آخر تحديث: الخميس، ٢٠ يوليو/ تموز ٢٠١٧ (٠١:٠٠ - بتوقيت غرينتش)جدة - عمر البدوي
< سافر طبيبان سعوديان إلى موريتانيا تطوعاً لإنقاذ حياة عشرات الحالات من مرضى القلب، وهناك حيث تتعطش النفوس والقلوب إلى من يستنقذها من عذابات الوجع ومرارات الفقر والفاقة، مازجتهم مشاعر العطاء بالأسى، وأحاطت بهم الدعوات والشكر على صنيعهم.
واستطاع الفريق الطبي، المكون من استشاري القلب والأشعة الصوتية القلبية المتطورة الدكتور ناجي خليف، واستشاري القلب والقثطرة التداخلية علي المسعود، خلال مهمتها الإنسانية في موريتانيا، إجراء 30 جراحة ما بين توسيع للصمام الميترالي والشرايين التاجية، و15 أشعة صوتية قلبية بالمنظار.
وسبق للدكتور علي المسعود أن سافر في عدد من الرحلات التطوعية، التي أكسبته خبرة في هذا المجال، وكانت موريتانيا واحدة من محطات عمله الخيري، إذ سبق أن أجرى مثل هذه الجراحات، والرحلة الأخيرة جاءت بدعم من «هيئة الإغاثة الإسلامية» وتحت مظلة «رابطة العالم الإسلامي».
وكان خلالها الدكتور المسعود على تواصل مع أطباء في موريتانيا يشتكون من تكدس الحالات الصعبة، وعجزهم عن التعامل معها أمام نقص المواد والأدوات اللازمة.
طُلب الدكتور ناجي خليف للمساعدة في تقويم الحالات بالأشعة الصوتية القلبية، والأشعة الصوتية القلبية بالمنظار، واستجاب للطلب سريعاً للبدء في الترتيبات والحصول على المواد وإرسالها بالبريد إلى نواكشوط. بعد ذلك سافر الطبيبان المتطوعان، بعد أن خصصا جزءاً من إجازتيهما السنوية للسفر، وبرفقتهما مندوب هيئة الإغاثة الدكتور أحمد باخشوين، لتسهيل إجراءات السفر والتواصل مع فرع هيئة الإغاثة في نواكشوط.
وبمجرد وصولهما بدأ الأهالي في التوافد من أماكن بعيدة، بعضهم يبعد مكان إقامته مئات الكيلومترات، كانت العوائل سعيدة جداً وهي ترافق مرضاها ممن سيتلقى المساعدة على يد الطبيبين السعوديين. اهتم الطبيبان خليف والمسعود بالنساء الحوامل، لأن ضيق الصمام الميترالي يتسبب في خطر محدق بحياتهن.
طبيبة القلب والأشعة الصوتية الموريتانية «فرحة» قالت: «إن بعض الفتيات توفين وهن ينتظرن وصول الحملة، لقد عاجلهن الأجل قبل الحصول على فرصة علاجهن»، اكتأب الطبيبان السعوديان بعض الوقت أمام هذا الوجع اليومي، الذي يتكرر ببرود في موريتانيا، ولكن نجاحهما في إنقاذ إحدى الحالات، التي أجهضت حملها لحرج وضعها الصحي، ساعد في تبديد غيوم الحزن، وألهب حماستهما للتعامل مع بقية الحالات. كان الطاقم الطبي الموريتاني جذلاً بوصول المساعدة السعودية، كانت الفرحة وهم يتدربون على يد المسعود والخليف لا تقدر بثمن، إنهم يحملون أملاً لمستقبل الأهالي وأبنائهم.
كانت أجواء العمل سعيدة وزاخرة بالطاقة، امتدت ثلاثة أيام من الجهد المضني ومسابقة الوقت لإنجاز قوائم الانتظار، التي تزيد كل ساعة، كان العمل يبدأ في الثامنة صباحاً ولا ينتهي إلا قبل منتصف الليل بشيء يسير، وعلى رغم الجهد الكبير والتعب البالغ، فإن «أكواب» الشاي، التي يعدها شاب موريتاني نحيل، وأطباق الكسكسي الموريتاني، التي يطبخها طاقم المستشفى، تذهب بكثير من المشقة التي تعتري أفراد الطاقم.
يتناول الطبيب المسعود رشفة من الشاي المعتق، قبل أن يبدأ مهمة جديدة في غرفة الجراحة، كان الأهالي يقفون على جانبي الباب، وبعد إتمام كل جراحة يستوقفون الأطباء ويتلون عليهم آيات الشــكر والامتــنان على صنيعهم، كانت من أجمل اللحظات بالنسبة إلى الطبيب الخليف، يقول «كان واضحاً على الأهالي فرحتهم بهذه الحملة السعودية، وكانوا يقدرون قطعنا المسافات الطويلة والقدوم من مكان بعيد لمســـاعدتهم».
أصعب مفاصل الرحلة هو عامل الوقت، فهناك عدد كبير ووقت قليل، كما يقول الطبيب الخليف في حديثه إلى «الحياة»، وكان القلق يساورهم لضمان تقويم كل الحالات.
في اليوم الأخير من الرحلة يتذكر الطبيب الخليف الضغط النفسي الكبير، إذ كان يختار الحالة لتقويمها، ولكن الطبيبة فرحة تعتذر قائلة: «لا أستطيع النظر في عيونهم، طالما أن احتمال الاعتذار منهم وارد نظراً إلى ضيق الوقت، إنها قسوة لا تصدر من طبيب».
في اليوم الأخير ازدادت سرعة العمل للقيام بالجراحة وسرعة التقويم قبلها، وبالفعل بنهاية اليوم تمكن الفريق الطبي من تقويم كل الحالات وإجراء الجراحة لكل المستحقين، لم يتصور الطبيب الخليف ومعاونيه أن ذلك سيكون ممكناً، ولكنه توفيق الله.
وتم تقويم كل الحالات المتقدمة للعلاج خلال مدة المهمة، التي بلغت 5 أيام، بالتعاون مع المركز الوطني الموريتاني بمستشفى الشيخ زايد في نواكشوط لمعالجة مرضى القلب غير القادرين على دفع تكاليف الجراحة.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق