التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الحنين إلى الماضي القريب


كانت البطولات الرياضية والمنافسات الكروية في محافظة القنفذة تتجاوز كونها مناسبات للمتعة والترفيه ، إلى فرص ثرية لتدريب الشباب على فنون القيادة والإبداع وإدارة المشاريع المفتوحة ، كانت ميداناً للتنافس بين المنظمين على صناعة الفرق والثقل في ترمومتر النجاح ، وكان التدفق الجماهيري شهادة عملية على شعبية المنافسة وموقعها في نفوس مجتمع القنفذة .


وجدت مواهب الشباب القيادية والإعلامية والتنظيمية طريقها إلى هذه السلسلة المتصلة من البطولات والمواعيد الدسمة، فضلاً عن تشجيع المواهب الكروية الواعدة على إثبات وجودها والحفاظ على موهبتها ، على مرأى من الأضواء الإعلامية والجماهيرية التي كانت ملقاة على المستطيل الترابي لتحفز على ذلك .

تحتفظ الذاكرة بزمن ذهبي لهذه البطولات ، قدمت للمحافظة الكثير من الأسماء والليالي التي لا تمحى من حسابات الرياضيين ، استقطبت أسماء لامعة من المملكة ، رياضيين وإعلاميين وطواقم تحكيم ومشاهير ، وفدوا على القنفذة وأخصبوا مناسباتها الرياضية وضاعفوا من مردودها الجماهيري والإعلامي .

فجأة توقف الكثير من هذا الثراء الكروي والتنظيمي ، انسحبت كبريات البطولات من مواقعها الأثيرة ، الفيصل وشباب الصفة والشهيد والصداقة والتضامن ، وبقيت ثلة قليلة من البطولات في القوز وحلي تقاوم للبقاء وتنازع للحفاظ على ما بقي من حماس الزمن الفائت والماضي الجميل .

لا تفسير لهذا الخمود ، سواء بسبب الإحباط البيروقراطي الذي نشأ عن زيادة مراسيم التنظيم والترتيب وتعقيداته ، أو غياب فورات الحماس التي كانت تشعل الجيل الماضي وتترجم في شكل مناسبات رياضية تضجّ بالحياة ، أو انعدام البُعد المؤسسي في اجتهاداتنا الرياضية والتنظيمية بما لا يحفظ لهذه المشاريع ديمومتها واستمرارها ، وقد يكون جزء من كل هذه الأسباب المتوقعة .

المهم أننا نفتقد لذلك الحماس القديم ، ولتلك المنصات الكروية الرائعة ، ونحنّ إلى الزمن البعيد .


الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...