التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المريخ والزهرة

لقد احتدم الصراع هذه الأيام بين قطبي الحياة الإنسية ( المرأة والرجل ) وأصبح الاقتتال في الميادين الإعلامية والثقافية والفكرية مرتفع الوتيرة ، وفاقت حدة الاحتراب بينهما أن زاحم كل منهما الآخر في مجاله الخاص وإطاره الحياتي المعني به .
وللأسف فالساحة العربية هي جزء من هذا التضاد المحموم بين الجنسين بفعل الحرية التي يمليها الغرب والتي أحدثت نوعاً من التداخل بين دوائر الحياة ومنظوماتها التي كانت تقيم الحياة على أكمل وجه وأحسن تقويم .
إن نفراً من العرب آثروا استحضار النموذج الغربي الذي أفرط كثيراً في إذابة الحدود وصهر كل تفاصيل الحياة في قالب تحرري واحد مما أحدث هذا التشنج في العلاقات وهذا الخلط الرهيب في المهمات والأدوار الحياتية .
ولو أننا بقليل من التمعن في نصوص الكتاب والسنة المطهرة التي تعد المصدر التشريعي الذي ينهل منه المسلمون للمحنا هذه المعادلة الربانية الدقيقة والاتزان العادل في وصف كل من الجنسين وضبط حدوده وإلى أي مدى يسعه العمل فيه .
إن التشريع الإسلامي الحضاري بنظرته المتكافئة إلى الكون والحياة والإنسان يقدم أنموذجاً رائعاً للبشرية حيث يتبدى فيه التكامل بين القطبين من حيث أن المرأة مرأة لها حقوق وعليها واجبات والرجل رجل كذلك فيما له وما عليه .
إذاً بكل اختصار .. فالدين يرمي إلى علاقة معطاءة تحترم الطرفين لا غنى لأحد منهما عن الآخر بكل بساطة القول وعمق المعنى ، ولك أن تلمس ذلك وأكثر في قول الله تعالى من الآية المئة وأربع وعشرين في سورة النساء : [ ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيراً ] ، وواحدة من الأحاديث التي بثها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بين يدي أمته حين قال : " النساء شقائق الرجل " .
نصوص تفيض منها الحكمة والبساطة والاتزان في الرؤية والحكم والتوظيف .
لقد أحدث الغرب بواقع حريته المزعومة التي اجتثت كل خصوصية ولم تحترم اعتباراً واحداً يقضي بالتعدد والثراء لا لجنس ولا تكوين واعتبر ما يقف أمام هذا القول وينافيه خائناً للإنسانية داعياً على عتبات العنصرية الشعواء .
وما عرف أنه لا يدعوا إلا إلى الزج بالرجل أن يغالب المرأة حتى في حملها فبدأ عندهم الرجال يطالبون بالحمل وولادة الأبناء والاعتراف بالشواذ من الرجال ومنحهم الشرعية في ممارسة الزواج والمعاشرة فيما بينهم ، ويزج بالمرأة لتولي دور الرجل في القوامة وحق النفقة فتفشت لديهم ظاهرة الاسترجال حتى في ممارسات المعاشرة وقضاء الأوطار .
وكان كل ذلك وأكثر من آثار اختلاط الحابل بالنابل وتخبط أذهانهم في فهم الحرية وخلقوا نظاماً تحررياً جديداً يقضي برجعية الإنسان وحيونة ممارساته حتى فاق الكلب عندهم كرامة ومكانة البشر .
نظرة مسهبة وعقول منصفة تتجول في تشريعات ديننا وأحكامه يتبين لها أننا أصحاب الحرية على أصولها وأولوا العدل والديمقراطية وأساسهما .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...