التخطي إلى المحتوى الرئيسي

اتفاقات السلام.. مشهد مفتوح للتطورات

أقصى ما فعلته المكونات الفلسطينية هو اختيار عاصمة جديدة تحتضن مصالحة أخرى تسجل في قائمة المصالحات الفاشلة.
الأربعاء 2020/09/30

يحوز مشهد تطبيع العلاقات بين دول خليجية وإسرائيل على كل عنوان آخر في المنطقة، وهو مشهد مفتوح على تطورات مستمرة، في ظل وعود بانضمام المزيد إلى صفقات السلام المرتقبة كما يصرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتؤشر إليه بوضوح الأخبار والتحليلات بين الفينة والأخرى.

تشعر طهران وكأنها المعنيّة بهذا الحراك الدبلوماسي الكبير الذي تشهده المنطقة. تطلق أعيرة التهديدات وتنذر بعصر من الخراب وكأنها لم تبدأ به فعلا منذ أربعين عاما.

ومثلها تفعل قطر وتركيا، أكثر الأطراف حماسا ودأبا على إثارة الجماهير وإعلان الرفض والتشنيع بالخطوة، وتشويه صورة العواصم الخليجية التي اختارت بمحض إرادتها أن تتوجه إلى هذا القرار، رغم أن الدوحة مقبلة راغبة أو مرغمة على تبني قرار التطبيع مع إسرائيل، ربما لتدارك الورقة التي كانت تلوّح بها في العاصمة الأميركية وتستخدمها لتخفيف الضغوط عليها، كما قال مرة مهندس تعويم السلوك القطري وزير الخارجية السابق حمد بن جاسم.

طهران تشعر وكأنها المعنيّة بهذا الحراك الدبلوماسي الكبير الذي تشهده المنطقة. تطلق أعيرة التهديدات وتنذر بعصر من الخراب وكأنها لم تبدأ به فعلا منذ أربعين عاما.

المكون الفلسطيني غائب تماما عن المشهد، فالانسداد في أفق الحلول المحلية أحبط آخر المتفائلين بحدوث فرق على أيديهم. أقصى ما فعلته المكونات الفلسطينية هو اختيار عاصمة جديدة تحتضن مصالحة أخرى تسجل في قائمة المصالحات الفاشلة، وهي بالمناسبة أنقرة التي تمثل واحدة من أعمدة الاستقطاب الذي يُفشل حالة السياسة في المنطقة أكثر مما يساعد في نجاحها. وهذا يكفي لتوقع المآلات المحتملة.

تحتاج القضية الفلسطينية إلى الجرأة والابتكار في الحلول وسياقات العمل الواقعي. انسداد الأفق لعقود تسبب في انصراف الدول إلى مصالحها القومية ورعاية ما يحفظ سيادتها، انخفض وهج القضية، واضمحلت الكثير من المحظورات تحت سياط التحديات الطارئة التي أثرت على سلم الأولويات، ولا يمكن التعويل على جمود القضية عند النقطة التي توقفت عليها بانتظار من يحرك المياه، أو انتظار وصول مخلص.

سجلت خطوات الاتفاق بين دول خليجية وإسرائيل اختراقا لحالة الركود في المنطقة، وسيكون مردودها في المقام الأول على الدول نفسها بتطوير هذه الاتفاقات إلى نتائج سياسية واقتصادية ولوجستية، ولن يضيف أو ينقص من واقع القضية الفلسطينية قيد أنملة، إذ لم تفعل ذلك اتفاقات السلام السابقة لأسباب مختلفة، ورغم تمسك كل من أبوظبي والمنامة بحقوق الفلسطينيين وعلى رأسها دولة مستقلة، لكن هذا لم يكن كافيا لوقف خطاب التخوين وشلال الإساءات الذي تنبري له المكونات الفلسطينية بلا هوادة في كل مرة، ثم تثوب لرشدها وتعيد تشغيل اتصالها بنفس العواصم بعد أن تهدأ هوجة الغضب الشعبوي الأعمى.



الرابط :



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...