التخطي إلى المحتوى الرئيسي

السعودية والإمارات في محيط السفارة الأميركية

الرايات الصفراء التي حملها المتجمهرون حول السفارة الأميركية، إشارة رمزية لعميق ولائهم لمشروع طهران في العراق، وانسلاخاً من الساحات العراقية الأصيلة.

الجمعة 2020/01/03
وسط الهجوم الذي شنه أنصار وعناصر ميليشيا الحشد الشعبي على مبنى السفارة الأميركية في بغداد، كانت عبارات التهجم والهجاء تشنّ ضد السعودية والإمارات، وتتصاعد دعوات لاستكمال المشهد الفوضوي الذي يقترفونه بتوجه هذه الميليشيات الإيرانية في العراق لاستهداف السفارتين السعودية والإماراتية في بغداد.
هذا وجه جديد من وجوه تفسخ النفوذ الإيراني في البلدان العربية التي ساوره اليقين بالقبض النهائي على مصيرها، ولكن الأرض تزحزحت من تحت المرشد الإيراني الأعلى، وأخذت شعوب تلك البلدان في إعلان رفضها واستقلالها وعزمها على إخراج طهران وميليشياتها ووكلائها وأركان وجودها الاستيطاني البشع.
أكثر ما يثير نقمة طهران هو حضور عربي يزيد من غربتها وانعزالها، والرياض بحيويتها الجديدة هي التهديد الصريح لنفوذها الذي يواجه أكثر مراحلها تقلصاً هذه الأيام، ولم يكن غريباً أن تسمع من عناصر تلك الميليشيات المتجمهرة حول السفارة الإيرانية وعيداً وتهديداً أجوف لكلّ من السعودية والإمارات، لأنهما رأس مشروع عربي يتبلور الآن في وجه كل اللاعبين الإقليميين ممن استتبت له ظروف نفوذه المتوسع على هشيم البلدان العربية المنهكة، وقد آن لكل من طهران وأنقرة أن تتحملا تبعات هذا التوسع الذي يشق على طاقتهما ويفيض عن قدرتهما على الاستمرار .
إنه تجمع إيراني بامتياز، يتبنى نفس المفردات التي تضخها السردية الإيرانية في الفضاء الإقليمي، وتستهدف نفس الأعداء التقليديين في حسابات طهران، كما أن الرايات الصفراء التي حملها المتجمهرون حول السفارة، إشارة رمزية لعميق ولائهم لمشروع طهران في العراق، وانسلاخاً من الساحات العراقية الأصيلة التي بقيت تهتف منذ شهور للبحث عن وطن يلبّي حاجاتهم المحلية ولم تجد استجابة كافية .
اقتحام السفارات تقليد تاريخي لإيران، عرفت به منذ بسط سيطرة الملالي على الحكم في طهران، وهي ترد على رفض المجتمع الدولي لسلوكها بانتهاك الأعراف الدبلوماسية والأخلاقية والاستخفاف بمصائر وأمن الطواقم المدنية وعوائل الموظفين دون اعتبار ولا حساب لصورتها والتزاماتها المخدوشة بالأساس، بل إن واحداً من قيادات هذه الميليشيات العراقية الموالية لإيران، استرجع سلسلة اقتحامات السفارات معتبراً إياها نصراً من الله وتأييداً لهم.
تقدم هذه المعركة الصوتية التي خاضتها ميليشيات الحشد في محيط السفارة الأميركية تنفيساً مفيداً عن شعارات المواجهة الملفقة التي تلجلج بها إيران ولا تلتزم بها، تغطي على عنترياتها وترمم ثقتها لدى جمهور مناصريها بهذه المعارك الكلامية العابرة، لأن المواجهة الحقيقية مكلفة، وطهران ليست مستعدة لخوض حرب فعلية يكون وقودها شعبها الناقم بالأساس على سلوك حكومته وخياراتها الخاطئة التي جرّت عليها نتائج وويلات قاصمة.
وإذا كان لا بد من المواجهة فلتكن على أرض العراق، بعيداً عن حدود إيران، وليكن وقودها جموع المستلبين والمنضوين تحت ألوية الميليشيات غير النظامية، وكلفتها على العراق وليس غيره، الملعب المفضل لعبث طهران وفيلقها وسليمانها.
كما أنها فرصة للالتفاف على ثورة شعب العراق الحقيقية، ومحاولة لإخماد صوت الشارع العراقي بالهجوم على السفارات واغتيال النشطاء وإغراق الشارع بأوهام المؤامرات الخارجية والقصص المحبوكة عن صفقة القرن، وتشتيت انتباه الناس عن وعود حكومة بغداد التي لم يتحقق منها شيء مع دخول العام الجديد، وتتفيه مظاهرات ثورة أكتوبر التي اندلعت لاسترداد حقوق الناس، واستحصال وعود الإصلاح الجادة.
حتى أبواب المنطقة الخضراء بقيت عصية على تلك الجموع النزيهة، وهي تحاول الوصول لترجيح كفتها، ولكنها فتحت بمصراعيها لجيوش المأتمرين بتوجيهات سليماني في العراق.


الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائياً ع

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم، ومن

ماذا يخطر في بالك ( 5 ) ؟

هنا أنقل بعضاً من منشوراتي على صفحتي في ( الفيس بوك ) . راجياً لكم النفع والفائدة  . ضعف التقدير يقود إلى سوء التقرير . .................. كلما كان واقعك ثرياً وغنياً ، بارت بضاعة خيالك الواهم . …………… إذا أحببت شيئاً ثم التقيت به بعد غياب فكأن الروح ردت إليك بعد غيبة الموت ، أو العقل عاد بعد جنون ، أو الذاكرة استفاقت بعد غيبة . كل الأشياء الرمادية تسترجع ألوانها الزاهية ، والروائح الزاكية تستجرّ عنفوانها ، والمشاعر اللذيذة تستعيد عافيتها . ما يفعله الشوق بك من ذهاب العقل وغيبة الذاكرة وموات الروح ، يفعل بك الوصل أضعافه من الفرح والطرب والنشوة . لقد جُبل هذا القلب على الإلف بما يحبه والتعلق به حتى يكون بمثابة الطاقة الموصولة بألياف الكهرباء ، أو الزيت الذي يقدح النور ، والجمر الذي يستفز أعواد البخور . وإذا غاب المحبوب واستبد بك الشوق انطفأ نور الوجه وضاقت النفس وذهب الفرح حتى يعرف ذلك في حدة طبعك وانغلاق عقلك وعبوس وجهك ، فإذا التقى المحبوبان والتأم القلب عادت المياه لمجاريها وشعشع الوجه واتسع الثغر وانفرجت الأسارير . سبحان من خلق . ……………… إذا كنت تسم