التخطي إلى المحتوى الرئيسي

العقيلي مطلاً من كوة مجتمع الخمسينات: اتقاء حرّ رمضان كان باللحاف المبلول


جدة - عمر البدوي 

< عبر كوّة المجتمع السعودي في الخمسينات من القرن الماضي، يطل الأديب والتربوي عطية بن شامي العقيلي بالحديث عن مظاهر الفرحة بدخول شهر رمضان المبارك، واستعداد الناس للتعايش معه، على رغم عدم وجود الكهرباء، وانشغال الناس بالزرعة طوال النهار وهم صائمون ليتذوقوا حلاوة الإفطار بعد رهق يوم طويل.
يقول العقيلي: إن شهر رمضان من المواسم الإيمانية الكبيرة، التي يحسب لها المؤمن ألف حساب لينهل من أنهار الخير المتدفقة فيه، ويقطف من ثمار حدائقه الغناء.
وتهتم المجتمعات المسلمة باستقبال هذه المناسبة بصور مختلفة، تحكمها ظروف معينة، لتبقى بعد ذلك الفرحة والابتهاج بقدوم هذا الضيف العزيز وعقد العزم على الصيام والقيام، طلباً للرحمة والمغفرة والعتق من النار.
ومن نافذة الذكريات، يؤكد أن الماضي كان جميلاً بميزان عصره، رغم قسوة الحياة وشظف العيش وانعدام الكماليات ووسائل الراحة، وجمال هذا الماضي أنه جاء في ظل هذه الظروف القاسية، ومن معطيات مختلفة أساسها البساطة، تبدأ منذ استقبال الشهر المبارك، حيث ترى مظاهر الاستقبال عند الأسر في آخر ليلة من شعبان، بعمل ما يسمى «ترحيبة رمضان»، وهو عشاء بسيط للأسرة، يتكون من الخمير (نوع من خبز الذرة)، ومسحوق الحلبة إداماً مع هذا الخبز، وكان ذلك يعتبر أفضل الموجود آنذاك.
ويسترسل الأديب والتربوي العقيلي في ذكريات رمضان قبل 50 سنة، مركّزاً على صفاء النفوس والحب المتبادل بين أهل القرية الواحدة، الذين يبدؤون التهاني بقدوم الشهر الكريم بعبارات بسيطة بعيدة عن التكلف والتنميق، ويواصل: «نظراً إلى عدم وجود الكهرباء، فإن الأسرة تنام مبكراً، وغالباً بعد صلاة العشاء، ثم تستيقظ النساء لعمل السحور، ويتكون من «فطيرة الذرة، وحليب الأبقار»، وإن كان هذا غالباً للموسرين». ويواصل: نظراً إلى عدم وجود كهرباء أيضاً فإن الصيام كان شاقاً جداً، وقد كان الناس يبحثون عن نسمة الهواء تحت ظلال الأشجار أو المنازل أو من خلال مباني القش التي تتخللها بعض الثغرات «الصبل مثلاً» الذي يتسلل منه هواء ليس فيه رائحة البرودة، ولكنهم كانوا يجدون فيه متعةً جميلة، أما بعضهم فكان يبلل اللحاف ثم يتغطى به ليستمتع ببرودته دقائق قليلة.
وكانت الحياة تسير بوتيرتها في كثير من الأماكن، فالرجال يعملون نهار رمضان في مزارعهم (البلاد)، يحرثون ويزرعون ويعودون إلى المنازل منهكين من التعب، ولكنهم كانوا في قمة السعادة، أما ليالي رمضان فيقضيها الصغار والشباب لهواً، بعد أن تضاء هذه الليالي بضوء القمر، في ألعاب بريئة بعيدة عن العنف والسلوكيات المشينة، وكانت الألفة والمحبة تسود بين سكان القرية الواحدة، وتكثر الزيارات العائلية وبخاصة الجانب النسائي.
ويتناول العقيلي صلاة التراويح بالحديث، إذ كانت تشكل الجانب المميز في رمضان منذُ ذلك الوقت، ولكنها لم تكن كما نراه اليوم من كثرة الجموع، والذهاب للبحث عن القارئ المميز، أو صاحب الصوت الحسن، بل كل قرية في مسجدها، وغالباً يكون المسجد الوحيد، يقول: «من الأمور المسلم بها أن الصيام في تلك الأيام كان يفتقد أقل مقومات الراحة والرفاهية، إضافة إلى قلة ذات اليد، ولكن ما يجعل هذه الحياة جميلة هو البساطة والألفة وعدم التكلف، إضافة سعادة الرجال لقيامهم بكل التكاليف العملية اليومية وإنجازها، ما انعكس إيجاباً على تكاتف أفراد المجتمع، وتآلفهم وسلامة قلوبهم، ونرجو من الله أن يكون أجرهم على قدر معاناتهم».


الرابط :


تعليقات

  1. أسقف ذات فتحات تهوية من الشركة المصنعة | goerres.com

    الأسقف المكسوة بالسقف ، الأسقف ذات الفتحات ، الأسطح القابلة للتحويل ، نحن كشركة مصنعة نقدم لك جودة 100٪ ولن نتركك تحت المطر!

    See More:- كوة

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائياً ع

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم، ومن

ماذا يخطر في بالك ( 5 ) ؟

هنا أنقل بعضاً من منشوراتي على صفحتي في ( الفيس بوك ) . راجياً لكم النفع والفائدة  . ضعف التقدير يقود إلى سوء التقرير . .................. كلما كان واقعك ثرياً وغنياً ، بارت بضاعة خيالك الواهم . …………… إذا أحببت شيئاً ثم التقيت به بعد غياب فكأن الروح ردت إليك بعد غيبة الموت ، أو العقل عاد بعد جنون ، أو الذاكرة استفاقت بعد غيبة . كل الأشياء الرمادية تسترجع ألوانها الزاهية ، والروائح الزاكية تستجرّ عنفوانها ، والمشاعر اللذيذة تستعيد عافيتها . ما يفعله الشوق بك من ذهاب العقل وغيبة الذاكرة وموات الروح ، يفعل بك الوصل أضعافه من الفرح والطرب والنشوة . لقد جُبل هذا القلب على الإلف بما يحبه والتعلق به حتى يكون بمثابة الطاقة الموصولة بألياف الكهرباء ، أو الزيت الذي يقدح النور ، والجمر الذي يستفز أعواد البخور . وإذا غاب المحبوب واستبد بك الشوق انطفأ نور الوجه وضاقت النفس وذهب الفرح حتى يعرف ذلك في حدة طبعك وانغلاق عقلك وعبوس وجهك ، فإذا التقى المحبوبان والتأم القلب عادت المياه لمجاريها وشعشع الوجه واتسع الثغر وانفرجت الأسارير . سبحان من خلق . ……………… إذا كنت تسم