التخطي إلى المحتوى الرئيسي

يوم من حياة رجل بسيط !





شعور عارم بالبهجة ، بالنشوة ، بالعجب ، باللاشيء ولكنه إحساس ممتع وتفكير غاية في الإيجابية وابتسامة واسعة عريضة صادقة حقيقية ليست تلك الصفراء التي تجامل بها الظروف الصعبة .
مساكين نحن البسطاء ، أحلامنا صغيرة ورغباتنا لا تتجاوز أن نصحو على صباح مفعم بالصحة والانطلاقة وظهيرة لا تقل عن صباحها في الأنس والراحة ثم مساء يعج بالأصحاب أنفسهم لا غيرهم بقلوبهم البيضاء الكبيرة ووجوههم التي تعرفها جيداً وتحفظ عنها أدق تفاصيلها .
تعرف تلك العلامة الفارقة ما قصتها ، وذلك الخدش المندمل ما حكايته ، بنفس تفاصيلهم التي باتت في صندوق الذكريات ونفس مواقفهم الصادقة التي اختزنتها في أحشاء الأيام الخوالي .
إنهم المكسب الحقيقي بالفعل والثروة التي لا تنتهي بشرط أن تكون أنت أنت لا سواك رجلاً صادقاً صالحاً لا تغيره الأيام ولا تبدله المساءات حتى لو قابلتك بقبحها يوماً ما ، إنها تريد أن تذيقك الفرق بين الارتياح والانقباض بين الانبساط والاحتقان بين الهم والفرح بين السعادة والضيق .
شيء آخر يجب أن تشعر به في مثل هذه اللحظات الماتعة ، إنه جنة بيتك وحضن أخواتك الحنونات ، وإن كان لك أم راضية عنك فيا سعدك وهناك ، وأكتاف إخوانك الذين يقفون سنداً لك في حاجتك وفاقتك .
الله ما أجمل الرضى ، ما أعذب القناعة .
الآن ارفع بصرك إلى الفضاء الواسع ، إلى حيث لا يقف بك الخيال حتى تبلغ ملكوت السماء إلى فردوس النعيم إلى رب العالمين ، الرحيم الرحمن الودود اللطيف الكريم العظيم العفو الغفور النافع الرازق المعطي الواهب ، الله .. تأمل هذه الأسماء والصفات ، وتقلب في هذا النعيم المقيم والمقام الكريم والفضاء الشاسع والعطاء الواسع .
ألا تشعر بمثل هذا ، ألم يمر بك هذا الإحساس من قبل ، إنك إذاً قد عشت يوماً من أيام الدنيا الجميلة .
ومثل هذا يكفيني أنا كرجل بسيط !

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...