التخطي إلى المحتوى الرئيسي

خاشقجي.. رجل الضجيج والصفقات الصاخبة يرحل بهدوء


آخر تحديث: الأربعاء، ٧ يونيو/ حزيران ٢٠١٧ (٠١:٠٠ - بتوقيت غرينتش){ جدة - عمر بدوي 

< بهدوء لا يشبه حياته، التي زخرت بالأحداث صعوداً ونزولاً، رحل اليوم، في لندن عدنان بن محمد بن خالد خاشقجي، البليونير السعودي وتاجر السلاح المشهور، كانت حياته سلسلة من الغموض والصفقات المريبة.
‏رحل بهدوء اليوم عن عمر يناهز الـ82 عاماً، بعد أن ملأ الدنيا ضجيجاً وأشغل الناس بكمية أسرار كانت تخشاها دول وحكومات، كان يقبض على أسطورة المال وصفقات السلاح السرية براحة يديه.
كانت حياة خاشقجي، الذي ولد في الـ25 من تموز (يوليو) 1935 بمكة المكرمة، أشبه ما تكون بسيناريو درامي من الأحداث المختلفة والمغامرات السياسية والاقتصادية، وربما العاطفية كذلك، إذ عرف بإنفاقه الباذخ وبعلاقاته التي بناها مع عدد كبير من أبرز الشخصيات العالمية. وكان خاشقجي اشتهر بدوره في فضيحة إيران - كونترا، وعلاقته بالمصرف المفلس حالياً بنك الاعتماد والتجارة الدولي، وعدد من القضايا الشائكة الأخرى، كما أنه مشهور بعلاقاته في أوساط الطبقة العليا، سواء في العالم الغربي أم العربي.
كان والده طبيباً للمؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، وبعثه والده إلى كلية فكتوريا بالإسكندرية، فأتمها بامتياز، ونصحه أصدقاؤه بإدخاله إحدى الجامعات الأميركية، فاختار له جامعة «شيكو» في شمال كاليفورنيا.
إلا أنه لم يكمل دراسته، وذلك ليتفرغ لنشاطاته التجارية، إذ اعترضت طريقه الحيرة بين عالم المال والعلم، ولما كانت مدخراته لا تكفي للشروع في حلمه التجاري، استثمر كل ما يملك لتوفير سيولة كافية للبدء في عالم المال، الذي بدأه في قطاع الناقلات، وأحرز أول صفقة مع الشيخ محمد بن لادن، وأصبح وكيلاً للشركة، ووفر طلبات الجيش السعودي عام 1959، ومن هذه الصدفة المدروسة انغمس في تجارة السلاح، الاتي نقلته إلى طور جديد من التجارة والسياسة والغموض، الذي أخذ يلف حياته حتى لحظة وفاته، نبعت شهرة عدنان خاشقجي في الأساس من الأدوار التي لعبها بصفته تاجراً ووسيطاً في صفقات بيع السلاح بين الحكومة السعودية وشركات في الولايات المتحدة، وبرز في هذا الميدان في سنوات الستينات والسبعينات.
ولتغطية عملياته المالية استخدم واجهة شركات قام بتأسيسها في سويسرا وليختنشتاين، ليتقاضى عمولاته عبرها، وليطور علاقاته مع عدد من الأشخاص المهمين، مثل عملاء وكالة المخابرات المركزية، ورجل الأعمال الأميركي بب ربونزو(Bebe Rebozo) أحد المقربين من الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون. وبقي في سنواته الأخيرة منزوياً لا يتسرب من واقعه سوى الإشاعات عن إفلاسه وتدهور ظروفه المالية والاقتصادية، ولكن عائلته بقيت في كل مرة تنكر وتنفي تلك الإشاعات.
عاش ردحاً من عمره في موناكو، بعيداً عن الأضواء، ولكن نشاطه بقي مستمراً؛ فقد اجتمع مع ريتشارد بيرل عام 2003 قبيل احتلال العراق.

ونعت عائلة «الخاشقجي» الشيخ عدنان خاشقجي، مشيرة إلى أنه كان رمزاً من رموز الوطنية والشخصيات العربية الرائدة، التي كان لها دور مؤثر في الأحداث الإقليمية والدولية، ودخل التاريخ بوصفه رجلاً عصامياً اشتهر بكرمه وأعماله الإنسانية وحبه لعائلته ووطنه، وكسب احترام جميع من عرفه، لأمانته وأخلاقه العالية. ودعت العائلة للفقيد بالرحمة والمغفرة، وأن يسكنه الله العليّ القدير فسيح جناته.



الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...