التخطي إلى المحتوى الرئيسي

اتفاق الرياض مهدد بالأجندة الخفية

يحاول بعض المؤدلجين والقافزين فوق أوجاع اليمنيين دفع اتفاق الرياض إلى مصير مشابه لمصير سلفه اتفاق ستوكهولم، الذي عرقل الحوثيون تنفيذ بنوده.

الأحد 2020/03/01
قدم اتفاق الرياض أفضل وصفة لخروج اليمن من إحدى أخطر أزماته، في مواجهة استمرار محاولات بعض التوجهات الأيديولوجية اختطاف الساحة اليمنية وإدخالها في أجندات مشبوهة، لكن العون السعودي والإماراتي المشترك كان لها بالمرصاد وسارع إلى تبديد أسباب تفاقم الصراعات وتهدئة روع الشعب اليمني، الذي تحاصره الأزمات من كل جهة.
ثمة من يريد تأجيج أزمات جديدة في اليمن لإرضاء مطامع رعاته في الإقليم، وتقديم خدمات لهم تفاقم حالة الاستقطاب الحاد الذي تعرفه المنطقة ودعم أجندتهم السوداء في المواجهة المفتوحة مع عواصم الاعتدال والاستقرار، دون مراعاة لأوجاع أهله اليمنيين ومآسي ضعفائهم، لأنه يضع الأيديولوجيا الضيقة والمصلحة الحزبية في مقدمة أولوياته.
هناك جهات داخلية يمنية لديها حسابات مرتهنة لأجندة خارجية، تسعى لاستثمار الجرح اليمني النازف في إطار خصومتها مع عواصم التحالف العربي بقيادة الرياض وأبوظبي، التي تسعى لإنقاذ البلاد، في وقت يخوض فيه الجيش الوطني معركة بسط نفوذ الحكومة الشرعية وتحرير العاصمة صنعاء وكافة الأراضي الواقعة تحت سيطرة ميليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران.
تظهر هذه المحاولات الجديدة في وقت يشعر فيه الحوثيون بالضيق والحرج، نتيجة عدد من المستجدات في موازين الصراع، حيث يشتد الخناق على إمداداتهم البحرية، خاصة منذ اعتراض شحنة أسلحة على متن سفينة إيرانية كانت في طريقها إليهم في نوفمبر الماضي.
وفي تلك الأثناء تزايدت أيضا شدة لهجة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية في التنديد بممارسات جماعة الحوثي بعد تكرار شكوى المؤسسات العاملة في اليمن في المجال الإنساني والإغاثي من الانتهاك والضغوط التي تمارسها لإرباك عملها في مساعدة اليمنيين في الأراضي الخاضعة لسيطرتها.
كما أن الأوضاع الخانقة التي يعاني منها رعاتهم في طهران، وتراجع وزن جماعة الحوثي في حسابات الحرس الثوري منذ قتل أكبر رموزه قائد فيلق القدس قاسم سليماني، زادَا من المتاعب الاقتصادية والعسكرية واللوجستية لجماعة الحوثي، التي أصبحت أجندتها عرضة للتقلص والانكماش.
يحاول بعض المؤدلجين والقافزين فوق أوجاع اليمنيين دفع اتفاق الرياض إلى مصير مشابه لمصير سلفه اتفاق ستوكهولم، الذي عرقل الحوثيون تنفيذ بنوده، لكن تلك المحاولات دفعت الأطراف الدولية لتصعيد ضغوطها، والمطالبة بشرط تحقيق تقدم ملموس وحقيقي في اتفاق ستوكهولم قبل دعم المشاورات المقبلة للوصول إلى شكل من السلام المستدام غير المجزأ.
في محافظة المهرة، المحاذية للحدود مع سلطنة عُمان، هناك محاولة جديدة لفتح ثغرة في جبهة الأهداف الموحدة التي قام على أساسها التحالف العربي.
ويجري هناك افتعال مشاريع للفوضى والدمار بدعم ورعاية أطراف جديدة وجدت في الجرح اليمني فرصة لتحقيق مكاسب انتهازية ضيقة، حتى لو أدت إلى تعميق آلام الشعب اليمني وتدمير حقه بوطن آمن ومستقر ومعافى من التدخلات الأجنبية.
في تلك المحافظة تحاول أجندات تركيا وقطر التسلل إلى جنوب اليمن لخلق صراعات تزيد أوجاع اليمنيين، وإيجاد مسرح جديد لمهاجمة السعودية والإمارات بدعم من منصاتهما الإعلامية التي تشهد انحدارا أخلاقيا كبيرا في تزييف الحقائق.
في المقابل يواصل التحالف العربي دعمه الكامل لبسط نفوذ الحكومة الشرعية وسيطرتها على تلك المنطقة الرخوة عبر عملية خاطفة وناجحة، لمنع استغلالها من عصابات الجريمة المنظمة التي تستخدم وجوها محلية انتهازية لتغطية أجنداتها الإجرامية.

الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...