التخطي إلى المحتوى الرئيسي

القبلية تفسد التنمية

تثور الشعوب وتموت من أجل أن تتشارك في اتخاذ القرارات التي تبني حياتها وتهيئ لها عيشاً كريماً، ونحن - بفضل من الله - نملك اليوم ما لا يملكه غيرنا من القدرة على اختيار من يمثلنا ويرفع مطالبنا ويتحدث بلسان حالنا عبر الانتخابات البلدية .
وسنكون على قدر الذكاء إذا تنزهنا عن الحزازات النفسية والروابط العصبية لنختار عن قناعة وإيمان المرشح الذي نشعر بأهليته ومسؤوليته وأمانته لأنها المقومات الحقيقية لتفعيل دور المجالس المحلية أما ما يباين هذا من السمات التي لا ننتفع بها وتعطل مشروع بلادنا الآخذة في التقدم والتطور فهي ألغام في طريقنا وتعوق مسيرنا .*
لقد أصبحنا مجتمعات أقرب إلى التحضر فلا داعي لاجترار مخلفات ماضينا ، إننا أمام اختبار لأنفسنا وجديتها في هذه المرحلة الحاسمة .*
إن الله لا يحب أن يوسد الأمر إلى غير أهله ، وقد جعل ذلك أذان قيامة الدنيا ودنو أجلها ، وفي هذا تخويف عظيم ، ها هم المرشحون بين يديك فتش في تاريخهم وحجم جهودهم في خدمة مجتمعهم وتكفي الأعمال وصنائع الرجال أن تزكي أصحابها وتؤهل أهلها وما عليك بانتماءاتهم فإنها لا تسمن ولا تغني .
ولأن الإسلام دين حضاري من الطراز الأول نزل على نبي كريم أدرك أن العصبية القبلية ستعيق طريقه للنهضة بأمته وأهل دينه ، شن حرباً ضروساً على هذه المنتنة وكم كان غضب الرسول شديداً إذا أطل هذا الثعبان من جديد ليلوي رقبة التنمية ويحطم عجلة التقدم .
فلا تغضبوا رسولكم في قبره !*
إنني أربأ بنفوسكم يا أهل حلي أن تضيعوا هذه الفرصة وقد بلغتم من التسامح شأواً عظيماً وأراهن على عقولكم النابهة أن تضيق عند هذا المحك ولا تنتصر للحق إذا ناداها ، وقد عشتم أمداً طويلاً تحبون أرضكم وتنادون بحقكم وتسعون في إنماء بلدتكم وقد جاء يومكم .*
خلف ستار الانتخاب لن يعلم بك سوى نفسك ، ستكون في مقابل شخصك تماماً التي تنتظر منك الصدق والأمانة والموضوعية .
لن تعاقبك السلطة ولن يلومك الناس ولن يضربك ابن قبيلتك ولكن سيؤنبك ضميرك وستبدو ضئيلاً منافقاً أمام نفسك إذا كنت ضعيفاً مستسلماً إلى الحد الذي تضيع فيه أمانتك ومسؤوليتك تجاه بلدتك وتختار ابن قبيلتك واًنت تعلم ضعفه وقلة إمكانياته وتفرط في مرشح هو أفضل قدرة وأجدر مهارة وأمكن في عمله فقط لأنه لا ينتمي لعصبتك ولا ينتهي باسم قبيلتك .
إنني أقول مكرراً قولي : أن الشعوب تضحي بأبنائها من أجل الحصول على هذه الفرصة بينما تأتي إلينا اليوم سهلة ميسرة ثم تضيع من بين أيدينا بفعل القبلية المقيتة والعصبية التي أفسدت علينا تنميتنا بينما تسبقنا المناطق والمحافظات ونحن نقف في موقع المتفرج المتباهي بالفراغ .*
يا أهل حلي : إنني أثق في تحضركم !

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...