التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ومات ابن لادن !

أعلنها أوباما صريحة " أمريكا قتلت بن لادن " وكأنها حرب الخير مع الشر وانتصار كبير العدالة وقائد قوى الخير على مارد الشر وشيطان الإنس ليغادر هذه الدنيا المطلوب الأول للعدالة الدولية الصادقة الصريحة المطمئنة ، والناقم الأول على البشرية والمدمر الأول لأحلامها وآمالاها وسلامها وأمنها .

وبدأت كل السفارات والحكومات والرؤساء والأمراء والقيادات تغني لأمريكا الراقصة في مشهد يصوّر وكأن السماء آذنت للأرض أن تستريح من ظلم الطاغية الذي طالما أغض مضجعها وانمحاء السر وراء أوجاعها وأحزانها والبقاء للأصلح والأقوى -أمريكا طبعاً - التي تسهر على أمن العالم وتسعى في كل قطر وأرض على استقرار أهله وبث الديمقراطية في كل مكان ليعيش أهل المعمورة في حرية واستقرار وأمان .

لله در أمريكا المسكينة التي تموت كمداً على كل دم يقطر من إنسان وتعيش فرحاً بموت كل طاغية يفتك بالبشرية وتلقي القبض على الإرهابيين والظلمة والباغين وتفك أسرى البراءة والمظلومين وتكسو العريان وتشبع الجائع وتمنح الدفء للمقتول برداً وتمسح دمعات اليتامى ولا ترضى أبداً أن يتيتم في سبيل أمنها القومي حتى القطط بله الإنسان .

بنو يعرب المسكين الذي يصفق لأمجاد أمريكا الإنسانية ويجبر عينيه على أن تدمع لآلامها الحزينة يضيع مجدداً مع كل حدث عالمي تسوّقه أمريكا قبل أن تسوّغه وتصنع له شرعية دولية رغم أنف الجميع هذا حال حكوماته .

أما شعوب العرب ودهماؤه - رغم حالة الثورة الرائعة التي يعيشها والثقة التي منحها إياه تراكم الظلم على تقادم السنين - يشعر ببعض الألم على رحيل ابن لادن رغم الويلات التي نالها مع التوسع اللامحسوب لتنظيم القاعدة فهو لا يجد صوتاً يعبر عنه في حكوماته أو علمائه أو مفكريه وإعلامييه ليحشر أحلامه في هذه الزاوية الضيقة ويصطف ولو بمحض المشاعر مع زعيم تنظيم القاعدة .

وهذا ما حدث مع صدام حسين عندما جاءت لحظة شنقه ، فصدام لا يستحق شيئاً من الرحمة والشفقة وقد طال ظلمه وجبروته كل عربي ومسلم ولكنه جاء بشيء لم نحلم أن نسمعه من حاكم عربي واحد عندما رفض أمريكا وطغيانها وهاجم إسرائيل وظلمها ولو على سبيل الكلام فقط الكلام .

لم نتفق مع بن لادن منذ اللحظة الأولى التي أريقت فيها دماء بريئة من معسكر المسلمين أو حتى الآخر الغربي أياً كان دينه ومذهبه ولكن من ينصفنا من قاتل ملايين العراقيين وميتم أطفالهم " بوش " الذي أنهك الرجل الأفغاني سنين عجاف دون أبسط حق ، وقد منّاهم السلام والأمن والديمقراطية ليريهم أضدادها من الفتك والظلم والسفك والسفح وكل مصطلحات الألم .

من يأخذ بحق الفلسطينيين من أعدائهم اليهود الغاصبين وزعمائهم الظالمين الذين أذاقوا الفلسطيني ستين عاماً من الويلات والتشريد والتجويع والحصار وصبغوا حياته حاضرها وماضيها ومستقبلها بلون الدم .

أم أن العدالة الدولية وشرطة العالم ( أمريكا ) يختل ميزانها عند ذلك و" تضيع علومها " !!
مات ابن لادن وهو يستحق الموت ولكن لماذا يعيش بوش وهو لا يستحق أن يعيش ، أعرف أن كل واحد منهما له مبررات فيما فعل ولكنهما قتلا طفلاً واحداً كان له حق أن يبقى حياً .

عمر علي البدوي
الإثنين 28 / 5 / 1432 هـ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...