التخطي إلى المحتوى الرئيسي

القرضاوي داعية … أم جبهة إخوانية متقدمة



القرضاوي في «لقاء ودي» مع بشار الأسد يناير 2008، قبل أن يتلون حسب الوجهة القطرية

عمر علي البدوي

انتمى القرضاوي لجماعة الإخوان المسلمين وأصبح من قياداتها المعروفين، ويعتبر منظّرها، كما عرض عليه تولي منصب المرشد عدة مرات لكنه رفض، وكان يحضر لقاءات التنظيم العالمي للإخوان المسلمين  كممثل للإخوان في قطر إلى أن استعفي من العمل التنظيمي في الإخوان .
وأبدى القرضاوي ترحيبه بتولي الإخوان حكم مصر وأنهم «الجماعة الإسلامية الوسطية المنشودة» حسب وصفه، واعتبر مشروع حسن البنا هو «المشروع السني الذي يحتاج إلى تفعيل»، كما وصف الإخوان بأنهم «أفضل مجموعات الشعب المصري بسلوكهم وأخلاقياتهم وفكرهم وأكثرهم استقامة ونقاء».
يذكرُ أن اعتلاء القرضاوي لمنصة ميدان التحرير والخلاف الذي نشب بمنع الشاب وائل غنيم من الصعود في حضوره، اعتبر تعبيرا عن الاستحواذ الإخواني للمشهد الثوري وتمددهم في مفاصل إدارة البلاد من ميدان التحرير حتى قصر الرئاسة.

شيخ الفتوى ونقيضها

في 20 أبريل 2009 أعلن القرضاوي أنه يكتم اجتهادات فقهية وفتاوى حول قضايا معاصرة تجنباً لتشويش الجماهير عليه، وكان القرضاوي قد انتقد قطر في مايو 2001 لدعوتها عقد لقاء بين رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في قطر. وفي إطلالة للقرضاوي في برنامج الشريعة والحياة على قناة الجزيرة بتاريخ 16 فبراير 2003، سُئل عن القواعد الأميركية في الخليج وذكر بأن الاتفاقات التي حدثت قديماً مع أهل المنطقة تحترم لأنها من فعل حكومات، ولا يريد إشعال فتنة بين الشعوب والحكومات مع حق الشعوب في أن تنتقد هذه الاتفاقيات بالوسائل السلمية.
وأردف بأن الغزو الأميركي في المنطقة يجب أن يقاوم، ومن قاومه من المسلمين فقتل فهو شهيد، كما أنه كان ضد وجود القواعد الأمريكية في قطر كما ذكر ذلك في قناة بي بي سي العربية. أفتى القرضاوي برجم الرئيس الفلسطيني محمود عباس  إذا ثبتت مشاركته في حرب غزة، وعلى هذا علقت في الضفة الغربية صورا ضخمة للقرضاوي يظهر فيها مصافحا يهودا، وقد كتبت على الصور تعليقات تصف هؤلاء اليهود بأنهم إسرائيليين، وقد وقعت مصادمات بين مصلين في الضفة الغربية وأئمة بعض المساجد الذين خصصوا خطبة الجمعة للهجوم على القرضاوي بناء على تعليمات من وزارة الأوقاف التابعة لحكومة تصريف الأعمال.
 أثير جدل حول يوسف القرضاوي فبعض آرائه الفقهية لا تلقى ترحيبا عند بعض العلماء، لأنه في نظرهم يقدم الرأي على الدليل الشرعي خضوعا لضغوط العصر الحديث.
وتتنوع التيارات التي تنتقد القرضاوي ويأتي في مقدمتها السلفيون إذ ينكرون عليه احتجاجه بأحاديث ضعيفة، ورده لأحاديث صحيحة أخرجها البخاري ومسلم، وينتقدون عليه مخالفته للإجماع في عدة قضايا، ويأخذ عليه الجهاديون فتواه بجواز قتال المسلمين الأميركيين مع الجيش الأميركي ضد المسلمين في أفغانستان، ولكن القرضاوي نفى ذلك.

الشريعة والحياة: الإعلام والإفتاء

قناة الجزيرة سلمت الوجبة الدينية ليوسف القرضاوي عبر برنامج أسبوعي يحل فيه كضيف دائم وبموضوعات تقترب من التشريع السياسي وتقديم رؤى تعبر عن النظام السياسي الإسلامي.
الجزء الأكبر من البرنامج يصرف في الاستماع لخطاب القرضاوي ويتخلله أسئلة المذيع التي تضيء الجوانب الناقصة من طرح الشيخ، وربما استضيف عبر الهاتف شخصيات علمية وميدانية تدعم الخط العام للطرح، ويترك ما بقي من الحلقة لأسئلة المشاهدين عبر الهاتف أو الإنترنت ليجيب عنها الشيخ مستنداً إلى طابعه الخاص ونكهته السياسية الظاهرة .
وعلى امتداد الأحداث العربية والعالمية المتعاقبة كانت قطر والجزيرة والقرضاوي مثار جدل واهتمام واسعين على خلفية مواقفهم الصارخة في أي اتجاه كان، أو تصرفاتهم وتصريحاتهم المثيرة للاهتمام والداعية للبحث ما وراء الخبر.قناة الجزيرة لعبت دوراً بارزاً في الثورات العربية في بلدان العالم العربي بحشد إعلامي رهيب، بينما كان القرضاوي يجلس على طاولة الشريعة والحياة ليشارك بحصته الإعلامية من الزاوية الدينية.
إلى جانب مواقف القرضاوي الواضحة في دعم الثورات العربية وتوظيفه لمنبر الجزيرة في هذا السياق، وانسجامه مع السياسة الخارجية القطرية المؤيدة للانتفاضات الشعبية ودعمها اللامحدود سياسياً ومالياً، والصعود الإخواني القوي إلى سدة حكم البلدان الثائرة، تضافُ أيضا أكاديمية التغيير صاحبة الدور الملتبس في هذه الحراكات وهي مؤسسة علمية بحثية عربية الهوى عالمية النشاط، تهتم بتزويد العقل بأدوات الفعل الاجتماعي والسياسي ليكون قادراً على ممارسة التغيير الحضاري .ويبدو أن القرضاوي يواجه تحفظات من علماء دين كبار حول موقفه المتعجل والمتحمس تجاه الثورات العربية، إذ قال إن «السلفية المتعصبة» والصوفية اتفقتا على تسفيه الثورات العربية عبر الترويج لما سماها «ثقافة سامة تربط الفتنة بالخروج على الحكام»

وفتاوى لسوريا

في كلمة بمهرجان في قطر لنصرة الثورة السورية قال يوسف القرضاوي «إن الثورة السورية أجلت الحقيقة وبيّنت حقيقة حزب الله وشيعته الذين استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله».
وأضاف: «وقفتُ ضد المشايخ الكبار في السعودية داعياً لنصرة حزب الله، لكن مشايخ السعودية كانوا أنضج مني وأبصر مني؛ لأنهم عرفوا هؤلاء على حقيقتهم… هم كذبة». كما دعا إلى الجهاد ضد الحكومة السورية بعد تدخل مقاتلين من جماعة حزب الله الشيعية اللبنانية في الحرب الأهلية هناك لمساعدة الرئيس بشار الأسد.
لقي خطاب القرضاوي ردود فعل واسعة نقلته من خانة المغضوب عليه إلى مستوى المرضي عنه بالنسبة لبعض الصحفيين والعلماء، ومن جهة أخرى زادت من مخاوف وشكوك البعض الآخر إلى جانب مطالبات بمراجعات مكثفة من قبل الشيخ بخصوص بعض مواقفه السابقة.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...