التخطي إلى المحتوى الرئيسي

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية 

السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719]

أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة.

يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم.

وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم، ومنصة لاستعراض أفضل منتجات الفـــــن والإبداع، وهو دعـــــــــوة مفتوحة للتـــــــأمل واستشـــــــراف آفاق واسعة من التجارب الفنية والتعرف على الحراك الثقــــــــــافي المحلي والدولي، بالإضــافة إلى إطــــــلاق مسارات مهنية جديدة.

وأشار الطوق خلال المؤتمر الصحافي الذي عُقد أمس (الجمعة)، بمناسبة إطلاق بينالي الدرعية، إلى أن هذه اللحظة الاستثنائية تمثل رسالة إلى العالم لاكتشاف تطورات مجتمعنا، عبر أول بينالي دولي يقام في السعودية، وكل العطاءات والإنتاجات والفعاليات المصاحبة له والمرافقة لكل التحولات النوعية التي يشهدها الوسط الثقافي السعودي.


من جهتها قالت آية البكري، الرئيس التنفيذي لمؤسسة بينالي الدرعية، إن السعودية تشهد نقلة نوعية على مختلف الأصعدة، ويشـكل الفن جزءاً كبيراً من هذه المسيرة التنموية العريضة.

وأشارت إلى أن مؤسسة بينالي الدرعية وضعت على رأس أهدافها منذ انطلاقتها، توفير منصة إبداعية لفتح الحوارات والتبادل الثقافي بين المجتمع المحلي والعالمي، ويشمل ذلك وضع تصورات مفاهيمية حول البينالي، بما يتناسب مع السياق المحلي، وما يمكن تحقيقه من هذا الحدث الاستثنائي.

ويُزاح الستار اليوم (السبت)، عن الحدث الفني المهم «بينالي الدرعية للفن المعاصر»، في نسخته الأولى تحت عنوان «تتبّع الحجارة»، وهو اقتباس من قول مشهور: «عبور النهر من خلال تتبع الحجارة»، واشتهر في أوائل الثمانينات من القرن الماضي في دولة الصين.

ويعبّر شعار «تتبّع الحجارة» عن أسلوب معين في الانتقال من إحدى ضفتي النهر إلى الأخرى، خطوة بخطوة، ولكن بثبات وحكمة؛ بما يسمح بالابتكار والتجربة وتكرار الخطوات الناجحة، وتعبّر هذه المقولة التي تبناها بينالي الدرعية، عن منهجية متّبعة في التخطيط المجتمعي، خلال فترات التحول والانتقال، ولكن يسع تطبيقها أيضاً على الأساليب الإبداعية، التي يتّبعها الفنانون، فالفن يلعب دوراً محورياً خلال التغيرات الكبرى، حيث يكشف للمشاهدين مفاهيم جديدة، ويتيح للأفراد تصور أنماط مغايرة للحياة، كما يمنح مساحة للتفكير في الأفكار النقدية ومناقشتها.


ووقع الاختيار على فيليب تيناري، المدير والرئيس التنفيذي لمركز الفن المعاصر (UCCA) في الصين، ليكون القيّم الفني على الحدث بالاشتراك مع كلٍّ من وجدان رضا، وليوان شيشوان، ونيل جانغ.

وقال تيناري، خلال المؤتمر الصحافي الافتتاحي: «شرف كبير وجودي هنا، حيث نفتتح أول بينالي عالمي في السعودية، وإتاحة الفرصة لي للعمل كمقيم فني، والمشاركة في خطوة مهمة للفن في السعودية هي الأولى من نوعها».

وأضاف: «اختيارنا موضوع تتبع الحجارة، التي تأتي كتعبير عن عبور النهر، تمثل البحث خلال التغيرات الاجتماعية، وتراكم الانفتاح الذي تشهده السعودية، وهو تعبير مجازي للنشاط الثقافي والتطور الاجتماعي والاقتصادي، يعكس الحركية والديناميكية والاستعداد للتغيير في السعودية، وكيفية التعاطي مع الثقافة العالمية والمحلية».

وأشار تيناري إلى أن البينالي يشكّل منصة لفتح مساقات الحوار مع الفن والفنانين العالميين، وفصلاً جديداً للفن المعاصر، ومع فتح المعرض للجمهور مجاناً، ولثلاثة أشهر، للاحتكاك بمفهوم الفن المعاصر، وإيصال الفن السعودي إلى آفاق أكبر، من شأنه أن يثري التجربة المحلية، ويستثمر الإمكانات الجغرافية والعناصر الثقافية السعودية.

وأضاف: «الجديد في البينالي هو إيجاد نوع من الحوار، وفتح الأبواب لعموم الناس، وخلق مثل هذا التفاعل ضمن هذه الفعاليات، سيحفز المزيد من التطوير التلقائي، وأساس ذلك وجود مستوى أوسع من المشاركة وانخراط الجمهور، وبعد ثلاثة أشهر سنلمس النتيجة».

بينالي الدرعية للفن المعاصر، الذي يجمع أعمالاً لـ64 فناناً وتعاونات فنية من جميع أنحاء العالم، يمتد على ستة أقسام في المستودعات التي تمت إعادة إحيائها مؤخراً في حي جاكس الفني في منطقة الدرعية شمال مدينة الرياض.

ويضم البينالي فنانين من أجيال متعددة من مواليد الفترة بين عقدي الأربعينات والتسعينات، وتتنوع أعمالهم بين الرسم والنحت والأفلام والأعمال التركيبية والفنون الأدائية.

وتتطرق أقسام البينالي إلى عدة مواضيع رئيسية، بدءاً من الذاكرة الثقافية، ووصولاً إلى الحداثيات البديلة، والممارسة الاجتماعية، والعصر الحالي الذي يركز على مدى تأثير البشر على كوكب الأرض.

ويهدف المعرض في جوانبه المختلفة، لإطلاق حوارات تجمع بين المشهد الفني الذي يشهد زخماً متسارعاً في السعودية، ونظيره في العالم، واضعاً أعمال 27 فناناً سعودياً مشاركاً في دائرة الضوء ضمن حوار مع فنانين دوليين.



الرابط:

https://aawsat.com/home/article/3352871/%





تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...