التخطي إلى المحتوى الرئيسي

السفر و «الاستراحات» والنوم ... سلاح سعوديين في مواجهة الصيف


آخر تحديث: الإثنين، ١٧ يوليو/ تموز ٢٠١٧ (٠١:٠٠ - بتوقيت غرينتش)جدة - عمر البدوي 

شهر رمضان يحتفظ بتقاليده اليومية المعروفة، إذ أكثر ما يميزه أنه شهر عائلي بامتياز يقضي جملة من الشباب أيامه ولياليه وسط عائلاتهم، يتشاركون وجبات الفطور والسحور وبقية أوقات اليوم. ولكن بمجرد انتهاء الشهر هذا العام، بدأ الشباب السعودي يستعد لمواجهة قرابة ٩٠ يوماً هي عمر الإجازة المتبقية، يفكرون في قضائها في شكل مفيد ومسلٍ، ولكن غالباً ما يعوقهم ضعف الفعاليات أو قلة ذات اليد، وهم أمام هذا الواقع يختلفون في كيفية التعامل، لينتهي كل واحد أو جماعة إلى نتيجة مختلفة.
علي أحمد وثلاثة من أصدقائه لم يسعهم الانتظار، فلديهم جدول من رحلات السفر إلى البلاد البعيدة. ٩ ساعات على متن طائرة تقلهم إلى إندونيسيا، حيث الطبيعة الساحرة والكلفة اليسيرة، إنها وجهة مناسبة ومقبولة لهم، كونهم طلاباً لا يملكون دخلاً كافياً لخيارات أكبر، سيقضون تقريباً نصف الشهر في الرحلات الداخلية بين بالي وجاكرتا وبقية مدن الشرق الآسيوي الجميلة.
أحمد فيحان طالب الهندسة الصناعية في جامعة أم القرى لم تتسنَ له فرصة السفر هذا العام، لأن موازنة عائلته محدودة، ففضّل وثلة من أصدقائه استئجار استراحة داخل الحي، وبدأ وفريق عمله في توفير كل ما يلزم للاستمتاع بالاستراحة خلال أيام الإجازة، «هذا الجو الحار لا تمكن خلاله مفارقة جدران البيوت، وملاصقة أجهزة التكييف»، كما يقول، في استراحتهم كل ما يمكن تصوره من الأجهزة والآلات، يتابعون بشغف كأس القارات، ويلعبون البلايستيشن، وعادة ما يطبخون وجباتهم معاً فيها.
وكثير من الشباب يقضي وقته في السهر. وقد يكون السهر وحده التعبير الأمثل عن الشعور بالإجازة، بمعنى أن المختلف في الموضوع هو أن تنام وتستيقظ في الوقت الذي تشاء. يضاعف من عملية النوم غير المنتظم تداخل العادات اليومية بشهر رمضان والعيد وفصل الصيف، والفراغ الكبير الذي يشعر به الشباب خلال أكثر من ١٠٠ يوم إجازة من دون فاعليات مشبعة أو فرص وافرة للتنزه.
في مدينة أبها جنوب السعودية، تمكن ملاحظة مجموعات الشباب تتوجه الى جبال عسير، حيث ينصبون خيامهم ويرتبون أغراضهم لقضاء أوقات طويلة من الإجازات. وعلى امتداد ساحل عسير من البحر الأحمر، تنتشر خيام العائلات والشباب بكثرة، يعيشون أياماً في تجربة مختلفة تكسر روتين السنة ورتابة ليالي الإجازة المستقلة، ولكن طول عمر الإجازة يعيدهم للملل مرة أخرى.
والى ذلك، فإن بعض الشباب يصرف كل وقته على الهواتف الذكية، ومتابعة حراك الشبكات الاجتماعية وهي في كل مرة تتناول حدثاً أو ظاهرة ما، يلاحقها باهتمام ويشتغل ضمن مجموعة من المتفاعلين غير المرئيين على إشاعتها والنفخ فيها، حتى تبتلع وقته واهتمامه، وتمنحه شعوراً بالأهمية ليصبح ذلك أكثر وأجمل ما يفعله خلال هذا الصيف الطويل والطقس الحار.

فواز جبريل يبدو أكثر وعياً من غيره، إنه يرى في الإجازة فرصة ثمينة للتعاطي مع كل ما لا يجد له وقتاً خلال أيام الدراسة، فهو مدمن أفلام سينمائية وكتب الروايات والأدب والثقافة العامة، وهو يجد في الإجازة فسحة واسعة لالتهام كل هذا «النعيم المقيم» كما يسميه، من دون أن يتخلى عن شروطه اليومية كما يعنونها من ممارسة الرياضة وقضاء بعض الوقت مع عائلته وأصدقائه وواجباته الدينية والاجتماعية، فضلاً على بعض رحلات الاستجمام والسفر في المدن السعودية القريبة للترويح عن النفس، وتجديد الهمة والنشاط لمواصلة الركض في ميادين السينما والثقافة.



الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...