التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إصدارات الإسلاميين في «معرض الكتاب»... فعل ورد فعل!




الرياض - عمر البدوي
الجمعة ١٥ مارس ٢٠١٣

تسدل وزارة الثقافة والإعلام الستار اليوم على معرض الرياض الدولي للكتاب بصفته أحد أكبر المهرجانات الثقافية التي تحفل بها المملكة، بعد حضور لافت فاق عدد الزائرين أكثر من مليون زائر توزعوا خلال الأيام العشرة هي عمر هذا المعرض. اهتموا بشراء كمٍ كبير من الكتب، والمشاركة في الندوات التي يستضاف فيها كبار المثقفين، إذ أصبح المعرض في الأعوام الأخيرة منبراً للحوار بين المفكرين والكتاب والجمهور.
بقي الإسلاميون فترات طويلة يمارسون دور «رد الفعل» تجاه الأفكار والتيارات التي لا تنسجم مع توجهاتهم، ولم يختاروا طريق العمل الفكري إلا متأخراً، بعد أن شرعوا في إطلاق مراكز البحوث والدراسات التي تهتم بتقديم البدائل الفكرية، ومشاريع ثقافية مستقلة تطرح رؤاهم وأفكارهم في مطابخ الثقافة الهادئة.
صراع الأجنحة المحافظة والإصلاحية داخل التيار الإسلامي الواحد بدا واضحاً في معرض الكتاب. الطيف المحافظ بدا مهموماً بدرس وتفكيك بنية خصمه الإصلاحي، في حين بدا الأخير مهموماً بإثراء الساحة، بقضايا الحريات ومحاربة الاستبداد والرقابة على المال العام وتقويم التجارب الإسلامية الماضية، من دون الالتفات لما يكتبه المحافظون.
وتهتم المراكز العلمية والثقافية غير الربحية التي يشغلها الإسلاميون «بتأصيل العقيدة الإسلامية بمنهج علمي، ونقد المذاهب الفكرية المعاصرة من الناحية الشرعية والواقعية، وتقدّم إنتاجها من خلال مشاريع النشر والتأليف، وإقامة الندوات والمؤتمرات وحلقات النقاش، وتقديم الاستشارات والتدريب، وإقامة البرامج الإعلامية وغيرها من الوسائل المتاحة».
وتتباين مراكز البحوث والدراسات التي يتبناها الإسلاميون في درجة انفتاحها وتناولها للقضايا، فجانب منها يطرح آراءه وإصداراته ضمن ما يعتبر إطاراً سلفياً خالصاً، ويواجه أفكار خصومه التقليديين من الليبراليين ومن يسميهم التغريبيين، عبر نقد موجه ودراسات مستفيضة تتناول الإشكالات الشرعية.
وجانب من هذه المراكز يتبنى رؤى أكثر تحرراً من الإطار السلفي، وانسجاماً مع الطرح التنويري والإصلاحي، ويستكتب مجموعة من أبرز المثقفين والكتاب العرب، لاسيما من المغرب العربي ممن لهم توجهات منفتحة، وتنظير احتفائي بمسائل الإصلاح والتجديد، والتأسيس لشرعية الديمقراطية والانتخاب وأدوات السياسة الحديثة.
إصدارات معرض الرياض الدولي لهذا العام شهدت سجالاً، يعبر عن الهويات المختلفة التي تجسد حجم الحراك والتباين في الساحة المحلية، وتراجعت حدّة النقض والرغبة في الهدم الفكري المتبادل، إلى مربع المشاريع البنائية التي تهدف إلى تجسيد هذا الاختلاف في مؤلفات، عوضاً عن سجالات الردح والنقد العشوائي.
وجاء ضمن إصدارات مركز التأصيل في معرض الكتاب دراسة نقدية بعنوان «النظرية العلمية الحديثة - مساراتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي في التعامل معها» تناول فيه الكاتب حسن الأسمري ما أسماه الشوائب التي لحقت بظاهرة التميز في التطور العلمي، واستغلال طائفة من أصحاب الأهواء داخل العالم الإسلامي ذلك، في اتهام الدين والوحي بعدم مسايرتهما للعلم، بحسب ما جاء في التعريف بالكتاب.
كما صدر كتاب بعنوان «مفهوم تجديد الدين» وهو درس يبحث في مفهوم التجديد السليم، وتمييزه عن المفاهيم الخاطئة وبيان مجالاته وضوابطه وآثاره.
وتناولت واحدة من إصدارات المركز مناهج قراءات التراث في الفكر النهضوي العربي وأخرى مفاهيم الحرية وتطبيقاتها.
على رغم مرور أكثر من سنتين على أحداث الربيع العربي، التي اشتعلت في عدد من الدول العربية وانتهت إلى نتائج مختلفة، لا يزال الحدث يشغل اهتمام المتابع السعودي، وظهر هذا من خلال عناوين بعض المؤلفات، التي تتناول مسببات قيام الثورات والآثار المترتبة عليها، إضافة إلى قراءة واعية لتجربة الإسلاميين في الحكم بعد توليهم أزمة الأمور في غير بلد ثائر.
ولعل كتاب الإعلامي جمال خاشقجي الذي حمل عنوان: «ربيع العرب، زمن الإخوان»، وحقق مبيعات عالية منذ الأيام الأولى للمعرض، يشهد بالحضور المدوي للثورات العربية في قائمة اهتمام المؤلفين، وشغف الجمهور بالاستزادة في تفاصيل الموضوع.
كما صدر حديثاً عن مركز الدين والسياسة للدراسات ومؤسسة الانتشار العربي كتاب: (السلفيون في مصر.. ما بعد الثورة) قام بتأليفه مجموعة من الباحثين المهتمين بالحال الإسلامية حاولوا «درس الحال السلفية في مصر في ضوء الثورة ومتغيراتها من جوانب مختلفة، تهدف إلى استقراء الحقيقة وتجاوز الآيديولوجيات للخروج بالصورة الأقرب إلى الواقع بحيادية».
لم يسجل المعرض في هذه الدورة كتباً تعرضت للمنع إلا القليل منها، إذ تمّ منع كتاب منصور النقيدان «الملوك المحتسبون»، وكتاب الصحفي سلطان القحطاني «هكذا سقط الزعيم» إضافة إلى عدد من المؤلفات التي منعت من إدارة المعرض وأغلبها في الرواية.
وذكر الدكتورسجلت أروقة معرض الرياض الدولي للكتاب حضوراً نسائياً لافتاً، واعتبر وجود المرأة السعودية في المعرض، والكشف عن نهمها المعرفي، ورغبتها في الاطلاع على جوانب متعددة من الثقافة الجادة في السياسة والاقتصاد والفكر، علامة فارقة في النسخة الجديدة من المعرض.
وتجاوزت اهتمامات المرأة السعودية المواضيع المتواضعة، التي اتهمت على أساسها المرأة السعودية بالسطحية وتدني الثقافة، مثل كتب السحر والطبخ والتجميل، بل وسّعت من خياراتها المعرفية في فنون مختلفة، وسجلت إقبالاً واضحاً على المجالات الدسمة.
ويتزامن هذا الحضور اللافت للمرأة في معرض هذا العام، وإقبالها على المجالات المختلفة، مع الإنجازات الواسعة التي أخذت المرأة السعودية في تحقيقها على صعد مختلفة، وبعد أسابيع قليلة من دخولها الرسمي إلى مجلس الشورى، وتموضعها في موقع اجتماعي وثقافي متقدم، بالقياس إلى سنوات سابقة من التغييب والتجاهل.
المرأة حضرت في مضامين بعض الإصدارات التي عرضت هذا العام، وتعددت المواضيع التي حوتها هذه الكتب، غير أن مسألة قيادة المرأة للسيارة كانت حاضرة وبقوة، لاسيما في إحدى المؤلفات التي قد تشكل مثاراً للاهتمام والضجة خلال الأيام القليلة المقبلة.
الكتاب الجديد أصدرته دار جداول للنشر والترجمة، وحمل عنوان: «السادس من نوفمبر.. المرأة وقيادة السيارة في السعودية» قام بتأليفه الدكتورة عائشة المانع والدكتورة حصة آل الشيخ، يسجل تجربتهما الشخصية في حدث بارز حفلت به المملكة عام 1990، حينما أقدمت 47 سيدة سعودية على قيادة السيارة في شوارع مدينة الرياض.
قبل بداية المعرض تناول عدد من كتاب الأعمدة الصحفية، واحتشدت الأطراف الفكرية التقليدية على تويتر، للتحذير أو التبشير بمتلازمة معرض الكتاب، وما بات يعرف بغزوات الاحتساب، إذ ينتشر مجموعة من الشباب والمشايخ والدعاة في أروقة المعرض، بغرض التنبيه على بعض التجاوزات الشرعية، من قبيل الاختلاط أو استضافة بعض المثيرين للجدل، أو نشر بعض الكتب المخالفة بحسب رأيهم.
وخلال العامين الماضيين شكلت المجاميع الاحتسابية مصدر قلق للمنظمين، ومادة دسمة للنقاش والحوار حول مشروعية هذا العمل، في ظل وجود فرع رسمي ومرخص لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر داخل المعرض، يمارس دوره التقليدي ويحافظ على الشكل العام للتظاهرة، بحسب القانون المتعارف عليه.
خفت وتيرة الاحتساب على نحو واضح، وربما انغمست في اهتمامات سياسية بعيدة أجهضت حراكها الاعتيادي، وكانت الاستعدادات الأمنية استباقية لأي طارئ يمكن أن يثير زوبعة احتسابية جديدة، واكتفى بعض الناشطين بمجرد الحضور كزائر تقليدي، لا يتجاوز دوره مطالعة الكتب والاهتمام بالثروة المعرفية المعروضة.
خيّم الهدوء على الشبكة الاجتماعية «تويتر» على غير العادة، بالتزامن مع معرض الرياض الدولي للكتاب، واكتفى كثير من الكتاب والمثقفين باستعراض مؤلفاتهم وإصداراتهم التي ستتواجد في أروقة المعرض، بينما اشتغل عديد من المهتمين بتقديم نصائح للقراء والزوار باقتناء بعض الكتب، وجرى تداول بعض أسماء الكتب والمؤلفات التي قد تحصل على انتشار واسع، فضلاً عن رسائل موجهة إلى وزير الثقافة عن بعض ما ينقص هذه التظاهرة، بغرض تحسين أداء الوزارة، وتحقيق أفضل النتائج المرجوة من المعرض، ولعل أبرز المطالب هي رغبة بعض المثقفين في إقامة معارض مشابهة في مناطق المملكة المختلفة، لما في ذلك من خدمة للتظاهرة وانتفاع عدد من المواطنين ممن يرغب في زيارة المعرض، لولا مشقة السفر وظروف ارتباطهم بمناطق سكناهم وعملهم.


إقبال لافت على الكتب الفكرية
الرياض - عمر البدوي
الجمعة ١٥ مارس ٢٠١٣
شهد معرض الرياض الدولي للكتاب هذا العام إقبالاً على الكتب الفكرية التي تتناول قضايا السياسة والمجتمع، وقد يعود هذا إلى ضغط الأحداث السياسية الراهنة، وتلاحق المجريات على الساحة الدولية والإقليمية والمحلية، في ظل الآثار التي لا تتوقف لموجة الربيع العربي التي هزت عروشاً ضاربة في القدم.
اهتمام الدور واختيارات الجمهور كانت منصبة على قضايا الحراك المحلي، والإشكالات الجدلية التي تبنتها بعض المؤلفات تدقيقاً وتمحيصاً، وهذا ما تسبب في تقليل حظوظ مجالات الرواية التي ظلت مسيطرة خلال الأعوام الماضية، في ظل حضور طاغٍ لبعض الأسماء الجدلية، وبعض الأعمال الأدبية التي أشغلت الرأي العام وتجاوزت الخطوط التقليدية.
وتعتبر الكتب التي تهتم بالجوانب الدينية واحدة من أبرز الاهتمامات التي تغري الجمهور بالمتابعة والاقتناء، وظهر هذا جلياً خلال الجدل الذي نشب قبل انطلاق المعرض وأثناءه، حول أطروحة «الوهّابيّة.. بين الشِرك وتصدّع القبيلة» للكاتب السياسي السعودي المعروف الدكتور خالد الدخيّل، ويقع في 560 صفحة.
الكتاب عبارة عن أطروحة دكتوراه من جامعة كاليفورنيا في لوس آنجليس عام 1998، ولكنها لم تُترجم بسب الظرف السياسي.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...

ماذا يخطر في بالك ( 5 ) ؟

هنا أنقل بعضاً من منشوراتي على صفحتي في ( الفيس بوك ) . راجياً لكم النفع والفائدة  . ضعف التقدير يقود إلى سوء التقرير . .................. كلما كان واقعك ثرياً وغنياً ، بارت بضاعة خيالك الواهم . …………… إذا أحببت شيئاً ثم التقيت به بعد غياب فكأن الروح ردت إليك بعد غيبة الموت ، أو العقل عاد بعد جنون ، أو الذاكرة استفاقت بعد غيبة . كل الأشياء الرمادية تسترجع ألوانها الزاهية ، والروائح الزاكية تستجرّ عنفوانها ، والمشاعر اللذيذة تستعيد عافيتها . ما يفعله الشوق بك من ذهاب العقل وغيبة الذاكرة وموات الروح ، يفعل بك الوصل أضعافه من الفرح والطرب والنشوة . لقد جُبل هذا القلب على الإلف بما يحبه والتعلق به حتى يكون بمثابة الطاقة الموصولة بألياف الكهرباء ، أو الزيت الذي يقدح النور ، والجمر الذي يستفز أعواد البخور . وإذا غاب المحبوب واستبد بك الشوق انطفأ نور الوجه وضاقت النفس وذهب الفرح حتى يعرف ذلك في حدة طبعك وانغلاق عقلك وعبوس وجهك ، فإذا التقى المحبوبان والتأم القلب عادت المياه لمجاريها وشعشع الوجه واتسع الثغر وانفرجت الأسارير . سبحان من خلق . ……………… إذا كنت...