التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رؤية السعودية 2030 تعوّل على مجتمع مزدهر يرعى المخترعين الشبان

خطة تعبر عن أهداف المخترعين في بناء مستقبل مزدهر وتستند إلى مقوّمات المملكة ومكامن قوّتها لدعم المواطنين في تحقيق تطلعاتهم.

الأحد 2019/10/20
تعوّل برامج التحول الوطني التي تتبعها السعودية في هذه المرحلة على دور الشباب وتفعيل كل المجالات التي يمكن استثمار طاقاتهم من خلالها لرفع كفاءة مواطنيها وتهيئتهم لتحديات المرحلة الراهنة والنهوض بمشاريع التنمية والمنافسة على قطاعات اقتصادية وتجارية وعلمية وتقنية واسعة تنوي المملكة اقتحامها والاهتمام بها والمنافسة فيها.
وتعد رؤية 2030 خطة قابلة للتحقيق بالنسبة إلى الشباب الطموحين، فهي تعبر عن أهدافهم في بناء مستقبل مزدهر وتستند إلى مقوّمات المملكة ومكامن قوّتها لدعم المواطنين في تحقيق تطلعاتهم. ولعل مشاريع دعم المخترعين وتحفيز براءات الاختراعات، واحدة من تلك المجالات التي تهتم الرؤية بتطويرها وتحسين أداء القطاع الحكومي المعنيّ بها والمتصل بكل جوانبها الفنية والبشرية والقانونية.
وتحث المملكة أجهزتها الرسمية على ضرورة تضافر الجهود فيما بينها، مع تقديم الدعم الكامل للابتكارات والاختراعات والأفكار المميزة للشباب، وتحفيزهم على البحث والابتكار، والعمل على تشجيع ابتعاث المتخصصين إلى كبرى الشركات والمؤسسات العالمية للتدريب؛ للمساهمة في نقل الخبرات والتقنيات المتقدمة إلى المملكة، حتى يتمكنوا من الارتقاء بمجال البحث العلمي ومن الاستجابة للتحديات الفنية التي تواجه سير عمل كافة القطاعات في البيئة المحلية.
الأمر الذي بدأت نتائجه تسجل قفزات مهمة في هذا المضمار، بعد تحسين الكثير من بيئات وحاضنات دعم المخترعين وزيادة تمويل برامج رعايتهم والعناية باحتياجاتهم؛ إذ تسيّدت السعودية قائمة الدول العربية لبراءات الاختراع، في القائمة التي أعلنتها المنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو) التابعة للأمم المتحدة، وتقدمت الرياض من المرتبة الـ27 إلى الـ25 عالميا، بعد أن بلغ عدد براءات الاختراع السعودية 3399، تليها مصر في المركز الـ46 ثم الإمارات في المركز الـ54.
وقال عبدالعزيز محمد السويلم الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية إن قفزة السعودية في الترتيب العام لإيداع براءات الاختراع بتقدمها أربعة مراكز عن عام 2017، تقدم نتمنى أن يستمر بتضافر الجهود الوطنية.
حدث الأمر نفسه على مستوى الجامعات السعودية، التي يرتقب منها دور أكبر في دعم قطاع الاختراعات وتجهيز طلابها وطالباتها للمنافسة فيه، وتهيئة ظروف اجتماعية وثقافية تحثّ على إشاعة هذا المفهوم وتحسين حواضنه العلمية المواتية والمشجعة عليه.
وحسب التقرير الحكومي الأميركي حصلت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن على المركز الرابع عالميا في عدد براءات الاختراع، متقدمة على جامعات عظمى كهارفارد واكسفورد، فيما نالت جامعة الملك سعود المركز الـ25.
“عملاقة النفط أرامكو السعودية ستصبح ملك براءات الاختراع ‘The King of Patents’ للنفط والغاز” حسب وصف مجلة “ذي وول ستريت” بعدما تضاعفت الاختراعات المسجلة في المكتب الأميركي إلى أربعة أضعاف من عام 2014 إلى عام 2017 لتبلغ 230 اختراعا السنة الماضية وتتصدر الشركة المركز الثالث بعد إكسون موبيل وشفرون.
‏البراءات التي أهلت هذه الشركة السعودية الضخمة لهذا اللقب، ليست مجرد أرقام وإنما تقنيات وأفكار جديدة بعضها ساعد في التغلب على مشاكل في العمليات وبعضها تقنيات متقدمة عالمياً لم يسبق إليها أحد.
ويدفع ميل الرؤية الرسمية للحكومة السعودية نحو تعزيز أدوار القطاع الخاص لتنمية الممكنات المحلية في دعم وتشجيع الشباب على الاختراع، وتشجيع العمل النوعي بتعزيز قيام الشركات بمسؤولياتها الاجتماعية ودعم نمو القطاع غير الربحي وتمكين المنظمات غير الربحية من تحقيق أثر أعمق لتمكين الشباب، عبر احتضان مواهبهم وتبني مشاريعهم وصقل قدراتهم الأولية وانخراطهم في واجبات وظيفية وعملية ستكون معيناً على سبر أبعاد الاختراعات المطروحة وتحويلها إلى مشاريع إنتاجية ذات واقعية وربحية وجدوى تسويقية.
وتقول الأكاديمية وخبيرة النفط السعودية عبير العليان إن “التقدم الكبير في براءات الاختراع للجامعات والمؤسسات السعودية عالمياً يمثل انعكاسا للعقول السعودية التي لا يستهان بها، ويجب أن تركز الجامعات والقطاعات الخاصة والحكومية على استثمار هذه الاختراعات وتحويلها إلى منتج يستعمل على أرض الواقع من خلال منظومة متكاملة داعمة للاقتصاد المعرفي المبني على الابتكار”.
ويعد برنامج بادر لحاضنات ومسرعات التقنية، أحد أهم البيئات الإبداعية في مجال الابتكار ودعم تأسيس وإنماء المشروعات الريادية والناشئة، والذي تم تأسيسه في عام 2007 مِن قِبل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية؛ بهدف دعم فرص مشاريع الأعمال المبنية على التقنية، وتطوير ريادة الأعمال في المجال التقني.
كما عمل “بادر” على تطوير سياسة احتضان وطنية؛ من خلال إنشاء شبكة من المستثمرين الشباب، وسدّ الفجوة الناجمة عن عدم توافق الثقافات ما بين الجامعات والمجتمع؛ وذلك من خلال إطلاق برامج ريادة جامعية.
واليوم، يركز برنامج “بادر” على توسيع نطاق مراكز الابتكار والريادة في جميع أنحاء المملكة بُغْيَة تحقيق مؤشرات الأداء الرئيسة المتمثلة في تأسيس 600 شركة ناشئة، وخلق 3600 فرصة عمل بحلول عام 2020.
ويُمثل مكتب “بادر” لخدمات المخترعين دور الاستشاري والمالي لطلبات المخترعين السعوديين حسب مسار العمل على فكرة المخترع؛ حيث يُساعد المخترع الشاب على إجراء البحث المبدئي لفكرة اختراعه، ويزوده بنتيجة البحث لكي يتمكن من معرفة قوة فكرته، وإمكانية حمايتها من خلال البحث في الوثائق المشابهة للفكرة في قواعد البيانات الدولية.
وبعد إيداع الطلب في مكتب البراءات السعودي، يتكفل المكتب بتغطية جميع تكاليف طلب البراءة من رسوم الإيداع، وحتى آخر سنة لحماية الطلب، كما يعمل على متابعة حالة طلبات المخترعين السعوديين في مكتب البراءات السعودي؛ للتأكد من وصول طلبات البراءات للمخترعين الشبان إلى مرحلة المنح وإصدار الوثيقة.
وأهم مشاريع برنامج “بادر” هي “مسرعة نقل الاختراعات” التي تستهدف تفعيل براءات الاختراع عبر مجموعة متنوعة من الخدمات الرامية إلى تسريع تنفيذ وتطوير وتسويق الاختراعات خلال ستة أشهر، وأقيمت للمسرعة دورتان حتى الآن.

الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...