التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عن ضرورة استمرار الضغط على إيران

توقفت طهران عند نقطة معينة من توسعها وبدأت تدفع ثمنا باهظا لخياراتها المكلفة عبر تفتيت نفوذها ونقمة شعوب المحيط الإقليمي عليها فضلا عن الوهن الذي تعيشه من الداخل.
الجمعة 2020/07/03

لا يمكن إعطاء فرصة جديدة لإنعاش السلوك الإيراني العدواني ضد استقرار المنطقة، ولا التفكير في التخفيف من حدة الضغط الأقصى عليها ومن ذلك رفع حظر السلاح عنها، بل الاستمرار في ذلك للحصول على نتائج هذه السياسة والتي تبدو ملامحها الآن واضحة.

تحثّ الرياض على مواصلة الموقف الدولي تجاه العبث الإيراني، وأبدت ثقتها بهيئة الأمم المتحدة، وأجهزتها الرئيسية، ومنها مجلس الأمن الدولي، في قيامه بواجباته لصون الأمن والسلم الدوليين، ووقف الخروقات الممنهجة للقوانين والأعراف الدولية التي عكف عليها النظام الإيراني، واستخدامه لأدواته الإرهابية منذ عام 1979.

وشجع التساهل الذي أبداه المجتمع الدولي حكام طهران على التمادي في الإساءة لدول المنطقة والمنظومة الدولية ككل، بعد أن أغراها ذلك لتتوسع فوق ما تطيق قدراتها وتحمل المنطقة تبعات سياساتها التخريبية.

يخوض المبعوث الأميركي الخاص لشؤون إيران، براين هوك، جولة دولية بدأها من الخليج لتثبيت بنود سياسات الضغط الأقصى على إيران، ويجد كل التشجيع والتأييد والدعم من عواصم عربية

واليوم بدأ النفوذ الإيراني بالتآكل والانهيار لدى الكثير من دول المنطقة، فضلاً عن الخسائر المعنوية التي يسجلها المحور التابع لها، بعد أن ذابت الشعارات واتضحت الحقائق.

في العراق، حصلت استفاقة حكومية مهمة في إظهار الشجاعة للتخلص من الأدوات الإيرانية وميليشياتها المدججة بالطائفية والتبعية الكاملة، في ظل محاولات رئيس الوزراء العراقي الجديد، مصطفى الكاظمي، الحثيثة للسيطرة على الميليشيات الشيعية الموالية لطهران.

لم تنجح الجولة الأولى رغم كل الدعم والتشجيع الشعبي الصريح والمكتوم خشية من الانتقام، ولكنها خطوة في الطريق الصحيح لرفع أعباء النفوذ الإيراني عن كاهل العراقيين.

في لبنان، تواجه الدولة والمجتمع تبعات قاسية وربما الحلقة الأخيرة من مسلسل ارتهان الحكومة لسيطرة ميليشيا حزب الله وارتهانها لسيطرته، من ذلك اعتراف وزيرة الدفاع في حكومة دياب، بإقفال المجتمع الدولي أبوابه في وجه لبنان نتيجة لعدم ثقته فيه، الأمر الذي ينذر بتعميق الفشل وزيادة الإحباط وانفجار الأوضاع في وجه الراعي الأول للحكومة في لبنان وولائه الكامل لإيران.

غير بعيد عنه ما يحدث في سوريا وهي تترقب الآثار العميقة لقانون قيصر، وما يشير إليه من تبنٍّ أميركي لمشروع يشجع المجتمع الدولي على أن يكون حازماً ويمنع أي تطبيع سياسي أو اقتصادي مع نظام الأسد، حتى يتم التوصل إلى حل سياسي للنزاع وتطبيق القرار 2254.

وفي اليمن يواجه وكلاء إيران الحوثيون، جولة جديدة من التصعيد العسكري بعد إصرارهم على البقاء مطية بيد طهران، وأداة لإيذاء الدول العربية، وأداة طعن في خاصرة الخليج، ويشنّ التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة الرياض عملية عسكرية ضد الحوثيين المدعومين من إيران، بعد أن صعّدت الحركة في هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيرة عبر الحدود.

شجع التساهل الذي أبداه المجتمع الدولي حكام طهران على التمادي في الإساءة لدول المنطقة والمنظومة الدولية ككل، بعد أن أغراها ذلك لتتوسع فوق ما تطيق قدراتها

لقد توقفت طهران عند نقطة معينة من تاريخ توسعها، وبدأت تدفع ثمنًا باهظا لخياراتها المكلفة، عبر تفتيت نفوذها ونقمة شعوب المحيط الإقليمي عليها، فضلاً عن الوهن الذي تعيشه من الداخل جراء العقوبات الاقتصادية وجائحة كورونا التي ضاعفت من الآثار السلبية للواقع الإيراني.

ويخوض المبعوث الأميركي الخاص لشؤون إيران، براين هوك، جولة دولية بدأها من الخليج لتثبيت بنود سياسات الضغط الأقصى على إيران، ويجد كل التشجيع والتأييد والدعم من عواصم عربية، كانت أول من اكتوى بنيران السلوك والعبث الإيرانيَّيْنِ خلال عدد من المناسبات التي لا تزال جراحها مفتوحة بلا أمل قريب بالشفاء.

ويشجع الخليج على استثمار هذه اللحظة المواتية لوقف تمدد إيران ويطالب المجتمع الدولي بموقف حازم ضدها، وسيكون لهذا أثره الإيجابي على ظروف المنطقة الآخذة في إصلاح واقعها.



الرابط :




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...