التخطي إلى المحتوى الرئيسي

انتهت الانتخابات الأميركية.. ماذا بعد؟

 

لم تكن دول الخليج في لحظة أفضل مما هي عليه اليوم لإرساء علاقاتها على مبدأ الاحترام المتبادل وتعزيز السيادة الداخلية.
الجمعة 2020/11/06

وضعت المنافسة الانتخابية الأميركية أوزارها وملفاتها، ويستعد العالم لمرحلة جديدة من النفوذ والسلوك الأميركي تتوخى فيه واشنطن لملمة مصالحها وإعادة صياغة حضورها في ميادين العالم والأقاليم، ومن المرجّح أن يستمر تذبذب السلوك الأميركي لأن عوامل حدوثه الخارجية تغلب على عوامله الداخلية، وإن كانت واشنطن منذ ثلاث دورات انتخابية تقريباً اختارت أن تخفّف من أعباء تدخلها في مناطق الصراعات، لكن الواقع أن العالم نفسه، ونمو قوى إقليمية جديدة وتحولات استراتيجية في مناطق متفرقة من العالم، فرضت على واشنطن هذا التذبذب والتردد غير المفهوم في أحايين كثيرة.

منطقة الخليج واحدة من تلك البقع التي كانت ميداناً لنشاط أميركي محموم، ليس منذ التفاهمات التاريخية بعد انطواء بريطانيا على نفسها ومحيطها الأوروبي في الستينات، وليس خلال المراحل المفصلية من نشاط عسكري وسياسي كبير تبنته واشنطن في الخليج، في إطار حروب الخليج المتعددة أو توتراتها غير المحسومة مع إيران، أو في علاقتها الذهبية مع إسرائيل.

مؤخراً، فهمت دول الخليج العربي إشارة مهمة صدرت عن واشنطن، بأنها لم تعد سخية في علاقتها الاستراتيجية تجاه الشرق الأوسط، وجاء الرئيس الأسبق باراك أوباما، وأعقبه الرئيس دونالد ترامب ليضعا العلاقات على قواعد جديدة ونمط مختلف تماماً عما ألفته الأطراف، وأضحى على العواصم الخليجية أن تعيد النظر في أوراقها وإمكاناتها لهندسة واقعها وعلاقاتها واستعدادها، بما يجهز أفضل استجابة للواقع الجديد.

كل العالم يودّ لو تخلص من حالة حبس أنفاسه لترقب الواصل الجديد إلى البيت الأبيض، وأن يكون العالم بمنأى عن الحسابات الداخلية الأميركية التي تزداد حدة واستقطاباً وتردداً من النقيض إلى النقيض.

لكن الدور الأميركي، على قلق تذبذباته، يصعب الخلاص منه تماماً، على الأقل حتى الآن، ربما بعد استواء الصين على سوق التأثير العالمي، وحيازة كل شروط القطبية التنافسية، وهو ما تسعى دول إقليمية للاستثمار فيه مبكراً، وتجهد واشنطن لإعاقته أو إبطائه على أقل تقدير.

لكنّ الصين بثقافتها وسلوكها وأثر تدخلاتها وخبرتها المعاصرة، ليست مشجعّة تماماً بأن يكون وصولها أخيراً إلى سدرة المجد السياسي في سبيل خير العالم.

لم تكن دول الخليج في لحظة أفضل ممّا هي عليه اليوم لحسم علاقتها مع الآخر، الإقليمي والعالمي، وإرساء حالة العلاقة على مبدأ الاحترام المتبادل وتعزيز السيادة الداخلية وغاية الاستقلال في القرار ونفي الارتهان لأيّ مؤثر أجنبي إلا في إطار ما يحقق مصالحها.

وذلك بعد القطع مع الكثير من الملفات المؤجلة، ووقف نزيف الابتزاز والمضايقة حول قضايا الحقوق وسواها، فضلاً عن مواجهة مشاريع التدخل في الإقليم، ومن جهة طيّ تاريخ العداء اللانهائي مع دول كان مجرد الحديث إليها ضرباً من الخيانة واقتراباً من حافة الجحيم.

الرابط:



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...