التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تفجيرات الخليج .. وخراب المشروع الداعشي




نفى وزير الخارجية السعودي عادل الجبير توافر أي أدلة على تورط إيران في التفجيرات التي اختارت مساجد الطائفة الشيعية في الخليج ، الجبير الذي تعرض لمحاولة اغتيال في الولايات المتحدة بتدبير من إيران نفى أي صلة للجمهورية الإسلامية بمناسبات التفجير الطائفي في السعودية والكويت .
وقد تكون إيران واحدة من المستفيدين الجانبيين لهذه التفجيرات ، من باب انشغال السعودية بنفسها وهي تقود عملية تصحيح سياسي للمنطقة ضد التوسع الإيراني ، العملية التي تأخذ شكلاً مباشراً في حملتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل بعد أن كاد اليمن السعيد يهوي في قبضة الحوثي وينضم إلى نادي العواصم العربية المعممة .
ولكن التفجيرات التي وقعت ؛ تنتمي إلى فلسفة تنظيم الدولة من جهة الأسلوب والتبني وربما الأهداف كذلك ، داعش بوصفه النسخة المتطورة من تنظيم القاعدة يبحث عن مناطق الانفلات الأمني ليعشعش ويستنبت قواعده وولاياته المزعومة ، يبحث عن المناطق الموتورة بمنطق اللادولة ، ولذا ينشط ويتكاثر كوباء في أحضان الدول الفاشلة والفوضى وضعف الحضور الحكومي .
ولأن الخليج يعتبر واحداً من المساحات المغرية لتنظيم داعش ، برمزيته الدينية وديمغرافيته المحافظة وثرائه الطبيعي ، كما أنه واحد من أخص أهدافه ، لأنه " رمانة " الاستقرار المتبقية في الشرق الأوسط المضطرب ، والاضطراب هو أفضل فرص الانتشار لهذا التنظيم البكتيري الذي يقتات على قلق الناس ويعتاش من فوضاهم وتمزقهم .
كما ينقم على الخليج مشروعهم التنموي لبناء دولهم من قفار الصحراء إلى مصاف الثراء ، وتفسيرهم الوسطي للدين السمح الحنيف ، وتلاحمهم الاجتماعي الذي صد كل محاولات الزعزعة والتفتيت التي عصفت بالعالم العربي والإسلامي ، وتلك كلها ملامح تستفز التفكير المتطرف والمستغلق .
يبحث تنظيم الدولة الموهومة عن موطئ قدم له في الخليج ،  ولكنه يصطدم بحجر الاستقرار وإحكام عرى الدولة ، ولا سبيل له إلا عبر تفجير الأوضاع وخلق الفوضى وتبيئة النزاعات الداخلية لأنها تؤمن له وجوداً ضارباً وحضوراً مبرراً .
وفي الوقت الذي يواجه فيه العرب بقيادة دول الخليج حرباً تطيفت بالضرورة ضد أطماع فارسية ، يتحين المشروع الداعشي فرصه ويعبث بخاصرة العرب ويحاول أن يزاحم بمشروعه السياسي البائس في فضاء الشرق الأوسط المسموم باحتدام المشاريع الضالة .
يزيد من طموح إيران حبكة دولية تمهد الطريق لمطامعها ، ويمد راية منطقة الفوضى إلى حارس جديد بمواصفات  " مريحة " بالنسبة لهم ولربيبتهم إسرائيل .
والغرب عندما وقع باستبشار اتفاقاً نووياً ، إنما يعيد لطهران أموالها ويرحل مشروعها إلى حين تتعافى من متاعبها الاقتصادية ويهيئها لتتجاوب قدرتها العسكرية النووية مع إمكانات اقتصادية وجيوسياسية مناسبة ، والاتفاق الذي يراد منه تقليم أظافر إيران جاء ضوءاً أخضر لمد أصابعها في المنطقة بارتياح ، وما دفعة الأسلحة الإيرانية التي عانقت سواحل البحرين إلا أول الغيث الملتهب .
ورغم الاختلاف العقدي والأيديلوجي الصارخ بين داعش وإيران ، ولكن وحدة الأهداف تجمعهم على معاداة الخليج ، ومحاولاتهم الدائبة لإعاقة مشروعه العربي من جهة إيران ، ومشروعه الأممي من جهة داعش .
وهذا يفسر حملة الاستعداء المتزايدة ضد السعودية ، لأنها البلد الوحيد برفقة زملائه الخليجين الذي وقف حجر عثرة ضد هذا المشروع الجديد ، وتنبه لمخاطره واستشعر مهالكه ، وبادر إلى مواجهته ولو منفرداً ، في لحظة تاريخية فاصلة ، سيتذكرها الزمان يوم تنطفئ جذوة الخطر .
وربما كان الخليج مكرهاً لا راغباً في تبني مشروع عربي يعوض الغياب المزعج لدول مثل مصر وسوريا والعراق لظروفهم السياسية المعقدة ، ولكن الخليج مضطر على كل حال ، سيما وأن الحليف الغربي لم يعد متحمساً للبقاء في المنطقة ، وتحرك الخليج ليعالج هذه الأزمة .
والخليج لديه القدرة للقيام بهذا الدور ، سيما في ظل قيادة بلد مهم ومؤثر على الصعد الدولية والإقليمية مثل السعودية ، ولتخفيف الأعباء المكلفة والباهظة لدور مثل هذا ، عملت السعودية على اجتذاب حلفاء جدد مثل باكستان وتركيا ، وفرنسا من الجهة الأوروبية ، وربما روسيا كذلك ، وهذه خطوة في الاتجاه الصحيح ، اتجاه التخفيف من الاتكاء طويلاً على البيت الأبيض المنكفئ على استراتيجياته الجديدة .
سيستمر داعش في البحث عن موطئ قدم ، وسيستغل في سبيل ذلك كل الفرص المتاحة ولو تحالف مع الشيطان ، وسيؤجل خصوماته الجانبية مع الشيعة المتفرنسين ، ولكن طموحاته ستتحطم على صخرة التماسك الخليجي وطبخته السياسية الفريدة .
يواجه الخليج داعش من محورين ، من الخارج إذ يبتلع المزيد من مساحات البلدان العربية المنهكة ويتحفز على حدود الخليج ويرسل الأجساد المفخخة إلى مساجده ، ويجند شبابه ، ويفرخ صبيانه .
ويواجهه من الداخل ، إذ يسجل هذا الفكر المزيد من المنظمين والمتعاطفين معه مما يعبر عن فجوة سياسية وفكرية حادة تؤمن له المزيد من الوافدين ، ويستدعي جهداً مضاعفاً في مسار الإصلاح السياسي والثقافي لمعالجة الواقع .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائياً ع

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم، ومن

ماذا يخطر في بالك ( 5 ) ؟

هنا أنقل بعضاً من منشوراتي على صفحتي في ( الفيس بوك ) . راجياً لكم النفع والفائدة  . ضعف التقدير يقود إلى سوء التقرير . .................. كلما كان واقعك ثرياً وغنياً ، بارت بضاعة خيالك الواهم . …………… إذا أحببت شيئاً ثم التقيت به بعد غياب فكأن الروح ردت إليك بعد غيبة الموت ، أو العقل عاد بعد جنون ، أو الذاكرة استفاقت بعد غيبة . كل الأشياء الرمادية تسترجع ألوانها الزاهية ، والروائح الزاكية تستجرّ عنفوانها ، والمشاعر اللذيذة تستعيد عافيتها . ما يفعله الشوق بك من ذهاب العقل وغيبة الذاكرة وموات الروح ، يفعل بك الوصل أضعافه من الفرح والطرب والنشوة . لقد جُبل هذا القلب على الإلف بما يحبه والتعلق به حتى يكون بمثابة الطاقة الموصولة بألياف الكهرباء ، أو الزيت الذي يقدح النور ، والجمر الذي يستفز أعواد البخور . وإذا غاب المحبوب واستبد بك الشوق انطفأ نور الوجه وضاقت النفس وذهب الفرح حتى يعرف ذلك في حدة طبعك وانغلاق عقلك وعبوس وجهك ، فإذا التقى المحبوبان والتأم القلب عادت المياه لمجاريها وشعشع الوجه واتسع الثغر وانفرجت الأسارير . سبحان من خلق . ……………… إذا كنت تسم