هو الحقيقة التي عجز العالم أن يقف في وجهها ، حتى أطباء الدنيا وأرباب العلم الذين اعتصموا بقوته واتكلوا عليه لم يجدوا بداً من شرب كأسه .
وما إن يلم ببشر ويقع على مخلوق إلا وقد تلبدت سماء أهله وذويه بغيوم سوداء ، وتضيق نفوسهم وتضج صدورهم بهذا القضاء الحاصل والموت النازل .
ولكن ..
أتصدقون أن الفأل أحياناً قد يبلغ من المرء مبلغاً تنظر به للموت على أنه وجه حسن ، أظن أن بصاحبكم من جنّة .
لا يرزق المرء منذ أن تبصر عيناه نور الدنيا بيوم يتجلى فيه صدق
أحبته وحسن سريرتهم بمثل ذلك اليوم ، ألا ترى تلك الدموع التي انهالت ألماً على فقد حبيبهم ولا حاجة لمراء أو كذب وهو مغمض الجفنين لا يعبأ بباك ولا شاكي .
أحبته وحسن سريرتهم بمثل ذلك اليوم ، ألا ترى تلك الدموع التي انهالت ألماً على فقد حبيبهم ولا حاجة لمراء أو كذب وهو مغمض الجفنين لا يعبأ بباك ولا شاكي .
وربما دام ذلك الوفاء حتى بعد وفاته بأمداء ، حيث يلحقه دعائهم وترحمهم واستغفارهم له في الأسحار وما هو أعظم من ذلك من أجر الصدقات والأعطيات التي تبذل من نفقته أو على نيته .
ألا يحق أن يذكر الموت بالجميل والخير وقد أسهم في تنقيه الناس من منهم ذهب أو نحاس .
ويأتي الموت أحياناً راحة من كل شر فقد كان النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم – يدعو بمثل ذلك ويرجو ربه أن يكون الموت كفاية له من كل مكروه وحائلاً دون شر أو نكال .
فكم من موجع أرهقته أنات الوجع وأبكته آلام المرض وهو يجهش ببكائه وينوح بصوته الذي يشق دلجة الليالي ولم يهنأ حينها بنوم ولا راحة ، حتى يجيء الموت وينسل روحه من جسده المرهق ويخلصه من هذا العذاب ويكون راحته من ذلك الألم الكريه .
وكم أغمض الموت جفني أم لم يمنحها الوقت لترى ظلمة الليال وعقوق العيال وأمات شيخاً قبل أن يزوره الخرف ويعش أرذل العمر فيكون عالة على الناس هواناً على نفسه .
ألا يحق أن يذكر الموت بالجميل والخير وقد كان محرراً للموجعين من ربقة الألم وحصناً للمسنين من فوات العقل ولتلك المسكينة من عسف الأيام .
بل تعالوا إلى موت تتوق إليه الأفئدة وتتهافت إليه النفوس ، تعالوا إلى حيث الشهادة في سبيل الله .
مظنة المجاهدين ومطلب السائرين إلى باب الله – عز وجل – وقد ضحوا بدمائهم من أجل العقيدة وباعوا أنفسهم لله وقد ربحت تجارتهم وأغلى ما يتمنون الموت وهم صادقون .
موت جميل ذلك الذي يناله أولئك الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، حينما تغادر أرواحهم الطاهرة أجسادهم التي يفوح منها عبق الشهادة الزاكي ، ونور براق يضيء وجوههم الخالدة وابتسامة عريضة ترتسم على محياهم ، أترى أن ذلك ذاهب إلى موت بائس ، لا والله ، إنما إلى حياة ونعم الحياة تلك .
ألا يحق أن يذكر الموت بالجميل والخير والشهيد يستقبله بابتسامة عريضة أضاءت ثغره وقد نال مبلغ أمانيه .
صدقتم الآن ، أن الفأل قد يبلغ أحياناً أن تنظر للموت على أنه ذو وجه جميل .
تعليقات
إرسال تعليق