التخطي إلى المحتوى الرئيسي

موعد على البحر




استقبال :


جئت من هناك ، من حيث تحف بك سحائب السماء ، وتعلو بك جبال تشبه شموخك كثيراً ، جئت إلينا حيث انبساط الساحل وكأنه يد ممدودة بالترحيب ، وحيث انقضاض الموج وكأنه يسابق خطوات وصولك للترحيب بمقامك .
مرحباً بك ، نجماً تطرز سماءنا ومصباحاً تملأ فضائنا وزهراً يانعاً يفوح بعبيره على أرضنا ، خذ منا التحايا بغزارة هذا البحر وتلقى منا التراحيب بعداد الخطوات التي قطعتها لبلوغ موعدنا .
ليست هي المرة الوحيدة التي تقوم فيها قائمة مسائنا هذا ، ولكننا هذه المرة نعيش الحدث وكأنه سجادة فرح طرزناها بخيوط من ابتهاج وأنسجة تشع بالسعادة وتضيء في انحناءات السجادة العسجدية وزواياها الثلجية .


حديث :


# يحاول البحر دائماً في مدّه أن يتطاول على عظمة الأرض اليباس ثم يعتذر خجلاً في جزره ويعود أدراجه أو أعماقه ، اليوم يتعانقان في نقطة تفصل المد والجزر وتماهي بينهما احتفاء بأهل الأرض الذين يحتفلون على قارعتهما بهذه المناسبة البهيجة .
أما القمر فإنه يتواضع من عليائه ويزورنا فجأة في غير موعده وقد استأذن الزمن أن يتقدم به إلى حيث موعدنا هذا ويتنزل بيننا ضيفاً كريماً عزيزاً على القلوب .
تفاصيل هذا المساء يكمن جمالها في فسيفساء التصالحات والتنازلات التي يبذلها .


وداع :


# هذا البحر عميق إلى درجة سيطوي معها هذا المساء البهيج ، إلى درجة ابتلع معها اللحظات السعيدة التي قضيناها على جانبه حيث نحتفل بموعدنا العاطر ، ولكنني على يقين أن حلاوة هذا المساء ستخفف من ملوحته ستجعل من مذاقه عذباً وهنيئاً وربما تمحو اسمه الأحمر وتجعل منه البحر المبتهج .
وداعاً وإلى حيث يحين استعذاب البحر لنا موعد .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...