد فرصة لبعض العائلات السعودية للعودة إلى القرى والأرياف ومدن الأطراف الصغيرة، لقضاء إجازة زاخرة بالذكريات والألفة والبساطة بعيداً عن ضوضاء المدن الكبيرة، تنعش من خلالها العادات التقليدية للاحتفال بالأعياد والمناسبات الدينية والاجتماعية. حيث تعيد روح القرية وذكريات أهلها ربط الأجيال بعضها ببعض، بعد أن نأت بهم مشاغل الوظيفة وأعباء الدارسة عن حضن القرية الوثير.

تمثّل الوجبات الشعبية والرقصات الفلكلورية والأزياء التراثية ملامح تقليدية للقرية السعودية في مختلف احتفالاتها، وهي استعادة رمزية وثقافية لجذور صِلة الإنسان بالأرض، وتعوض التفاصيل البسيطة لتراث القرية بدائية خيارات الترفيه وتحقق رحلة من الإشباع للأفراد والعائلات خلال إجازة العيد.

الوجبات التقليدية تتصدر الموائد في الاحتفالات (الشرق الأوسط)


إذ من المألوف أن تنظم القرى تجمعات للإفطار أول نهار العيد سخية بالأكلات الشعبية التقليدية وأصناف خاصة تختص بها المطاعم. وبعد الانتهاء من صلاة العيد، ينخرط الأقارب والجيران في زيارات تبادلية للتهنئة بالعيد وصلة الرحم وإنعاش شريط الذكريات، وبحلول المساء ونهاية اليوم الأول من العيد تُعقد ساحة الألعاب الشعبية والأداءات الفلكلورية المتعددة لتبث الفرحة، فيما تزخر أيام العيد الباقية بجولات في ثنايا القرية ومرابع الصبا والشباب.

خليل عرب، أحد المهتمين بتراث قريته الجنوبية، يشير إلى قيمة هذه المناسبات الاستعادية لتراث يكاد يندثر، يأتي العيد كنافذة لإحياء ما بقي من روح القرية القديمة، مثل رقصة العرضة الجنوبية بكل تلويناتها، وأصناف الأكلات التقليدية، وما بقي من تراث المنطقة قبل أن تغمره الآلات المعاصرة والحديثة.

يملك عرب متحفاً شخصياً يحتفظ فيه بقطع نادرة من تراث الأجداد، ويستقبل برحابة صدر كل من يتطلع للتعرف على هذه التفاصيل التي أضحت عناصر مطوية ومنسية في قصة الماضي، وأصبح من المألوف بالنسبة إليه أن تثير تلك القطع البدائية والتقليدية استغراب وإعجاب الأجيال الشابة التي لم تألفها ولم تعرفها في حياتها الراهنة.

تحتفظ المتاحف الشخصية، التي تقوم على مبادرات فردية وتطوعية، بسردية متماسكة لروايات ماضي القرى والهجر السعودية، ويتوفر في السعودية ما يزيد على 250 متحفاً شخصياً، تتطلع لحقبة جديدة من تطوير دورها في الاحتفاظ بالتنوع الثقافي والاجتماعي في بلد مترامي الأطراف، منذ إنشاء هيئة المتاحف التابعة لوزارة الثقافة السعودية، ورفع جودة المتاحف وفق المقاييس العالمية، والتشجيع على الاستثمار والتمويل في مجال المتاحف، بوصفها جسوراً ثقافية، تربط بين الماضي والحاضر والمستقبل، وبوابة الناس إلى ثقافات المملكة، تأخذهم في رحلة تعريفية بالتاريخ والثقافة والحضارات المختلفة التي شكّلت هويات المجتمع الواحد والمتعدد.

تستقبل الساحات الأضواء والاحتفالات في ليالي العيد (الشرق الأوسط)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...