التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ما تفسير النقمة القطرية على الرياض وأبوظبي

عندما جاء الأمير محمد بن سلمان وأعلن الموقف النهائي للسعودية من الإخوان، كان ذلك بمثابة المسمار الأخير في نعش الحلم القطري الذي تبدد وأعيته قاصمة الرياض المزدوجة.
الخميس 2018/11/08

حملة شعواء وعمياء يخوضها المعسكر الإعلامي المحسوب على الإخوان المسلمين، لشيطنة العواصم العربية التي اختارت وقف نزيف الاستقرار في المنطقة، وإطفاء نيران الفوضى التي توقدها مبررات موجهة لدفع السياسات في صالح كفة ما.
يذهب الخطاب المتأخون أقصاه في التشويه وتقبيح رموز تلك العواصم بهدف إسقاط صورتها وإلحاق الضرر بسمعتها، عبر سلسلة من التهم الملفقة والادعاءات الباطلة.
وقد تخلص الإعلام المتأخون من كل القيم المهنية والأخلاقية حتى في مستوى الضرورة منها، وتعسّف في ملاحقة التفاصيل الواهية لحشرها وحشدها في زاوية المواجهة السافرة، موظفا كل قواه وتركيزه في سبيل الخصومة السياسية.
لا يمكن تفسير الحدة التي تجدها في خطاب المنصات الإعلامية التي يتبناها ويستحوذ عليها أفراد وأعضاء الإخوان المسلمين ورعاتهم في تركيا وقطر، ضد كل ما هو سعودي ومصري وإماراتي، لمجرد الخصومة التي نشأت منذ إعلان الرباعي العربي مقاطعة نظام الدوحة. إذ كان عداؤهم سافرا وملموسا قبل ذلك بكثير، وكل ما فعلته المقاطعة هو دفعهم للعب على المكشوف ودون مواربة أو تلميح، إذ كان الخطاب يتجنى على القيادة السياسية في القاهرة وأبوظبي منذ وقت مبكر، فيما يحاول بطريقة ما أن يخفف من غلظته إذا كان الحديث يمسّ الرياض، ليس طلباً لودها ولكن خشية غضبها.
ولأن الرياض كانت تعرف ما تبطنه تلك الجهات من عداء مكنون وضغينة مدفونة تحت خطاب متملّق، اختارت التوقيت المناسب لضربتها المزدوجة مع بقية حلفائها من عواصم مشروع الاستقرار العربي، بعد سنوات من الغياب والتحفظ والتردد، أغرى قوى التغيير المؤدلج للانتشار والعبث بالمنطقة، بوجدانها أولا ثم بواقعها. هذا الخطاب وقد كشف عن سابق عدائه وحقده، يعلن بطريقة ما عن أقصى انفجاره في وجه العواصم التي حالت دون استكمال مشروعه الحالم، وحسمت موقفها من مناوآته المتكررة للإضرار بها.
كانت الدوحة وكل أسطولها الاستشعاري والإعلامي، إلى وقت قريب تمني النفس بأن الرياض ستبقى غافلة تماما حتى توقع بها المكائد التي نسجت لعقود، ولكنها استيقظت قبل أن تتحسّس الحبل وهو يلتف حول رقبتها.
لم تكن الرياض تتمهل سذاجة منها، بل كانت تعوّل على أن الزمن كفيل بتلقينهم درساً عن هشاشة المشروع وعدم جدواه، إذ ينطوي في صميمه على ما ينقضه ويعجزه عن التحقق والنجاح.
الدوحة، وهي تتلقى دعما رغبويا من أنقرة، وتستثمر تكتيكيا في جرح طهران المفتوح لمناجزة السعودية، دأبت على العمل وواصلت سعيها الحثيث لبسط نفوذها وبث أيديولوجيتها.
هبط الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، كهدية من السماء لمشروع الدوحة المتسربل بالإخوان، بعد أن آمنت الدوائر السياسية النافذة في واشنطن بفكرة تدعيم وجود المكون الإسلامي في سدّة الحكم لفك انغلاق الحالة السياسية المتعثرة في الشرق الأوسط، وضمان وجود معادل ملائم في وجه المكون الشيعي الذي قدم له أوباما طوق النجاة التاريخي.
التقطت الدوحة وزبانيتها إشارة الانطلاقة الخضراء من البيت الأبيض واستعجلت لاستثمارها، والدفع بكل أسلحتها وأدواتها لتبيئة المنطقة وتوطين المشروع الجديد في وجدان شباب عربي أقتمت في وجهه كل سبل التغيير، إلا من طريق تزينه الشعارات وتلهبه آلة النفخ القطرية الهائلة وهي تدق طبول اللحظة اللامعة في كبد المستقبل.
كان الربيع العربي ذروة الانتصار الواهم لقوى التغيير المؤدلج وهو يشتعل في أطراف المنطقة. كان أمير قطر السابق حمد بن خليفة منتشياً في قصر الوجبة وهو يوجه الطائرات عبر الهاتف لتغيرَ حيث يريد على الأراضي الليبية، بينما يجلس مزهوا ببزته العسكرية المرقطة.
كان صعود الإخوان إلى سدة رئاسة مصر حدثا فوق توقع أكثر المتفائلين في آلة الحلم القطري المتأخون، كانت لحظة سابحة في الخيال وسخيّة بمشاعر الإرضاء، كان أمير قطر وهو يستقلّ موكبه الضخم من القاهرة إلى غزة حيث تنتظره جيوش المرحبين التابعين لأيديولوجيته أشبه بفتح عظيم يغريه ويسيل لعاب أحلامه العريضة، فيما تتقدم جحافله المحفوفة بأمواله وإعلامه في اليمن وليبيا وسوريا وتونس.
لا شيء سيوقظه من أحلامه أو يوقف شلال دعمه السخي لهذه الفتوح العظيمة في خارطة مشهد يتشكل على هواه ورضاه، لقد كلفه ذلك الكثير من مدخراته وخزائنه وتحفّظه الذي كان يتّقي به غضب جيرانه. انفلت من عقال التقيّة التي كان يتوخى بها استفزاز محيطه القريب وأسفر عن شبكة أحلامه المعقدة وافتضح مشروعه بعد أن استعجل ثمرته ولم تنضج بعد.
لم تكن تلك الدماء التي تسيل في سوريا وليبيا واليمن لتثبط من عزيمته على المواصلة، لم يكن يرى الفوضى التي تعيث بالمنطقة، والخوف من زيادة فجوات وفوهات الانفلات والانهيار، وقد طمست بصيرته من ركام العروش الهاوية في وجه زحفه الجرار للاستحواذ عليها.
فجأة توقف كل ذلك على صورة عزل الرئيس المصري محمد مرسي، وهو الذي كان يشكل تاج إمبراطورية الأحلام الشاذة، استشاط وجأر في وجه من دعم حماية مصر من الانزلاق إلى المجهول الذي تدخره لها “الجماعة” في سراديبها المغلقة، تقوضت أحلامه الغضّة عندما انحسرت حركة التثوير الموجهة، واستعادت المنطقة بعض توازنها بعد لملمة الرياض لبقايا دور عربي مهزوم في وجه هذه الزوابع الإخوانية الشاردة.
وعندما جاء الأمير محمد بن سلمان وأعلن الموقف النهائي للسعودية من الإخوان المسلمين وحركة دسائس التغيير الموجه، كان ذلك بمثابة المسمار الأخير في نعش الحلم القطري الذي تبدّد تماماً، وأعيته قاصمة الرياض المزدوجة.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائياً ع

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم، ومن

ماذا يخطر في بالك ( 5 ) ؟

هنا أنقل بعضاً من منشوراتي على صفحتي في ( الفيس بوك ) . راجياً لكم النفع والفائدة  . ضعف التقدير يقود إلى سوء التقرير . .................. كلما كان واقعك ثرياً وغنياً ، بارت بضاعة خيالك الواهم . …………… إذا أحببت شيئاً ثم التقيت به بعد غياب فكأن الروح ردت إليك بعد غيبة الموت ، أو العقل عاد بعد جنون ، أو الذاكرة استفاقت بعد غيبة . كل الأشياء الرمادية تسترجع ألوانها الزاهية ، والروائح الزاكية تستجرّ عنفوانها ، والمشاعر اللذيذة تستعيد عافيتها . ما يفعله الشوق بك من ذهاب العقل وغيبة الذاكرة وموات الروح ، يفعل بك الوصل أضعافه من الفرح والطرب والنشوة . لقد جُبل هذا القلب على الإلف بما يحبه والتعلق به حتى يكون بمثابة الطاقة الموصولة بألياف الكهرباء ، أو الزيت الذي يقدح النور ، والجمر الذي يستفز أعواد البخور . وإذا غاب المحبوب واستبد بك الشوق انطفأ نور الوجه وضاقت النفس وذهب الفرح حتى يعرف ذلك في حدة طبعك وانغلاق عقلك وعبوس وجهك ، فإذا التقى المحبوبان والتأم القلب عادت المياه لمجاريها وشعشع الوجه واتسع الثغر وانفرجت الأسارير . سبحان من خلق . ……………… إذا كنت تسم