التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حلم مجرّد





يمتشق الشاب العشريني " فوفو " حذاءه الرياضي ويرتدي بذلته الرياضية الفاخرة ويؤم وجهه شطر ملعب الحي الذي تعوّد زيارته يومياً منذ نعومة أظفاره بعيد صلاة العصر مباشرة.
ينسج هذا الشاب أحلامه العظيمة على ثرى ذلك الملعب الترابي الذي يحتضن طموحه للوصول إلى أعرق أندية المملكة واللعب في صفوفها ثم انتقاله بعد أول مواسمه الذهبية إلى سجلات المنتخب الوطني والظفر بالألقاب العظام والإنجازات الجسام.
للوهلة الأولى يبدو الطموح مشروعاً وحقاً مشاعاً للجميع، والحلم لصيق مرحلة الشباب الطافحة بالرغبة والتوقد والانفعال، ولكن بالنظر إلى إمكاناته المتواضعة وأدواته البسيطة فهو لاعب ضعيف المستوى والأداء إلى درجة لا تجعل مدرب حواري في أقصى القرية يقتنع بتسجيله في قائمة لاعبي نادي الحي ذات مباراة هزيلة ، فهو صديق "الدكة" مذ عرفته الملاعب الترابية.
اتفق الخبراء وفقهاء النفس البشرية أن الطموح لا يعقل أن ينسج بمنأى عن تقدير الإمكانات والاستعدادات الحقيقية التي يملكها الشخص، والمجالات المطروحة قبالة شاب متطلع لا تتوقف على مجرد النجومية الكروية، ففي الدنيا متسع وفي المستقبل فرص.
لم ينتصح ذلك الشاب لنداءات مرافقيه وسخريتهم اللاذعة وبقي معتصماً بطموحه الذي ولد في ذهنه ولن يخرج منه، إذ الواقع لا يعترف بالأحلام مجردة من حقيقة إمكاناتها، ولا أعرف كم سيحتاج من الوقت ليقتنع بهذه المسألة؟ وكم سيمضي من عمره وهو ينتظر في قاعة الأحلام المفلسة؟
بالمناسبة .. أبرز مواهب مدرب المنتخب السعودي " لوبيز " هي واقعيته الإيجابية وتعامله مع العناصر الوطنية وظروف المباريات بتواضع الكبير وتفاؤل الخبير بما حقق مشروع منتخب وطني ناضج استطاع أن يبكي عين أحمد عيد ويرسم الابتسامة على محيا وطن بأكمله.



الرابط : http://www.saudisport.sa/articles.php?action=show&id=2133

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...