التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الغدر بالأقارب .. إماطة الأخلاق من طريق الآيديولوجيا



جدة - عمر البدوي 
تمكنت الجهات الأمنية وبمشاركة طائرات الأمن من محاصرة الإرهابيين الذين غدروا وقتلوا قريبهم العسكري (بدر حمدي الرشيدي) في مدينة حائل بمنطقة جبلية قرب محافظة الغزالة والقضاء عليهم.
وقام ستة أشخاص باستغلال الروابط العائلية بينهم وبين المغدور به لاستدراجه، وهو أعزل إلى موقع ناءٍ على طريق (الرياض - القصيم - المدينة المنورة)، وقتله غدراً بكل خسة ودناءة، ولم تمنعهم علاقة القرابة من منع حدوث ذلك.
حادثة الغدر بالأقارب ليست بالجديدة على متبني أيديولوجية «داعش»، فهي تعبّر عن صميم أفكارهم المتشددة التي لا يقف أمامها رادع من دين أو رحمة بقريب، وكثيراً ما تردد في مقاطعهم الدعائية والترويجية بغرض التجنيد والتحشيد للتنظيم دعوات متكررة للبدء بالأقارب، وتظهر من أفرادهم بكثير من الجرأة على الدماء وانتفاء حرمتها.
بدأ هذا التقليد الداعشي محمد الغامدي، الذي بادر بإطلاق النار على والده الذي اصطحب أفراداً من رجال الأمن لمواجهة ابنه، بعد أن أعلن مبايعته لتنظيم داعش الإرهابي.
وفور وصول رجال الأمن إلى حي «حسام» في خميس مشيط جنوب السعودية، تحصن الابن داخل البيت وبادر بإطلاق النار على رجال الأمن المتمركزين خارج البيت، ثم أطلق النار على والده وهو يكبر وأرداه قتيلاً.
المراهق عبد الله فهد الرشيد ذو الـ20 عاماً، عاش منذ صغره في كنف خاله العقيد في وزارة الداخلية راشد الصفيان. كان الرشيد يعيش حياة متقلبة، إذ كان يطلق لحيته وتبدو عليه ملامح التدين ويصور مقاطع وعظية يدعو فيها إلى تقوى الله ويحذر من الغيبة، ثم يعود إلى سابق عهده لبعض الوقت ويتابع بعض مشاهير الفنانات والمغنيات في حسابه على «تويتر» أو «إنستغرام» ، ثم ما يلبث أن يعود مجدداً إلى الالتزام الديني.
وقبل موعد إفطار اليوم الأخير من شهر رمضان المبارك، بينما خاله ينتظر رفع أذان المغرب ليفرح بتمام صومه، يطلق المراهق الرشيد أربع رصاصات في رأس خاله أردته شهيداً في الحال، ولم يكتف بذلك، بل أخرج سكيناً وسدد له نحو 10 طعنات، ثم سلب سيارته واتجه نحو الطريق المؤدي إلى سجن الحاير الذي تحبس فيه الدولة المتورطين في قضايا العنف والإرهاب.
اعترضت طريقه نقطة تفتيش، تم الاشتباه به أثناء قيام رجال الأمن بمهماتهم في النقطة، ولكنه بادر بتفجير نفسه داخل السيارة مما نتج عنه إصابة اثنين من رجال الأمن ومقتل المنفذ الرشيد معلناً فشل العملية. في الوقت الذي استيقظ فيه السعوديون لأول أيام العيد بنوايا متسامحة، والبلد بأطرافه المتباعدة يعيش جواً من التقارب، يتصافحون ويتعانقون مهنئين بعضهم البعض بفضل الله عليهم ونعمه الكثيرة، كان سعد وعبدالعزيز أبناء راضي العنزي يخططون لجريمة ستقلب مزاج السعوديين.
سعد وعبدالعزيز برفقة ابن عمهم مدوس الذي قدِم لقضاء إجازة العيد من الخرج حيث دورته العسكرية الإعدادية، يخرجون معاً صبيحة يوم العيد لرحلة صيد في أطراف محافظتهم الشملي في منطقة حائل.
بعد وصولهم إلى أحد الجبال قام سعد وشقيقه عبدالعزيز بتكبيل مدوس الذي اعتقد أن الأمر مجرد مزحة، أخرج سعد سلاح الكلاشنكوف الذي التقطه من خزانة والده المتقاعد من الجيش من دون علمه.
ولكن سعد يتجاهل استجداءات مدوس ويسدد طلقة مباشرة إلى رأس ابن عمه أودت بحياته، وفي أقل من 48 ساعة بعد انتشار المقطع، أعلنت الداخلية السعودية القبض على المراهق الداعشي سعد ذي الـ21 عاماً ومقتل شقيقه مصور الفيديو عبدالعزيز ذي الـ18 عاماً.


الرابط :

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...