جدة - عمر بدوي
الجمعة ٥ أبريل ٢٠١٣
«الحياة» حاولت أن تدخل إلى عالم «تويتر»، وتسأل مجموعة من الناشطين في هذا العالم الافتراضي الفاعل، وتفكك أسرار هذه العملية الإلكترونية التي أجبرت رجال دين ومثقفين سعوديين على المشاركة فيها أو الحديث حولها سلباً أو إيجاباً. لماذا أدمن السعوديون الهشتقة؟
يقول صاحب البرنامج اليوتيوبي «إيش صار في تويتر؟» وليد سموم: «إن الهشتقة هي إبراز القضايا والأخبار التي تستحق النقاش، ولكن ما يحدث الآن هو «هشتقة كل كبيرة وصغيرة»، ويعود السبب إلى عوامل كثيرة، من أهمها زيادة عدد المتابعين لبعض الحسابات، وتهويل جزء من الأخبار والقضايا من دون التحرّي عن صحتها».
المدوّن عمر العريفي أنكر إدمان الهشتقة، واعتبر زيادة مستخدمي «تويتر» في الآونة الأخيرة من السعودية جعلت النقاش في أي حدث يتم بطريقة سهلة، والهاشتاق هو وسيلة نظمت هذه النقاشات أو التعليقات في مكان واحد، وكثرة انتشارها يعود إلى سهولة استخدامها، ومع كثرة الأحداث في الآونة الأخيرة وارتفاع سقف النقد، أصبح «تويتر» نوعاً ما متنفساً للبعض.
من جانبه، أرجع المشهور في «تويتر» برئيس حزب الكنبة بندر بن محمد الدامر هذا الاهتمام الكبير من السعوديين بـ«تويتر» إلى الإيجابيات التي أوجدتها هذه الشبكة الاجتماعية وقال: «لا شك في أن تويتر أوجد متنفساً للمجتمع السعودي، خصوصاً في جانب المظالم الاجتماعية والقضايا الإنسانية، إذ استطاع الكثير إيصال صوته إلى الآخرين في ظل الضعف الواضح للإعلام السعودي التقليدي في استيعاب القضايا الوطنية والإنسانية أو تبنيها».
عضو مجلس الشورى أستاذ الصحافة الإلكترونية والمستشار في قضايا الإعلام الجديد الدكتور فايز بن عبدالله الشهري حاول تشريح الحالة السعودية في التعامل مع «تويتر» وذكر: «لوعدنا إلى التاريخ القريب لوجدنا أن معظم روائع الروايات العالمية والعربية كتبها مفكرون في أوضاع نفسية واجتماعية ضاغطة، وحين أتى الإنترنت كان طبيعياً أن يكون متنفساً للشعوب والمهمشين على هوامش المجتمعات بعيداً عن الوسائل التقليدية». وأضاف: «العجيب أن المجتمع الخليجي لا يعيش القهر السياسي بالمعنى الواضح الذي عاشته مجتمعات عربية أخرى، ومع ذلك نجد درجة الصخب المجتمعي الخليجي والسعودي أعلى مما يحصل من مشتركي الإنترنت في مجتمعات عربيّة. والقضية تستحق التأمل والبحث هل «تويتر» متنفس باعتباره نشاطاً اتصالياً أم أنه بات ساحة كبرى لمزادات المزايدة بالمواقف وسوقاً شعبية للتربح المعنوي بالمبادئ؟».
وحول سؤال هل بالضرورة تعبّر «هاشتاقات تويتر» عن مزاج واهتمامات الشعب السعودي قال الناشط في «تويتر» طبيب الأسنان الدكتور هيثم طيب: «في بدايات تويتر السعودية هي حتماً لم تكن كذلك، مع مرور الوقت وتزايد أعداد المستخدمين فإن الهاشتاقات تقدم شيئاً من اهتمامات السعوديين، ويمكن استخدامها كشريحة تعبّر عن قطاع كبير في المجتمع»، ولكن تردد طيب في الجزم بأنها تعبر عن اهتمامات الشعب، معللاً ذلك «ليس كل من يستخدم تويتر يغرد من خلال الهاشتاقات». ذكر الدكتور فايز الشهري أن «الهشتقة السعودية» تتميز بميزتين واضحتين هما: الطرافة والانفعال، وأن كثيراً منها مبناه التسرّع وعدم الرشد الذي قد يصل إلى حد الخوض في المحذور الشرعي - بحسب قوله - مثل انتهاك الأعراض والخصوصية، ونشر الإشاعات، أو الاستناد إلى معلومات غير صحيحة أو توظيفها لإحداث البلبلة. في الجانب الإيجابي قال الشهري إن «الهشتقة أصبح لها دور كبير في تحريك المؤسسات الرسمية للتجاوب والمتابعة، وهذا ما يصنع الجماهيرية، خصوصاً إذا كان الموضوع غير شخصي ويهم شرائح واسعة من المجتمع.
وأسهب الدامر في تفسير واستعراض حال الاحتقان والتشنج التي تسود أجواء «تويتر» إلى الدرجة التي يكاد يختنق فيها ذلك الطائر الوادع وقال: «الهشتقة تحولت إلى عمل مكارثي، وهناك مبالغة في التعامل مع التغريدات العفوية وتحويلها إلى حرب على الدين والقيم، وهذا مصدره التعصب، وفي المقابل هناك تعصب مع الأشخاص وتنزيههم حتى لو وقعوا في خطأ صريح، ولي تجربة في ذلك مع الشيخ محمد العريفي عندما أخطأ في حق النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - وتعرضت لحملة عدائية كبيرة من بعض المتعصبين، ولكن سرعان ما اعترف الشيخ العريفي بالخطأ وتراجع عنه، وأنا بدوري شكرت له هذا التراجع والاعتراف، وأكبرت هذه الخطوة الجيدة منه». وذكر الدامر أن المتعصبين للأطراف المتصارعة في الساحة السعودية (الإسلاميين والليبراليين) انتقلوا إلى «تويتر» وأحدثوا صراعاً وجلبة داخل أروقته، وزادوا من الاحتقان وأحدثوا توتراً بين المستخدمين.
وزاد: «الشتيمة والقذف واردان بشكل قوي في الهاشتاقات السعودية، وهذا راجع إلى حداثة تجربة بعض المستخدمين الذين يجهلون أجواء تويتر ويختبئون وراء أسماء وهمية توفّر لهم الهرب والاحتماء من الملاحقة، إضافة إلى عدم تفعيل قوانين النشر الإلكتروني وتطبيقها على المتجاوزين، ولكن هناك تحسناً قليلاً في أخلاقيات بعض المستخدمين هذه الأيام».
ولفت سموم إلى أن «تويتر ليس أول شبكة اجتماعية يحدث فيها مثل هذا التعصب والتوتر، لكن انتشار تويتر وسهولة استخدامه أديا إلى انتشاره بين جميع شرائح المجتمع، ويسعنا أن نقول إنه الملتقى الأول للمجتمع السعودي بجميع تصنيفاته وتوجهاته الفكرية وطبقاته الاجتماعية، فحدث ما نشاهده حالياً من تعصب وتوتر». وأضاف: «تويتر ليس مكاناً لحل مشكلات، بل هو مكان لعرض الآراء، ومن الطبيعي أن تحصل بعض الصراعات بين أطراف أو بين تيارات فكرية معينة، وما يحدث هو الإطالة في الجدل، ومحاولة فرض رأي أو توجه على الآخر وهذا خطأ، لأن لكل شخص تفكيره أو توجهه، ولكل مستخدم حرية الخيار في من يتابع».
عمر العريفي لم يذهب بعيداً عن فكرة سموم وقال: «الاحتقان الآيديولوجي موجود في تويتر وخارج تويتر، وإنما أصبح تويتر منصة سهلة للنقاش وطرح الآراء بسهولة ما زاد حدته، ومع ازديــاد التفــاعل والكــتابة يتضــح فــكر الأشخاص، خــصوصاً من كانوا قبل تويتر لهم وزنهم سواء أكانوا كتّاباً أم مفكرين أم صحافيين أم غيرهم، ولكن في المقابل هناك عقول جميلة ظهرت وأبــرزها تويــتر، وهــي عــقول تنــقد بــموضوعية وتضع الأمــور في أمــاكــنها الــمناسبة». الطبيب هيثم طيب ذكر أن العصبية والعنصرية إرث فكري واجتماعي تشكّل عبر عقود من الجاهلية القديمة والمعاصرة، وأنتج سلوكاً فردياً ومجتمعياً يندرج تحت مسمّياتٍ قبلية ومناطقية ودينية.
الاختلاط الإلكتروني يشهد تسامحاً... و«الشرعيون» يتجاوزون حرج متابعة الفتيات!
جدة - عمر بدوي
الجمعة ٥ أبريل ٢٠١٣
ألمح عضو مجلس الشورى الدكتور فايز بن عبدالله الشهري إلى جزئية إيجابية في عالم «تويتر» الافتراضي عندما قال: «الرصد العلمي يكاد يؤكد أن المرأة في مجتمعنا أكثر حضوراً على شبكة تويتر من غيرها من شرائح المجتمع، سواء من حيث القضايا أم التمثيل أم الحديث نيابة عنها وباسمها». وقال: «نلاحظ أن هناك تسامحاً اجتماعياً عالياً اليوم في مفهوم الاختلاط الإلكتروني على الشبكات الاجتماعية، أضف إليه درجة واضحة من الرضا لهذا الحضور النسوي الافتراضي المكثف من رموز فكرية ظلت قضية حضور المرأة في المجتمع الطبيعي شغلها الشاغل ومصدر قلقها وإقلاقها».
رئيس حزب الكنبة بندر بن محمد الدامر لفت إلى شيء مشابه من واقع احتكاكه المباشر واطلاعه المسهب على حراك «تويتر» وقال: «تويتر مكّن الفتيات من الدفاع عن قضاياهن بعد عقود من تبني الرجل لها، وأعطاهن جرعة من الجرأة في ذلك، وأجبر المجتمع على احترامهن على أساس من إمكاناتهن المتطورة والمميزة التي أفصحن عنها عبر شبكات التواصل الاجتماعي، كما خفف من حدة الانعزال الاجتماعي بين الجنسين».
ولفت إلى أن بعض الشرعيين كانوا يرفضون «متابعة/ وإعادة التغريد» لبعض الفتيات تحرجاً من ذلك وخوفاً من رد فعل الآخرين، ولكنهم تجاوزوا هذه المرحلة بمرور الوقت وألفوا الحضور النسائي.
في إطار هذا الحراك المحموم على «تويتر» الذي أزعج كثيراً من المهتمين، ما جعل بعض الحكومات تفرض قانوناً لضبط العملية الإلكترونية وتنظيمها، وفرض نظام عقابي لملاحقة المتجاوزين، وتباينت الآراء حول فعالية القرار واحترامه للخصوصية والحرية التي يتمتع بها ناشطو «تويتر». في هذا الإطار قال المدرب والخبير في مجال الإعلام الاجتماعي عمار محمد لـ«الحياة»: «أرى أن الدول العربية تفتقر إلى ثقافة فهم المواقع الاجتماعية، فمثلاً تقرير شفافية موقع تويتر يظهر أن قطر الدولة العربية الوحيدة التي خاطبت تويتر بشكل رسمي للحصول على معلومات ١٠ حسابات بتويتر، بينما الدول الأخرى لم تخاطب الموقع بشكل مباشر، بل تواجه ذلك داخلياً من خلال التضييق على المستخدمين من دون الرجوع إلى المواقع الاجتماعية، ولو قارنا النتيجة نفسها مع أميركا في طلب بيانات المستخدمين لوجدنا أنها طلبت أكثر من ٨٠٠ حساب في عام ٢٠١٢، وهذا دليل على كلامي بأننا نفتقد ثقافة التعامل والتواصل مع المستخدمين ومع ملاك المواقع الاجتماعية، لا نحتاج إلى قوانين تكتب على الورق بقدر ما نريد ثقافة تنتشر للمستخدمين تسهم فيها الحكومات لا أن تضيّق على الاستخدام، ولا بأس من محاسبة المتجاوزين ولكن بدليل قاطع وإثبات بيّن».
الرابط :
http://www.alhayat.com/OpinionsDetails/499956
رئيس حزب الكنبة بندر بن محمد الدامر لفت إلى شيء مشابه من واقع احتكاكه المباشر واطلاعه المسهب على حراك «تويتر» وقال: «تويتر مكّن الفتيات من الدفاع عن قضاياهن بعد عقود من تبني الرجل لها، وأعطاهن جرعة من الجرأة في ذلك، وأجبر المجتمع على احترامهن على أساس من إمكاناتهن المتطورة والمميزة التي أفصحن عنها عبر شبكات التواصل الاجتماعي، كما خفف من حدة الانعزال الاجتماعي بين الجنسين».
ولفت إلى أن بعض الشرعيين كانوا يرفضون «متابعة/ وإعادة التغريد» لبعض الفتيات تحرجاً من ذلك وخوفاً من رد فعل الآخرين، ولكنهم تجاوزوا هذه المرحلة بمرور الوقت وألفوا الحضور النسائي.
في إطار هذا الحراك المحموم على «تويتر» الذي أزعج كثيراً من المهتمين، ما جعل بعض الحكومات تفرض قانوناً لضبط العملية الإلكترونية وتنظيمها، وفرض نظام عقابي لملاحقة المتجاوزين، وتباينت الآراء حول فعالية القرار واحترامه للخصوصية والحرية التي يتمتع بها ناشطو «تويتر». في هذا الإطار قال المدرب والخبير في مجال الإعلام الاجتماعي عمار محمد لـ«الحياة»: «أرى أن الدول العربية تفتقر إلى ثقافة فهم المواقع الاجتماعية، فمثلاً تقرير شفافية موقع تويتر يظهر أن قطر الدولة العربية الوحيدة التي خاطبت تويتر بشكل رسمي للحصول على معلومات ١٠ حسابات بتويتر، بينما الدول الأخرى لم تخاطب الموقع بشكل مباشر، بل تواجه ذلك داخلياً من خلال التضييق على المستخدمين من دون الرجوع إلى المواقع الاجتماعية، ولو قارنا النتيجة نفسها مع أميركا في طلب بيانات المستخدمين لوجدنا أنها طلبت أكثر من ٨٠٠ حساب في عام ٢٠١٢، وهذا دليل على كلامي بأننا نفتقد ثقافة التعامل والتواصل مع المستخدمين ومع ملاك المواقع الاجتماعية، لا نحتاج إلى قوانين تكتب على الورق بقدر ما نريد ثقافة تنتشر للمستخدمين تسهم فيها الحكومات لا أن تضيّق على الاستخدام، ولا بأس من محاسبة المتجاوزين ولكن بدليل قاطع وإثبات بيّن».
الرابط :
http://www.alhayat.com/OpinionsDetails/499956
تعليقات
إرسال تعليق