التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لقاء من نور

بحثت عن أجمل شيء في الحياة فما وجدت سوى الصلاة ، تريح البال وتصلح الأحوال وهي رحلة طويلة بالنفس إلى الرياض الإيمانية النضرة والعوالم الروحية العطرة .
وأجمل ما فيها أنه لقاء بالرب مما يبعث إلى نفسك الخوف والهيبة فيدفع بك ذلك إلى التضرع والخشية وطلب عفو الله ورضوانه .
هي عبادة فريدة من نوعها وخلوة عن الدنيا ومشاغلها وبضع هنيهات تستشعر فيها أقدس عبادة وأعظم قربان إلى الله ، والدين الذي لا صلاة له لا خير فيه .
إن المحرومين من هذا الاتصال النوراني في شقاء دائم وضنك وأضيق عيش ، وما حرموا شيئاً أبرح من هذا الحرمان وأنكى من هذا الفقد ، لقد كتب لهم أن تغلب عليهم شقوتهم ويعيشوا ردهاً من الزمن في دياجير الظلام وجبّ الحرمان حتى يتصالحوا مع نفوسهم وينخرطوا في صف الراكعين السجد من خشية الله .
وما علمت رجلاً يعرف الطريق إلى المسجد جيداً إلا وفق في حياته وكتب الله له مستقبلاً مشرقاً يتمناه أهل الدنيا والآخرة وإن كان به شيء من الانحراف استقام ، أو نقص من الأموال والأنفس إلا استوفاها وحصّلها وهذا قيض من فيض التوفيق الذي يناله العبد من الصلاة .
وسمعت شيخي / مشعل الفلاحي مرة يقول : لو رأيت رجلاً حريصاً على الصف الأول من الصلاة فاعلم أن الله ينوي به خيراً عن قريب ، ويعده لنفع الأمة عاجلاً أم آجلاً ، فاستحسنت ما ذهب إليه ورأيت نقله هنا .
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال : " أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم ، يغتسل فيه كل يوم خمس مرات ، هل يبقى من درنه شيء ؟ " قالوا : لا يبقى من درنه شيء . قال : " فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا " متفق عليه .
لا غرو أن أتناول هذا الدواء الناجع والإكسير النافع في معرض كل حديث وهي تجمع ما يفتح الله به على الإنسان من مفاتيح النجاح ومبادئ تسهم في الرقي بهمتك وخدمة مشروعك ، فبقدر ما لديك من هذا الاتصال تنال من أنوار العلم وكشوفات المعرفة .
عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الطهور شَطْرُ الإيمان ، والحمد لله تملأ الميزان ، وسبحان الله والحمد لله تملآن - أو تملأ - ما بين السماء والأرض ، والصلاة نور ، والصدقة بُرهان ، والصَّبْرُ ضِياءٌ ، والقرآنُ حُجَّة لكَ أوعَليْكَ ، كُلُّ الناس يَغْدُو فبائِعٌ نفسَهُ فمُعْتِقـُها أو مُوبـِقـُها " رواه مسلم .
يوماً ما ضاقت بي الدنيا بما فيها وولت عني بنعيمها وأقبلت بوجهها الشاحب المقطب ، حينها ولّيت وجهي شطر المسجد وتقربت بركعتين لتعيد إلى الحياة بهجتها وإلى النفس أنسها ، { وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ } البقرة / 45 .
يقول الأديب الرائع الذائع علي الطنطاوي : " إذا قمت إلى الصلاة وقلت : الله أكبر ، خرجت من دنياك وارتفعت عنها كمن يرتفع في طيارة حتى تراها – كما هي في الحقيقة – ذرّة صغيرة تافهة ، ولم تخش عدواً ، ولا شغلك حب حبيب ، ولا ملأ نفسك هم ولا غم ولا لذة ولا متعة ، لأنك تتوجه إلى الله ، والله أكبر من ذلك كله وبيده كل شيء " .
فسبحان الذي شرع لنا هذا الدواء .
عمر علي البدوي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...