آخر تحديث: الإثنين، ٨ مايو/ أيار ٢٠١٧ (٠١:٠٠ - بتوقيت غرينتش)جدة – عمر البدوي
تتعدد طرق الشباب السعودي في البحث عن العمل والحصول على وظيفة أو مصدر رزق آمن، في الوقت الذي تبدو فيه الفرص على رغم ما يشاع عن ضيقها في السعودية مثل بقية دول العالم، متعددة ومختلفة.
وفيما تسجل معدلات البطالة ارتفاعاً يصل إلى ١٢ في المئة، باعتراف الجهاز الحكومي، يتداول نشطاء الشبكات الاجتماعية في مناسبات مختلفة قصصاً عن البطالة التي تهدد وتنتظر طلاب وطالبات يعودون من دول الابتعاث الخارجي بشهادات وكفاءات مميزة في تخصصات نادرة ومهمة.
وأمام هذا الواقع وما رشح عنه من حقائق تواجه الشباب السعودي الذي يشكل ٦٠ في المئة تقريباً من مجموع سكان المملكة، وبانتظار تحقق خطط التحول الوطني ورؤية ٢٠٣٠ الساعية الى خفض هذه النسبة إلى ٧ في المئة، توجه البعض الى اقتحام مجالات عمل أخرى وتجربة مجالات غير مسبوقة أو معطلة من فرص العمل والوظائف التي كانت ولعقود طويلة حكراً على العمالة الأجنبية وبمنأى عن اليد العاملة المحلية.
وكانت السعودية أطلقت منذ منتصف العام 2011 عدداً من البرامج الرامية لإصلاح سوق العمل ورفع نسبة السعوديين العاملين في القطاع الخاص، كما عدلت نظام حصص التوظيف القائم في هذا القطاع، وألزمت قطاعات معينة بتوظيف النساء، وفرضت غرامات على الشركات التي تعين عدداً من المغتربين أكبر من عدد موظفيها السعوديين.
ورويداً رويداً بدأ المجتمع في التخلص من النظرة السلبية التي كانت تطبق على عقليته الجمعية ولا تمكّن بعض شبابه من امتهان التخصصات التي يجد فيها انتقاصاً لمكانته ودوره الاجتماعي، ولكن ضغط البطالة وزيادة مستوى الوعي الذي يمنح التقدير العالي للمتكسب من كد يديه، رفع الغشاوة عن هذه النظرة غير المنطقية، وزاد من فاعلية هذه الخطوة والتعجيل بثمارها ودعم الحكومة هذه المشاريع، وتوسيع الدور الذي تلعبه كليات ومعاهد التدريب التقني والفني. وعليه تم حظر عمل الأجانب في عدد من القطاعات والتخصصات ومبيعات التجزئة، ومنعت وزارة العمل السعودية إصدار تأشيرات دائمة أو موقتة لاستقدام العمالة الأجنبية لتسع عشرة مهنة.
وبالفعل، جاء النجاح والإنجاز في عدد من حقول العمل والوظائف دافعاً جديداً ومحركاً لمياه التصورات الخاطئة باتجاه إيجابي، مثل قصر العمل في المحال النسائية على الفتيات السعوديات، وهو الأمر الذي حلحل حزمة من المواقف الاجتماعية المتصلبة بفضل قرار واحد، إضافة إلى سعودة محال الجوالات التي حققت نجاحاً نسبياً على رغم القصور المتذبذب في تحقيق الخطوة تماماً.
وإلى ذلك، أصبح «العمل الحر» واحداً من أكثر المفاهيم تداولاً في اللغة المحلية للسعوديين، بوصفه بديلاً عن ضوابط الوظيفة الحكومية المتطلبة للكثير من الشروط المسبقة، أو لزيادة المدخول الشخصي والأسري الذي أصبح مرهقاً بفعل التكاليف الجديدة التي أضيفت إلى موازنة الفرد والمجتمع. وزاد من تداول هذا المفهوم وانتشاره، المشاريع المبتكرة والمستحدثة، والنصائح التقليدية التي يسديها رجال الأعمال المخضرمين للمبتدئين، على المنصات التلفزيونية والافتراضية أو عبر التجمعات والفعاليات التي تنظم كثيراً في مدن المملكة.
وتمول الحكومة مبادرات جريئة من هذا النوع، بهدف تحريك مياه الاقتصاد الوطني والتخفيف من العبء الذي ينوء بحمله الإنفاق الحكومي، وكثيراً ما تشارك وزارة العمل والتنمية الاجتماعية مع صندوق تنمية الموارد البشرية «هدف» في أسابيع المهنة، بهدف إنشاء حلقة وصل مع خريجي الجامعات، وتقديم الدعم والإرشاد المهني لهم، لتهيئتهم للدخول إلى سوق العمل، وتمكينهم من امتلاك ومعرفة الأدوات التي تساعدهم في ذلك.
ويطلع الزوار من الطلاب والطالبات، على المبادرات والبرامج الهادفة إلى دعم التوظيف والتدريب والتأهيل، وتنمية القوى العاملة الوطنية، ورفع قدرتها التنافسية في سوق العمل.
ومن بين تلك البرامج والمبادرات، الفرص الوظيفية والريادية المتاحة من خلال توطين قطاع الاتصالات، وبرنامج ريادة الأعمال لدعم وتدريب ملاك المنشآت الصغيرة، وكذلك برنامج التدريب الصيفي «صيفي»، وبرنامج دروب، وغيرها من برامج الدعم والتوظيف، ويتم خلاله تقديم عدد من الفعاليات التثقيفية من محاضرات وندوات علمية وورش عمل لطلاب وخريجي الجامعة، بهدف تعزيز ثقافة العمل المهني لديهم، ومساعدتهم على الاختيار الوظيفي الأنسب لمهاراتهم ومواهبهم.
وأصبح تقليداً لدى السعوديين عندما تزور واحداً من مهرجاناتهم المختلفة أن تجد طابوراً من شاحنات الطعام تنتشر على جانبي الطرق والممرات، يتوزع فيها شباب سعوديون يبيعون أنواعاً مختلفة من الأطعمة والعصائر والمثلجات. ويدر عليهم ذلك أرباحاً غير قليلة ما يضاعف من قيمة العمل والنظرة الإيجابية الواقعية إليه عبر الفرص المتعددة من دون تمييز ولا تصنيف.
وكذلك الحال بالنسبة الى مهرجانات الربيع والصيف والتنشيط السياحي التي تقام في أوقات مختلفة وفي كل مناطق المملكة المترامية الأطراف، إذ أصبح من الشائع أن تنصب أركان للأسر المنتجة التي اعتادت أن تقدم منتجاتها وتبيع بضائعها اليدوية الصنع.
وتجري كل هذه التحولات الاجتماعية والاقتصادية غير بعيد من خطط العمل والتحول في إطار رؤية المملكة 2030 التي تهتم وتعمل على مواءمة مخرجات المنظومة التعليمية مع حاجات سوق العمل، إذ تم إطلاق البوابة الوطنية للعمل «طاقات»، وستؤسس مجالس مهنية خاصة بكل قطاع تنموي تعنى بتحديد ما يحتاجه من المهارات والمعارف، وتتوسع في التدريب المهني لدفع عجلة التنمية الاقتصادية، مع تركيز فرص الابتعاث على المجالات التي تخدم الاقتصاد الوطني وفي التخصصات النوعيّة في الجامعات العالميّة المرموقة، والتركيز على الابتكار في التقنيات المتطورة وفي ريادة الأعمال.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق