التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مثقفون: «عكاظ» وثقت قيم الماضي وأبهجت الحاضر


آخر تحديث: الإثنين، ٢٤ يوليو/ تموز ٢٠١٧ (٠١:٠٠ - بتوقيت غرينتش)جدة - عمر البدوي 

< ما تزال النسخة الـ11 من مهرجان سوق عكاظ التي اختتمت فعالياتها قبل أيام وكانت بإشراف هيئة السياحة والتراث الوطني، تثير ردود فعل، غالبيتها إيجابي، إذ أشاد مثقفون بهذه النسخة وما تضمنته حفلة الافتتاح التي اهتمت بالتراث والأهازيج الوطنية وقصص الفخر، متطلعين إلى مدينة عكاظ الجديدة، وما ستحويه من منشآت ومرافق سياحية جديدة يكون لها الدور الكبير في إعادة إحياء هذا المنتج التاريخي.
وسيعلن قريباً عن تطوير كبير لبرنامج السوق، خصوصاً في ما يتعلق بدور سوق عكاظ في بناء اللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم، وأن ما يشاهد اليوم هو بداية لمستقبل عكاظ وما سيشهده من خطط تطويرية، إذ ستتوافر هناك جائزة للمعلقات الشعرية وخطط تطويرية شاملة لسوق عكاظ وفعالياته، وسيكون عكاظ مناسبة دولية بحسب توجيهات خادم الحرمين الشريفين، ليعود عكاظ سوقاً للعرب بعد تطويره من ناحية الاقتصاد، فالمدينة الجديدة ستأخذ منحىً اقتصادياً كبيراً جداً، مستعينين بالتقنية الحديثة مما يمكن الشباب بالتعرف على نفسه من خلال سوق عكاظ.
وأكد مثقفون على ما ذهب إليه الأمير سلطان بن سلمان من أن المملكة العربية السعودية هي اليوم محط لأنظار العالم، في ظل ما تجده المناسبات من رعاية واهتمام، بعد أن امتلكت هيئة السياحة حقوق تنظيمه.

ملتقى الفنون كافة
نائب رئيس نادي الطائف الأدبي قليّل محمد الثبيتي، قال لـ«الحياة»: «هكذا جاء إحياء سوق عكاظ عبر قراءة واعية تستجلي الفكرة التاريخية لذلك الحدث الذي يولد كل عام، وقد أخذت تلك القراءة تتنامى وتحاول إحياء مضامين شتى تنطوي عليها استراتيجيات كان يتشكل من خلالها سوق العرب الشهير.
في كل عام منذ انطلاق فكرة إحياء السوق نلمس أنه يقترب أكثر من عمقه التاريخي، وفي هذا العام ١٤٣٨هـ كان السوق ملتقى للفنون كافة، التقى فيه الشعر بالسرد العربي والمسرح بالفنون الشعبية والخط العربي بالفن التشكيلي والخطابة بالفلكلور.. إلى غير ذلك مما يحمله روح عكاظ التاريخي ويتم تنفيذه بوسائل عصرية».
وأضاف الهلالي: «من خلال مشاركتي هذا العام في تحكيم مسابقة سوق عكاظ الدولية للسرد العربي تبين لي أن الإقبال كان كبيراً جداً على مسابقات سوق عكاظ، وأن الأعمال المشاركة ذات قيمة فنية عالية.
وهذا له العديد من الدلالات التي تنبئ بأن عكاظ يحتل مكانة عميقة في ذاكرة المثقف العربي».

جسر لعبور الأمة إلى بعضها البعض
في حين أوضح عضو اللجنة الثقافية العليا لسوق عكاظ الدكتور أحمد الهلالي أن سوق عكاظ «من النقاط المضيئة في تاريخنا العميق، وهو جسر من جسور عبور الأمة إلى بعضها البعض بعد الشتات، فهذه التظاهرة العربية الكبرى كتبت لها الحياة على يد الملك فيصل يرحمه الله وتجسدت على يد ابنه خالد، ويبشر الواقع باستمرارها، ونعلق عليها أملاً عريضاً في التلاقي، وإبراز الصورة المشرفة للتراث العربي».
ولفت إلى أن «عكاظ» يتجه إلى أن يكون «أيقونة مشعة بكل قيم الماضي الجميلة، وبكل مباهج الحاضر، وبكل آمال المستقبل، ولا أظن فكرة تحمل كل هذه القيم ستتراجع أو يصمد في وجهها المظلمون، والعزم معقود اليوم في عهد الأمير سلطان بن سلمان على بلوغ فضاءات أرحب تكون فيه عكاظ رائدة الإبداع الثقافي، وملهمة الأفكار الإبداعية».

جملة أخطاء شابت أداء «الهيئة»
أما الكاتب والباحث صاحب منتدى السالمي الثقافي بالطائف حماد السالمي، فأشار إلى أن إسناد إدارة مهرجان سوق عكاظ إلى هيئة السياحة والتراث الوطني «فكرة رائدة، لأنها تملك أدوات النجاح إذا تنبهت لجملة أخطاء شابت عملها الأول في عكاظ 11».
وقال السالمي إن الهيئة بيدها «مقومات الاستثمار السياحي والمعرفي من خلال مهرجان سوق عكاظ الذي ينفذ في الطائف ذات الشهرة التاريخية والآثارية عبر آلاف السنين.
وهذه الثروة التاريخية والآثارية هي ثروة نابضة بالحياة والعمل بعد النفط الذي هو ثروة ناضبة ذات يوم».
وأضاف: «ما زلنا في البدايات حتى إذا أنجزنا مهمة حصر ورصد كنوزنا الآثارية وشرعنا في حمايتها والمحافظة عليها نصل وقتذاك إلى وضعها على خريطة الاستثمار، وتقديم بلادنا إلى العالم بوجه حضاري ضارب بجذوره في التاريخ البشري».

ولفت إلى أن التجديد والتطوير تحقق في الفعاليات الثقافية لعكاظ 11، «وانظر إلى أهمية تقييم هذه الجهود، ومن ثم تقويم ما شاب إدارتها من قصور ونقص في بعض جوانبه، ولا شك في أن القيادات في هيئة السياحة تملك روح المراجعة وسماع أصوات النقد من خارج مكاتبها».



الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...