التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عام منذ قيادة المرأة : ماذا تغيّر ؟


انقضى عام على بدء سريان قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة في السعودية ، هذا القرار الذي أبطأت به الكثير من التحفظات الاجتماعية قبل أن تطوى تماماً بقرار رسمي شجاع .
انقضى عام على القرار الذي هضمه الواقع السعودي بكل أريحية واستوعبت الشوارع والطرق الضيف الجديد الذي تأخر وصوله ، تماماً مثل كل المجتمعات الطبيعية بعيداً عن تشويش المتشددين وهواجسهم وهوسهم ومبالغاتهم ، ممن كان يوظف هذا الملف ضمن لعبته الواسعة للقبض على روح المجتمع والنفاذ منه إلى إدارة المشهد العام وصوغه على هوى أيديولوجيته وغاياته البعيدة .
لم يكن قرار السماح لقيادة المرأة إلا تفصيلاً صغيراً في سجادة واسعة من التحولات التي شهدتها السعودية ضمن نهجها الجديد ومرحلتها الراهنة ، وهو - أي القرار - يشكل عنواناً عريضاً لهذه المرحلة ورمزاً لقاطرة طويلة وتزيد من القرارات الجسورة في هذا الإطار .
بعد عام من سريان هذا القرار ، لم نكتشف فقط قدرة المجتمع على استيعاب خطوة تأخر اتخاذها بكل عفوية ، بل عن هشاشة تلك المحاذير التي نفخ فيها المتشددون واستخدموها متاريس لحجز المجتمع عن المضي في شروط التنمية والنهضة والحداثة .
ولأن القرار كان عنوان مرحلة جديدة ، فإن الكثير من أسهم التشدد تراجعت وخطاباته المغلظة اختفت ورموزه وجلاوزته أصبحوا في طيّ التجاهل والإهمال ، فيما ينتعش المجتمع بلحظته الذهبية للانطلاق نحو ما ينتظره في بناء المستقبل وعمارته .
السؤال : ماذا تغيّر خلال هذا العام ؟
نظرة واسعة على المشهد المحلي السعودي تؤشر إلى الكثير من التحولات ، حجم استجابة المجتمع للمتغيرات مشجع وإيجابي وطبيعي بخلاف ما كانت تروج له آلة الدعاية المتشددة ، عرى التشدد نفسها تراخت وذبلت بعد عقود من قبضتها الخانقة ، وأصبحت سلة السعودية زاخرة بالتنوع والحيوية والمشاريع التي تضجّ بالحياة والترفيه والنشاط ، جيل عريض من الشباب المفعم والمتفائل والجاهز للتفاعل مع رؤية المملكة ٢٠٣٠ التي تحفر في أعماق ما ينطوي عليه مكان وإنسان السعودية من قدرات وإمكانات وحياة ، ومتطلع إلى مستقبل معقود على ناصية المجد والسؤدد المستمر .
ليست قيادة المرأة إلا خطوة رمزية في سياق تمكين المرأة ونيلها حقوقها التي تعثرت وتعطلت وتأجلت بفعل قائمة من الأسباب الفعلية وأخرى مصطنعة آن الوقت لافتكاكها بلا رجعة .
ولم تعش المرأة السعودية لحظة مزدهرة وواعدة مثل ما تعيشه في راهنها اليوم ، الذي يمدها بكثير من الثقة والمنافسة العادلة والمساواة ، رغم ما جبل عليه المجتمع من تقاليد وعادات قد يكون من السيء مصادمتها وجهرها بالقرارات جملة واحدة ، لكن الحكمة تتغيّا إحداث المأمول بمنأى عن الانفعال والإثارة المفتعلة ، إذ لم تسلم هذه الخطوات الجادة والصادقة من محاولة التشويش والتشويه التي تقترفها مجاميع من بقايا الصحوة الآفلة ، أو بدوافع سياسية من جيران الخصومة التي تقحم قضايا المرأة في سرديتها المؤثثة بالأغاليط والتلفيقات .
لقد كان القرار بوابة لكثير من القرارات والأنظمة التي كانت تحتجب بتأثير سردية تشويهية تفتعلها خطابات التشدد وتشحنها بالتفسيرات الاتهامية والمؤامراتية ، فمرور عام على قرار قيادة المرأة يزامنه حلول الذكرى الأولى لقانون التحرش الذي عزّز من مفهوم الدولة وروح القانون وجذّر من أدواره في ضبط المخالفات وحماية حياض المجتمع ، بالتزامن مع تقليص نفوذ بعض الأجهزة والمفاهيم الفضفاضة مثل " الاحتساب " الذي كان مطية لاختراق " حركيين " ينشطون حيث يغيب القانون .

الرابط :

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائياً ع

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم، ومن

ماذا يخطر في بالك ( 5 ) ؟

هنا أنقل بعضاً من منشوراتي على صفحتي في ( الفيس بوك ) . راجياً لكم النفع والفائدة  . ضعف التقدير يقود إلى سوء التقرير . .................. كلما كان واقعك ثرياً وغنياً ، بارت بضاعة خيالك الواهم . …………… إذا أحببت شيئاً ثم التقيت به بعد غياب فكأن الروح ردت إليك بعد غيبة الموت ، أو العقل عاد بعد جنون ، أو الذاكرة استفاقت بعد غيبة . كل الأشياء الرمادية تسترجع ألوانها الزاهية ، والروائح الزاكية تستجرّ عنفوانها ، والمشاعر اللذيذة تستعيد عافيتها . ما يفعله الشوق بك من ذهاب العقل وغيبة الذاكرة وموات الروح ، يفعل بك الوصل أضعافه من الفرح والطرب والنشوة . لقد جُبل هذا القلب على الإلف بما يحبه والتعلق به حتى يكون بمثابة الطاقة الموصولة بألياف الكهرباء ، أو الزيت الذي يقدح النور ، والجمر الذي يستفز أعواد البخور . وإذا غاب المحبوب واستبد بك الشوق انطفأ نور الوجه وضاقت النفس وذهب الفرح حتى يعرف ذلك في حدة طبعك وانغلاق عقلك وعبوس وجهك ، فإذا التقى المحبوبان والتأم القلب عادت المياه لمجاريها وشعشع الوجه واتسع الثغر وانفرجت الأسارير . سبحان من خلق . ……………… إذا كنت تسم